لِيَعلمْ حُكامُ العِراقِ وأمثالُهُم أنَّ حُرُماتِ المُسلمِينَ يَحفَظُها خلِيفَتهُمُ القَادِمُ لا مُجتَمعُكمُ الدوليّ
لِيَعلمْ حُكامُ العِراقِ وأمثالُهُم
أنَّ حُرُماتِ المُسلمِينَ يَحفَظُها خلِيفَتهُمُ القَادِمُ لا مُجتَمعُكمُ الدوليّ
الخبر:
بَثتْ (الشرقية نيوز في 2016/1/18) حديثا مُطوَّلاً لصالح المطلك/ نائب رئيس الوزراء المُقال حَوْلَ أحداث محافظة (ديالى) وقضاء (المقدادية) وما يجري فيها من جرائم ارتكبتها المليشياتُ المُوَجَّهة من طهران بحق أهالي المقدادية وغيرها من مدن المحافظة المذكورة، تمثلتْ بمنع أهالي المحافظة – بعد تحرير أجزاء منها من سيطرة تنظيم “الدولة” منذ عامٍ ونصف – من العودة لديارهم، فضلاً عن قتل الأبرياء على الهوية، وتهجير العوائل من دِيارها، وتفجير المَنازل، وحَرْقِ البَساتين، وهدمِ المساجد، تلك الجرائم التي ترتقي بمجموعها إلى عملية تطهير عرقيٍّ لإخلاء المحافظة من سكانها (السُّنَّة).
وقد اتَّهمَ (المطلك) الحكومةَ ورئيسَها (العباديّ) بغض النظر عما يحدث هناك، وأن إجراءاتهم لا تعدو كونها تصريحاتٍ إعلامية لا يُرافقها أيُّ فعل حقيقيّ لرفع الأذى والظلم عن السُكان، مُهَدِّدا ومُخيِّرا لهم بين أمرين:
– فإما التَّوجه فوراً بما يَمتلكون من صلاحيات وقوى أمنية لردع تلك المليشيات، ونزع سلاحها، وحصرهِ بيد الدولة، وفرض هيبتها والاضطلاع ببناء المجتمع والمؤسسات الحكومية على أسس صحيحة،
– وإما لجوء ممثلي (السُّنَّة) من قوائم حزبية وكتل برلمانية إلى (المجتمع الدولي) ومحكمة العدل الدولية بما لديهم من وثائق وأدلة دامغة تُثْبت ادِّعاءهم لوضع حدٍّ لتلك الانتهاكات التي لا يمكن السكوت عليها بعد اليوم على حدِّ قوله..!
التعليق:
لا يحتاج المتابعُ لما يجري في محافظة ديالى، وغيرها من المحافظات التي يقطنها العرب (السُّنَّة): صلاح الدين وكركوك والموصل والأنبار، ومناطق مُحَددة من بغداد، وما أصاب أهلها من عنَتٍ وظلمٍ تأباهُ حتى وحوش الغاب لكبير جُهدٍ لفهم حقيقة الدوافع وراء تلك المآسي، التي سكتت عنها، بل وأيَّدتها سِراً حكومات ما بعد الاحتلال الأمريكي الغاشم، والتي يغلِبُ على أركانها ساسة طائفيون بامتياز.. ذلك أن تلك الجرائم تتَّسق ومشروع أقلمة العراق وتقسيمهِ إلى كياناتٍ طائفيةٍ وعرقيةٍ تؤدي إلى زوال بلد مثل العراق بما يمتلك من طاقات هائلة: بشريَّةٍ، واقتصادية، وعلميةٍ، وموقع جغرافيٍّ.. ليُصبح أثرا بعد عين بمقتضى المشروع الأمريكي الصهيونيّ الذي ترافق مع احتلال العراق، ولِتركيع أهله، وأمْنِ أعداء الأمة مما يُكِنهُ أهل هذا البلد العريق، كغيرهِ من بلاد المسلمين من كُرهٍ للمستعمرين، وشعورٍ عالٍ بالمسؤولية تجاه قضايا الأمة كفلسطين المحتلة، وضرورة طرد يهود منها على سبيل المثال لا الحصر، وتطهير بلدانهم من كُلِّ دخيلٍ ومُعْتد.
نذهب لهذا الفَهم لما يُمليه المنطقُ الصحيحُ من استغراب عَداوَاتٍ وحقدٍ غير مُبَرَّر ظهَرَ فجأةً بين إخوة الأمس وسكان العراق الواحد، وعيشهم معا أحقاباً طويلة مع حملهم لأخوَّة الإسلام، وإيمانهم بعقيدته الناصعة التي جاء بها شرع الله تعالى وأحكامه العادلة التي حرَّمت الاعتداء على الدماء والأعراض والأموال إلا بِحَقها، كما جاء ذلك صريحاً واضحاً في توجيهات النبيّ صلوات الله وسلامه عليه، كقوله: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» أخرجه الإمام مُسلم.
لكن في المقابل، ألا يُدرك هؤلاء السَّاسةُ – من كل الأطراف – عِظَمَ الجُرم الذي يرتكبونه باللجوء إلى فريةٍ تُدعَى (المجتمعَ الدوليّ) أو (المحكمة الدولية) أو مَجلسَ الشَّرّ: (مجلس الأمن الدوليّ) لإنصاف بعض المسلمين من بعض؟! ذلك أن الكُلَّ عدوٌّ للإسلام والمسلمين، وأنهم فَرِحون بما أصابنا كأمة إسلامية واحدة من تمزُّقٍ وتبعيَّةٍ تُبَرِّرُ تدخلهم في شؤوننا، بل إنَّ ما أصابنا هو من كَسب أيديهم الآثمة، ومؤامراتهم الدنيئة، وبِعَونٍ من حكام المسلمين الذين باتوا جزءًا من استراتيجية الغرب الكافر للمكر بأمة الإسلام، للحيلولة دون خلاص الأمة وانعتاقها من التَّبعيَّةِ المُذِلَّة لهم، واستبدال عقيدتهم الباطلة، وأنظمتهم الفاسدة بأحكام شرع الله تعالى ضمن مشروع الخير: مشروع استئناف الحياة الإسلامية في الدولة والمجتمع بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوَّة التي أصبحت قريبة بإذن الله عزَّ وجلَّ. ويومَها سيأخذ كلُ ذي حقٍ حقه، وينال كلُ ظالمٍ ومتآمرٍ نصِيبَهُ من الطرد والتنكيل جزاءَ ما كسبت يداهُ… قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرحمن الواثق – العراق