بسم الله الرحمن الرحيم
تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”
إعداد الأستاذ محمد احمد النادي
الحلقة والعشرون
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق:
عرفنا في الحلقة السابقة كيف كان خوف الصحابة وخشيتهم من الله تعالى؟ وكيف كان إيمانهم به سبحانه؟ وكيف كانت الأفكار التي يتلقونها من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تتجسد لديهم، وتتحول إلى مفاهيم يصدقون بها تصديقا جازما، يحدثهم نبيهم صلى الله عليه وسلم عن يوم القيامة فيغشى عليهم، وكأن هذا اليوم قد صار واقعا محسوسا.
وفي ظل هذه الثورات المباركة، التي ثارت فيها الشعوب ضد حكامها وأنظمتهم التي ذاقوا في ظلها الويلات والهزائم والنكبات، وفي غمرة تلمس الأمة طريق الخلاص من هؤلاء الحكام، ومن تلك الأنظمة الجائرة، والبحث عن قائد مخلص يقود الأمة إلى طريق النجاة وإلى بر الأمان نتساءل قائلين: هل لدينا في زماننا هذا الذي نعيش فيه أناس أمثال هؤلاء الصحابة، عندهم إيمان راسخ مثل إيمانهم؟
نجيب فنقول: إن الأمة الإسلامية التي أنجبت أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وخالدا وأبا عبيدة والقعقاع وصلاح الدين وغيرهم من قادة الفتح العظماء الذين سطروا التاريخ المجيد لهذه الأمة، لا زالت بحمد الله قادرة على إن تنجب قادة عظماء أمثالهم! وأدلة ذلك الكتاب والسنة:أما من الكتاب فقوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أول?ئك هم خير البرية.
جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ? رضي الله عنهم ورضوا عنه ? ذ?لك لمن خشي ربه}. (البينة 8)
لقد امتدح الله سبحانه وتعالى بهذه الآية الكريمة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما امتدح كل من عمل بمثل عملهم من المؤمنين الذين جمعوا بين الإيمان وصالح الأعمال، فهم خير الخليقة التي خلقها الله وبرأها، ثوابهم في الآخرة على ما قدموا من الإيمان والأعمال الصالحة جنات إقامة دائمة تجري من تحت قصورها أنهار الجنة، ماكثين فيها أبدا، لا يموتون ولا يخرجون منها، وهم في نعيم دائم لا ينقطع، رضي الله عنهم بما قدموا في الدنيا من الطاعات، وفعل الصالحات، ورضوا عنه بما أعطاهم من الخيرات والكرامات، وذلك الجزاء والثواب الحسن ليس لهؤلاء الصحابة وحدهم بل لكل من خاف الله واتقاه، وانتهى عن معصية مولاه.
وقوله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ? ذ?لك الفوز العظيم}. (التوبة100)
وهذه آية أخرى كريمة امتدح الله فيها صحابة النبي صلى الله عليه وسلم والذين اتبعوهم بإحسان، فالسابقون الأولون في الهجرة والنصرة، الذين سبقوا إلى الإيمان من الصحابة والذين سلكوا طريقهم واقتدوا بهم في سيرتهم الحسنة، وهم التابعون، ومن سار على نهجهم إلى يوم القيامة، وعدهم الرحمن بالغفران والرضوان، رضي الله عنهم وأرضاهم، وهذا أرقى المراتب التي يسعى إليها المؤمنون، ويتنافس فيها المتنافسون، أن يرضى الله تعالى عنهم ويرضيهم، قال الطبري: رضي الله عنهم لطاعتهم إياه وإجابتهم نبيه، ورضوا عنه لما أجزل لهم من الثواب على الطاعة والإيمان، وأعد لهم في الآخرة جنات تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار مقيمين فيها من غير انتهاء. ذلك هو الفوز العظيم الذي لا فوز وراءه، ولا فوز بعده.
وأما من السنة فقد أخرج الطبراني في الأوسط عن أبي نجيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره”. وروى سلمة بن الأكوع في سننه عن عمار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مثل أمتي كالمطر، يجعله الله في أوله خيرا، وفي آخره خيرا”.
أيها المسلمون:
لقد أكرمني الله وشرفني منذ عشرات السنين بحمل الدعوة مع حزب التحرير، وقد شارفت على الستين سائلا المولى تبارك وتعالى حسن الختام، والثبات على الإيمان، وقد عشت عيشا طبيعيا مع شباب الدعوة من القياديين، ومن غير القياديين، في السجن وفي خارج السجن، ومن خلال تجربتي الشخصية ومن خلال سيري في حمل الدعوة خرجت بنتيجة، مفادها ومؤداها أن قيادة هذا الحزب هي قيادة واعية، ومخلصة، وحكيمة، وهي قيادة حازمة، وجادة، وثابتة على الحق، لا تخشى في الله لومة لائم، ولا تطمع في شيء سوى رضا الله جل في علاه.
وأحب أن أقدم النصح لشباب الأمة الذين يقودون الحراك الشعبي، فأقول لهم: كونوا مع هذا الحزب فهو يسعى لخيركم، ولخير أمتكم، بل لخير العالم أجمع.
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، على أن نكمل تأملاتنا في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه. نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.