معاناة لاجئي سوريا في أوروبا
الخبر:
نشرت وكالات الأخبار الكثير عن معاناة لاجئي سوريا في أوروبا، وعزم بعض الدول الأوروبية على طرد الآلاف منهم!!
التعليق:
بعد أن فتحت الكثير من الدول الأوروبية الأبواب على مصراعيها للاجئين من سوريا الهاربين من جحيم الحرب التي سعّرها مجرم هذا العصر بشار الأسد، وبعد أن أوصد الطغاة حكام السوء من العرب والعجم الأبواب في وجوههم، ويمّم اللاجئون وجوههم صوب أوروبا التي خيلت للرائي أن أيام حاتم الطائي قد عادت، انقلبت الدول الأوروبية على أعقابها وبدأت تضع الخطط تلو الخطط لإقفال الأبواب في وجه مَن طرقوا أبوابها، وبدأت تضع الاستراتيجيات لإعادة اللاجئين إلى ديارهم التي أصبحت نتيجة الحرب أثراً بعد عين، مما يدل بشكل واضح أن استقبال الدول الأوروبية للاجئين لم يكن لدواعٍ إنسانية، فهي أصلا لا تقيم للإنسانية وزنا، وإنما كان لتحقيق بعض المصالح الداخلية والخارجية، وهذا هو ديدن الدول الرأسمالية، فكل ما تعرفه وتقدره وتأخذه بعين الاعتبار هو المصلحة ولا شيء غير المصلحة.
فقد هدد وزير الداخلية السويدي بطرد 80 ألف مهاجر وصلوا إلى السويد في العام الماضي وتم رفض طلب اللجوء الذي تقدموا به، وأما الدنمارك فقد أقرت قانونا يفرض على طالبي اللجوء الجدد تسليم متعلقاتهم الثمينة بما في ذلك المجوهرات والحلي للمساعدة في تغطية احتياجاتهم خلال إقامتهم في الدنمارك، ووفقا للقانون الجديد الذي تم تمريره بأغلبية كبيرة بعد عدة ساعات من النقاش فإن المهاجرين الذين يدخلون الدنمارك ومعهم متعلقات بقيمة تزيد عن 10 آلاف كرون أي ما يعادل 1450 دولار سيكون عليهم أن يساهموا في تكاليف إقامتهم!
وأما ألمانيا التي فتحت الأبواب على مصراعيها للاجئي سوريا العام الماضي، وقامت ميركل بتحدي الاتحاد الأوروبي في ذلك، ووجهت انتقادات لاذعة لدول أوروبية لم تستقبل اللاجئين، أو أساءت معاملتهم، مما حدا باللاجئين أن يطلقوا عليها لقب “ماما ميركل”، فإن اللاجئين فيها الآن يعانون معاناة شديدة من حيث السكن والنفقة وإجراءات الإقامة، وفي ولايتي بادن فورتمبيرغ وبافاريا الألمانيتين تمت مصادرة نقود وذهب من اللاجئين، وقد لحقت سويسرا وبريطانيا بهذه الدول من حيث سوء معاملة اللاجئين، لا بل إن بريطانيا أمرت اللاجئين بوضع سوار أحمر على أيديهم للحصول على الطعام، وكل من لا يضعه يحرم من الطعام!
مخطئ من يظن خيراً بهذه الدول، فهذه الدول التي تذرف دموع التماسيح بين الحين والآخر على المسلمين، في الحقيقة هي سبب شقاء المسلمين ومعاناتهم، وهي سبب فرقتهم وتشرذمهم، وهم مَن يدعم الطغاة ويحميهم، ولو أبيد المسلمون عن بكرة أبيهم ما اهتز لهم جفن.
وسيشهد التاريخ أن ما قام به الأنصار في المدينة المنورة من استقبال لإخوانهم المهاجرين من مكة المكرمة هو الأعظم في تاريخ البشرية، يوم هاجر المؤمنون من أهل مكة تاركين وراءهم البيوت والأموال والتجارة وكل ما يملكون فارين بدينهم، فاستقبلهم الأنصار أروع استقبال، وشاطروهم البيوت والأموال دون مِنّة منهم أو مصلحة يرجونها سوى رضا الله ورضا رسوله، ونزل فيهم قول الله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد أبو هشام