التأثير الإيراني من المقرر أن يغير المنطقة
(مترجم)
الخبر:
التوترات الأخيرة بين إيران والسعودية كانت مضطربة منذ فترة، ولكن الصفقة النووية بين إيران والغرب هي التي عجلت الأزمات الحالية.
التعليق:
منذ أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران عام 1979، سعت أمريكا بقوة في سياسة الاحتواء وعملت جاهدةً لعزل إيران عن بقية العالم. ولكن هذه السياسة اتخذت منعطفاً جديداً عام 2002 عندما أعلن جورج بوش الابن عن إيران بأنها محور الشر، وقامت أمريكا عام 2003 بمساعدة حلفائها الأوروبيين على مراجعة البرنامج النووي الإيراني. وخلال الاثنتا عشرة سنة الماضية، فرض الغرب بالإضافة إلى الصين وروسيا – إلى حد ما – فرض عقوبات اقتصادية متعاقبة شلت الاقتصاد الإيراني ووضعت إيران في حالة منبوذة مما أجبر إيران على التنازل عن نشاطاتها النووية.
ولكن الحروب في العراق وأفغانستان والأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 قد قوضت مكانة أمريكا في المنطقة وأصبحت واشنطن أكثر اعتمادًا على دعم طهران السري في استقرار العراق وأفغانستان نيابةً عن أمريكا. على سبيل المثال، لقد استلم حامد قرضاي عام 2010 مبالغ طائلة سنويًا بعلم تام من الأمريكيين.
وبعد اندلاع الربيع العربي عام 2011 وجدت أمريكا نفسها معتمدةً أكثر وأكثر على طهران في تثبيت نظام بشار الأسد من خلال الدعم العسكري والاقتصادي.
ومن الواضح مؤخرًا مدى التعاون الأمريكي الإيراني في العراق أكثر مما مضى حيث إنهما يشتركان في قاعدة عسكرية لتثبيت نظام الأسد. وبالتالي كان الموضوع مسألة وقت قبل أن تنظر أمريكا في اتفاقية نووية مع إيران وترفع العقوبات عنها كوسيلة فضلى لإخراج إيران من عزلتها واستغلالها في تأمين المصالح الأمريكية طويلة الأمد في المنطقة.
اليوم حالة النبوذ الإيرانية على وشك أن تتغير. فإن الصفقة النووية التي تم التوصل إليها بين إيران ومجموعة H5 في الرابع عشر من تموز/يوليو 2015 قد مهدت الطريق إلى فصل جديد من العلاقات بين إيران والغرب وخصوصًا أمريكا. ومن هنا فإن ثلاثة اتجاهات من المقرر أن تعرف التأثير الإيراني في المنطقة:
- · استمرار إيران في التدخل في المنطقة
إن تدهور العلاقات الدبلوماسية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي لم يكن مفاجئًا، ولكن متوقعًا حيث مضت إيران قدمًا في تدخلها في مناطق متعددة من الشرق الأوسط. ومثال بسيط على نية إيران قد أكد عليه كلٌّ من أوباما وخامنئي في أعقاب الصفقة النووية. ولقد أوضح أوباما أن الصفقة النووية ليست مرتبطةً بتغيير سلوك إيران في المنطقة. وقال “هذه الصفقة ليست منوطة بتغيير إيران من سلوكها”. وعلى غراره قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي “سواء تمت الموافقة على الصفقة أو رفضت فلن نتوقف أبدًا عن دعم أصدقائنا في المنطقة وشعوب فلسطين واليمن وسوريا والعراق والبحرين ولبنان”. لذا فإنه من غير المحتمل على المدى المنظور أن التدخل الإيراني في شؤون المنطقة، خصوصًا ما يتعلق بأمور الشيعة، سوف يتغير، على العكس فإن من المرجح ازدياد التوترات بين السنة والشيعة في المنطقة ولا تقل كما يأمل البعض.
- · انخفاض أسعار النفط
إن رفع العقوبات عن إيران سوف يمكّن طهران من إضافة مليون برميل من النفط الخام يوميًا. إن الأسواق العالمية غارقة بالنفط الزائد وأية كمية إضافية من النفط سوف تضع المزيد من الضغوط على سعر النفط الحالي. وبحسب البنك الدولي فإن النفط الإيراني سوف يخفض الأسعار بقيمة 10 دولارات للبرميل في عام 2016.
- · ازدهار الاقتصاد الإيراني
بعدد سكان يقل قليلاً عن ثمانين مليون نسمة وناتج سنوي بقرابة 400 مليار دولار، فإنه من المقرر لإيران أن تكون الاقتصاد الأقوى الذي سوف ينضم إلى النظام المالي والتجاري العالمي منذ تفكك الاتحاد السوفياتي قبل أكثر من عقدين من الزمان.
ويقدر البنك الدولي أيضًا أن الناتج المحلي الإجمالي الإيراني سوف يزداد من 3% هذا العام (2015) إلى 5% عام 2016. كما وأكد البنك الدولي أن الصادرات الإيرانية سوف تزداد في النهاية أيضًا بما يقارب 17 مليار دولار مما يشكل 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي. بريطانيا والصين والهند وتركيا والسعودية من ضمن الدول التي سوف ترى على الأرجح الزيادة الكبرى في التجارة مع إيران بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
إن هذه الاتجاهات مثيرةً للقلق بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي. ولكن السخرية الحقيقية هي بدلاً من أن تجمع السعودية وإيران قواتهما لطرد القوات الغربية من المنطقة، فإن خلافهما يمكّن الغرب من ترسيخ سيطرته على الشرق الأوسط وتغيير طبيعة الصراع من كونه صراعًا ضد الاستعمار، إلى جعله صراعًا بين البلدان الإسلامية. إن دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة هي وحدها القادرة على توحيد المسلمين وإنهاء التدخل الغربي في بلاد المسلمين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي