نصائح للآباء والأمهات
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
حياكم الله من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير
ويتجدد اللقاء بكم في حلقة جديدة من حلقات نصائح للآباء والأبناء ،،
يقول رب العزة : الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ويقول أيضاً جل وعلا في محكم تنزيله 🙁 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )
نعم ،، فكما نحرَصُ على سعادة أبنائنا ومستقبلهم في الدنيا يجب أن نكون أكثر حرصا على نجاتهم من نار جهنم وسعادتهم في الآخرة، فليس من المعقول أن نربي ونعلم ونتعب ونكد ثم نلقي بأولادنا في نار جهنم ونحن لا ندري أوربما ندري ونغمض أعيننا تجاهلاً أو استخفافاً أوتهاوناً .
إننا إذا أحسنا تربية الأبناء صنعنا منهم شخصيات إسلامية متميزة تطبق الإسلام وتحمله الى العالم لتكسب عز الدارين ونعود كما كنا الأمة الأولى في العالم ( خير أمة أُخرجت للناس).
ومما يجب أن تلاحظه أخي المسلم وأختي المسلمة مصدر القيم والعادات والمفاهيم والسلوك لابنك او ابنتك ،،وهي هذه الأيام متعددة ومعظمها فاسد مُفسد ،، بما فيه من وسائل الإعلام والمدرسة والجامعة والأصحاب والنظام الحاكم وفيما ينفذ من أنظمة وقوانين.
فمثلاً الأصحاب والأصدقاء يشكلون رافداً أساسياُ لتلك القيم والمفاهيم لذلك وجب على الآباء أن يهتموا برعاية أبنائهم رعاية حقيقية تمكنهم من معرفة من يخالطون ويصاحبون، وإلي أين يغدون ويروحون ؟ وإلي أي الأماكن يذهبون، والواجب عليهم أن يوجهوهم إلي اختيار الرفقة الصالحة ليكتسبوا منها كل خلق كريم، وأدب رفيع، وعادة فاضلة، وكذلك يجنبوهم رفاق السوء، حتى لا يقعوا في حبائل غيهم، وشباك ضلالهم وانحرافهم.
ولقد حذر القرآن الكريم المسلمين من رفقاء السوء، قال تعالى: { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ( الفرقان )
والرسول الكريم نبَّه إلى أهمية اختيار الرفيق، فقال صلى الله عليه وسلم 🙁 الرجل علي دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) ( الترمذي ) وقال: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك)، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة) ( متفق عليه )
ولذلك فان الأصدقاء إما أن يكونوا رفقاء سوء وبمرافقتهم يكون الهلاك والدمار للإنسان أو أصدقاء خير وصلاح يخافون الله ويشجعون ويعينون على طريق الخير والصلاح ومعهم ستكون الراحة والحب بعيدا عن مصالح الدنيا التي باتت تغلب على أي صداقة دنيوية أخرى.
كذلك على الوالدين متابعة المناهج المدرسية لأولادهم ومشاركتهم وإبداء الراي بها والاطلاع على الأفكار التي تعطى للطلبة ومعالجة ما يتناقض مع الإسلام في ذلك وهي كثيرة في المناهج التعليمية منها الدعوة الى الديمقراطية وتقبل الآخرين وحقوق الانسان واحترام الدستور والقانون والشرعية الدولية والولاء للوطنية والقومية وترك الولاء للإسلام وغير ذلك وهذه تحتاج الى متابعة وتوضيح للأبناء حتى لا ينحرفوا إلى شخصيات علمانية بعيدة عن الإسلام .
ولا تبتعد وسائل الإعلام بوسائله المختلفة من فضائيات وما تنشره من إسفاف وفساد وهوس ،، ومن صحف وكتب وانترنت عن المناهج في ذلك ،، ولو أن تأثيرها ربما يكون أقوى وأسرع وأشد تأثيراً ، فواجبكم أيها الآباء الانتباه والتيقظ لما يراه أبناؤكم وللمواقع التي يرتادونها على الإنترنت ومواقع الدردشة الفارغة التي تضيع الوقت بما لا يفيد أبداً ، وسلحوهم بسلاح العقيدة الصحيحة القوية الراسخة التي تجعلهم يميزون بين الحلال والحرام وجعله مقياساً لأعمالهم وأساساً لسلوكهم ،وأوجدوا لهم البديل لتك الوسائل المفسدة ،.
فكما ترون إننا نعيش في تناقض كبير، فالأسرة المسلمة تحرَصُ على غرس القيم والمفاهيم الإسلامية في نفوس أبنائها، ولكن ما أن يخرجوا الى المجتمع حتى يجدوا قيماً متناقضة ًمعها، قيمٌ علمانية تفصل الدين عن الحياة، فما هو واجب الوالدين في هذه الحالة ؟
عليهما تكثيف جهودهما في بيان مفاسد القيم والمفاهيم المغلوطة التي يتعرض لها الأولاد في المدرسة أو وسائل الإعلام المختلفة، والتكرار على مسامعهم بمناقضة هذه القيم للإسلام كما ذكرنا ، هذا من ناحية،، ومن ناحية اخرى فلا يجوز للوالدين حصر أنفسهما داخل جدان البيت وإقناع أنفسهما بعدم القدرة على تغيير المجتمع، لأن ذلك سيؤدي بنا جميعا آباءً وأبناءً إلى الضياع . وجب علينا آباءٌ وأمهات العملَ لاستئناف الحياة الإسلامية وتغيير الأنظمة الحاكمة الى نظام حكم إسلامي حتى نحمي أنفسنا وأولادنا من التناقضات والصراعات والشقاء في الدنيا والآخرة، قال تعالى “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا “.
وأنت ايها الابن لم أجد لك اليوم أفضل من موعظة لقمان لابنه ،، حيث قال تعالى وهو أصدق القائلين :
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ {*} وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {*} وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {* } يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ {* } يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ” لقمان
في هذه الآيات يعظ لقمان ابنه عدة مواعظ أولها أن نهاه عن الشرك بالله واعتبره ظلما ويؤدي إلى النار .
كما وعظ ابنه ببر والديه وشكرهما وذكره بتضحيات والدته ليستثير عاطفة البنوة نحو والديه فتساعده هذه العاطفة على برهما وشكرهما.
كما وعظه بتقديم الشكر لله تعالى وشكر والديه والشكر يقتضي الطاعة، وربط ذلك بكون الله خلقه وخلق غريزة النوع في والديه فسعيا الى انجابه والاهتمام به واستثنى حالة لا يجوز فيها طاعة الوالدين وذلك اذا جاهداه على الشرك بالله ، اذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، الا ان ذلك لا يجوز ان يمنع الولد من مصاحبة الوالدين في الدنيا بالمعروف.
كما وعظه بالارتباط بالمؤمنين الذي يتبعون سبيل الله ويرجعون في سلوكهم الى دين الله، فالارتباط على أساس العقيدة الاسلامية المنبثق عنها شريعة تنظم الحياة وتعالج مشاكلها هو الارتباط الصحيح، وما عداه من روابط باطلة.
كما اهتم لقمان بعقيدة ابنه فعلمه ان يعتقد ان مآله الى الله الذي لا يغيب عنه شيء حتى لو كان هذا الشيء حبة صغيةر كحبة خردل موضوعة داخل صخرة كانت في الارض او في السماء، وان يعتقد ان الله واسع القدرة فهو القادر على الاتيان بهذه الحبة الصغيرة من مكانها فهو لطيف خبير، كما أمره باقامة الصلاة ذلك أنها عمود الدين وأول ما يسأل عنها العبد يوم القيامة، فاذا صلحت صلح سائر عمله وإذا فسدت فسد سائر عمله .
وفي أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر والصبر على ما يترتب على القيام بالفرض حتى لو أدّى إلى الأذى والاضطهاد فيجب أن يوطن نفسه على ذلك ويصبر على ما يجده حتى يكون من أولي العزم وأصحاب الإرادة القوية. وهذا الصبر لا يتأتى بالشرح والتوضيح النظري ولكنه يأتي بالتربية والسلوك العملي .
هذا ما أردنا أن نهمس في إذنكم اليوم أيها الآباء وأيها الأبناء ،، عساها تجد أذناً واعية منكم ،، وإلى لقاء آخر في حلقة جديدة من تلك النصائح .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعدتها : مسلمة