Take a fresh look at your lifestyle.

اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا واستمرار المراوغة والتضليل

 

 

اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا واستمرار المراوغة والتضليل

 

 

 

الخبر:

 

أعلن وزير خارجية تركيا داود جاويش أوغلو أن دخول قوات برية سعودية وتركية إلى سوريا غير وارد نهائيا.

 

التعليق:

 

 كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن إمكانية دخول قوات برية إلى سوريا. وكانت السعودية على لسان وزير خارجيتها الجبير قد صرح أكثر من مرة أن دخول قوات برية إلى سوريا لمحاربة تنظيم الدولة هو خيار لا رجعة عنه، ووردت أنباء كثيرة عن تحضير قوات سعودية لدخول سوريا من الجانب التركي. وبقي الحديث عن قوات برية سعودية وقوات عربية وتركية جاهزة للدخول إلى سوريا. إلى أن جاء تصريح داود أوغلو الأخير ليسكب ماء باردا على لهيب الحديث عن التدخل العسكري البري. وجاء تصريح أوغلو هذا بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه أمريكا وروسيا. وهذا التصريح على هذا الوجه يحتمل أمرين. الأول أن أمريكا بعد أن توصلت لاتفاق وقف إطلاق النار وجهت أمرا للسعودية وتركيا أن تكف عن الحديث عن حرب برية انسجاما مع اتفاق وقف إطلاق النار الجزئي الذي تم الإعلان عنه.

 

والثاني أن الحديث عن حرب برية من الأصل لم يكن جادا وإنما كان شكلا من أشكال جلب المعارضة السورية والثوار وضمهم تحت جناح السعودية وتركيا وتهدئتهم ريثما تصل أمريكا وروسيا إلى اتفاق سياسي يمكن لنظام أسد تثبيت ما حصل عليه خلال الشهور الماضية من سيطرة على بعض المناطق في حلب ودرعا. والذي يبدو أن هذا هو الأرجح، أي أن الحرب البرية من أصلها كانت خدعة وليست حقيقة. والذي يرجح أن موضوع الحرب البرية والتلويح بها وكثرة الحديث عنها إنما كان كذبا وتضليلا هو أن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه قد استثنى تنظيم الدولة وجبهة النصرة، والحرب البرية التي أعلنت عنها السعودية كان من المفروض أن تكون موجهة ضد تنظيم الدولة. وبالتالي فإن اتفاق وقف إطلاق النار لا يتعارض مع مثل هذه الحرب المفترضة. وبالتالي فإن الراجح هو أن الحديث عن الحرب البرية كان خدعة وتضليلا للمقاتلين والثوار الذين وثقوا بالسعودية وتركيا.

 

لقد كان الأولى بالثوار بعد مرور خمسة أعوام على حرب ضروس أن يدركوا تماما أين يقف كل طرف من الأطراف الإقليمية والدولية من هذه الثورة المباركة. فأمريكا استعملت كل ما لديها من أوراق للحيلولة بين الثورة وبين الانتصار وللحفاظ على النظام السوري الذي بنته على بصيرة منذ مجيء حافظ أسد للحكم. فقد استعملت إيران وحزبها اللبناني شر استعمال لمنع سقوط بشار حين كان على وشك الانهيار. واستعملت مبعوثي الجامعة العربية والأمم المتحدة تباعا لمنع أي حسم للثورة لصالح الإسلام في الشام مستعملة اتفاق وقف إطلاق النار مرارا وتكرارا للحيلولة دون الحسم. واستعملت السعودية لتقنين ومنع وصول السلاح الفعال للثوار. واستعملت تركيا للحديث المستمر عن منطقة عازلة طوال فترة الثورة دون أن يتحقق منه شيء، ولضبط مخيمات اللاجئين حتى لا تكون مصدر تزويد للثورة بالثوار والمال والسلاح. وأمنت لبشار الحماية من سخط عالمي أكيد حين استعمل السلاح الكيماوي ضد شعبه وثبت ذلك بما لا يقبل الشك. ثم جاءت بروسيا وأمنت لها غطاء دوليا وتبريرا لأعمالها ودمارها الشامل في كل الأرض السورية. وأمرت عملاءها وأتباعها في المنطقة أن ينظروا للوجود الروسي على أنه خطوة نحو القضاء على الإرهاب الإسلامي بحد زعمهم. وما زيارة سلمان ملك السعودية لموسكو إلا دليل على هذا التواطؤ والتآمر على ثورة الشام من قبل الجميع.

 

ومن هنا فإن التلويح بالحرب البرية من قبل أذناب أمريكا في المنطقة لم يكن إلا خداعا للثوار على اعتبار أن السعودية على استعداد لزج جيشها مع تركيا حتى وإن كان هذا الزج المعلن هو لحرب تنظيم الدولة وليس لحرب بشار ومن يسانده من الروس والإيرانيين.

 

نعم لقد كان الأولى أن يدرك الثوار بجميع أصنافهم أن الله لن يضل أعمالهم إذا هم التزموا أوامره خاصة تلك التي تتعلق بموالاة الكفار وأوليائهم وعملائهم حيث قال جل من قائل: ﴿لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وقال سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾.

 

فإلى التمسك بحبل الله المتين ندعوكم يا ثوار الشام، لقد بدأتموها لله فاجعلوا نهايتها لله وليس لأمريكا ومن والاها، والله معكم ولم يتركم أعمالكم.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

د. محمد ملكاوي

2016_02_25_TLK_3_OK.pdf