مايكل أورن: واشنطن ركبت جوادها الشيعي الجديد
الخبر:
في حوار لـ”إيلاف” مع مايكل أورن وهو عضو كنيست، ومحاضر في جامعات أمريكية وشغل منصب سفير دولة يهود في واشنطن، سئل عن التغيير في السياسة الأمريكية فقال: “كنت أسمع في الأوساط الأكاديمية والدبلوماسية في منطقة جورج تاون في واشنطن، قبل تعييني سفيرًا في أواخر 2008، كلامًا عن أن الولايات المتحدة أخلّت برهانها على جوادين: الجواد السني والجواد “الإسرائيلي.” فالجواد السني أدى بحسب ما قالوا إلى خسارة كبيرة للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، وأن السنة هم من فجروا مركز التجارة العالمي في نيويورك، والجواد “الإسرائيلي” كان دائمًا يحرج الولايات المتحدة في مسألة الاستيطان، ضاربًا عرض الحائط بكل التفاهمات. بعد تعييني سفيرًا، صرت أسمع هذا الطرح من أعلى المستويات، فكانوا يقولون إن الجواد الشيعي المتمثل بإيران أفضل، وهو أكثر ديمقراطية وتحضرًا، ويتمتع بإمكانات أفضل في الشرق الأوسط. صرت أرى الولايات المتحدة تخطو نحو إيران على حساب حلفائها السابقين التقليديين، وتوجت ذلك بالاتفاق النووي مع إيران. يمكن القول إن الولايات المتحدة هاجمت كل أعداء إيران في المنطقة، من طالبان في أفغانستان إلى داعش في سوريا والعراق، ومنحت إيران حرية الحركة في العراق، انتهاء بعدم المساس بنظام الأسد في سوريا، حليف إيران، والاتفاق النووي كان إشارة “لإسرائيل” بتحول ما في الولايات المتحدة، بأن تحالفات جديدة في طور البناء، خصوصًا أن الولايات المتحدة أتمت استقلالها في مجال الطاقة وفكت ارتباطها بنفط الخليج”.
وعن باراك أوباما وما يقال عن ترشحه للأمانة العامة للأمم المتحدة بعد انتهاء عهده الرئاسي قال: “أعتقد أن هذا المنصب يلائمه، لكننا في إسرائيل سنشعر ببعض الخوف… أنا أراه أمينا عاما جيدا لكنه سيأخذ الأمر الفلسطيني إلى أبعد الحدود”.
التعليق:
منصب سفير دولة كيان يهود لدى أمريكا يعتبر أهم المناصب الدبلوماسية عند الكيان، فمن يشغله يعتبر عندهم من الشخصيات المهمة ذات الخلفية السياسية الكبيرة. فإسحق رابين شغل هذا المنصب، ثم أصبح رئيس وزرائهم، وكان رجل أمريكا في دولة الكيان، حتى قتلوه أواخر عام 1995.
ويظهر أن أورن هذا يبحث له عن موطئ قدم في رأس الهرم السياسي في دولة يهود.
لكن ما نحن بصدده هو الحديث عن رهان “جديد” لأمريكا على “الجواد الشيعي” المتمثل بإيران، فهذا كلام صريح عن علاقة الملالي بأمريكا، ويكشف بوضوح أن إيران باتت رأس حربة لأمريكا في المنطقة، وشرطيها المطيع، فالأمر أصبح معلنا لا مراء فيه، إلا أن الجديد هو “الرهان” وليس الجواد، فالجواد الإيراني نشأ وترعرع على عين أمريكا وفي حظيرتها.
أما بخصوص الرهان على “السنة” فإنه يقصد به حكام العرب، فهل انعتق هؤلاء من تبعيتهم لأمريكا واصطفوا في خندق شعوبهم في وجه أمريكا حتى لا “تراهن” عليهم؟
بالقطع لا، بل العكس هو الصحيح، فهم سادرون في غيهم، مستأسدون على شعوبهم، منبطحون على عتبات البيت الأبيض، حالهم يقول “شبيك لبيك عبدك بين يديك”، فالدور الموكول لهم لا يقل خطرا عن دور حكام إيران، فهم جميعا حرب على الإسلام، يبذلون كل جهد لقمع الشعوب، وتجويعها، ويتآمرون بشكل سافر عليها صباح مساء ـ كعادتهم ـ، إلا أن أمرا جللا جعلهم في ظل الأحداث ألا وهو ثورة الشام وصمودها في وجه كل المكائد والمؤامرات، فكان لا بد من كشف اللثام عن الرهان على “الجواد الإيراني” الذي جند في اليمن وقبلها في الشام، ليقوم بالدور القذر لإخماد ثورة الشام أو إطالة عمر النظام المجرم العميل لأمريكا ريثما تهيئ البديل.
ولئن استطاع هذا الجواد الشيعي أن يؤجج الصراع الطائفي في المنطقة مشتركا في ذلك مع آل سعود، إلا أنه فشل فشلا ذريعا في وأد ثورة الشام، فجاءت أمريكا بروسيا…
إلا أن هناك أمرا مهما لا يمكن إغفاله في أقوال أرون، ألا وهو التخلي ـ ولو جزئيا ـ عن دولة يهود كجواد يراهن عليه لحساب إيران. وهذا أمر يقلق يهود جدا، ولئن كانت أمريكا لن تتخلى عن دولة يهود في المستقبل المنظور، إلا أن التمرد اليهودي على السيد الأمريكي أصبح مرفوضا لديها بوضوح، وذهاب أوباما إلى الأمم المتحدة لتولي أمانتها سيسخر هذه الأداة بشكل أكبر للدفع باتجاه الرؤية الأمريكية للحل السلمي، وصعود نجم أرون حينها سيكون أمرا متوقعا، فهل يكمل ما بدأه رابين؟.
﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. حسام الدين مصطفى