Take a fresh look at your lifestyle.

الحديث الشريف – الابتداع

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحديث الشريف

الابتداع

 

 

    نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لمسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ».

إن الله سبحانه وتعالى قد أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام الكامل الذي لا ينقصه شيء، ولا يقبل الزيادة، ولا يحوي أي جانب نقص، ولا يعجز عن معالجة أي من مشاكل الحياة، وما يخص الإنسان من أمور تتعلق بحياته من حيث التنظيم والاستغلال الصحيح لما خلق الله له وسخّره له، حيث قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) [المائدة: 3]. وفي هذه الآية، وغيرها من الآيات والأحاديث، نقطع باليقين بما لا يدع مجالًا للشك في تمام الدين، فلا نقص ولا قصر ولا عجز في القرآن والسنة النبوية وما أرشدا إليه عن علاج أية مشكلة.  

     وليس هذا فحسب، بل لم يكلف الله سبحانه وتعالى أحدًا بأكثر مما يستطيع، لعلم الله بكل شيء وما خلق من خواص الأشياء، قال الله سبحانه وتعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ..) [البقرة: 286]. وترك الله الخيار للإنسان حسب ما يختار، ولكنه وضع أمامه التكاليف وزاد عليها بالنوافل من أجل النجاة من عذاب النار، والفوز بسلعة الله الغالية (الجنة)، قال الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف: 110].

وهنا إن عدنا إلى الحديث الشريف، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»، فهذا يدل على أن الله سبحانه وتعالى لم يدع لأحد مهما كانت قدرته وعلمه أن يضيف أو يزيد أو يعدل على دينه سبحانه وتعالى، ويغير به، أو يكيفه حسب رغبته. فالعبادات لا يحق لأحد الابتداع في كيفيتها، فالله وضع لها كيفية ووقتًا معينًا شرحها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تتغير ولا تتبدل، وينظر إن كانت فيها رخصة فنراعها، وهي لا تعلل. 

 
ومن ناحية أخرى فإن من أتى ببدعة محدثة لم يحقق شهادة أن محمدًا رسول الله، والتي تقتضي اتباع سنته وعدم الحيد عنها، كما قال تعالى: (وأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153]. لهذا ما علينا هو الالتزام الكامل بما جاء به الرسول الكريم.

فما نحن الآن فيه من بدع في الدين، وافتراءات على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى شرعه، سببه فقدان الرادع الديني، وهو تقوى الله سبحانه تعالى، وعدم وجود الحامي لهذا الدين من الإضافات التي لم ينزل الله بها من سلطان. لهذا لا بد من وجود الدرع الراعي لشرع الله والحصن الحصين الذي يحمي المجتمع من ابتداع الناس بحسن نية أو بسوئها. فالله ندعو أن يهيئ لهذا الدين من يحميه ويدافع عنه ويحمي بيضته في القريب العاجل.

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.