Take a fresh look at your lifestyle.

أوباما يدخل معركة بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي

 

أوباما يدخل معركة بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي

 

 

 

الخبر:

 

كان هذا عنوان خبر نشرته جريدة “الحياة اللندنية” على موقعها الإلكتروني جاء فيه: “أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم (الجمعة) من لندن رغبته في بقاء بريطانيا، الدولة الحليفة، داخل الاتحاد الأوروبي.

 

وفي مقال طغت عليه نبرة شخصية نشرته صحيفة «ديلي تلغراف» بعد ساعات على هبوط الطائرة الرئاسية في لندن، كتب أوباما أن «الاتحاد الأوروبي لا يقلل من نفوذ بريطانيا بل على العكس يعطيه بعداً أكبر».

 

وأكد أوباما في مقالته الطويلة أن «الولايات المتحدة والعالم في حاجة إلى استمرار نفوذكم الكبير (بريطانيا) بما في ذلك داخل أوروبا».

 

وشدد على أهمية بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى المسائل الأمنية أيضاً، وقال إن «عشرات الآلاف من الأمريكيين الذين يرقدون في المقابر الأوروبية يثبتون مدى تشابك ازدهارنا وأمننا»، في إشارة إلى دخول القوات الأمريكية الحربين العالميتين.

 

التعليق:

 

من يقرأ كلام أوباما هذا، ممن لا يعي على أحابيل ومكائد السياسة الغربية الميكافيلية، ربما يتوهم أن أمريكا حريصة على مصلحة بريطانيا، بل حريصة على مصلحة دول الاتحاد الأوروبي، وبقائها موحدة.

 

بينما من كان واعيا مدركا للنفعية الرأسمالية التي تعتنقها أمريكا، وأنها لا تفكر إلا في نفسها، ولا يعنيها إلا مصلحتها فقط، وأن مصلحتها هذه قائمة على أساس السيطرة على الآخرين وإبقائهم ضعفاء، لتبقى هي الدولة الأولى في العالم، وتبقى باسطة نفوذها على دوله؛ من كان يدرك ذلك، ويدرك أيضا أن الاتحاد الأوروبي لو كان اتحادا متماسـكاً يستطيع مزاحمة أمريكا على النفوذ الدولي اقتصـادياً وسياسياً، وإلى حد ما عسـكـرياً، وأن “الاتحاد الأوروبي عملاق اقتصادي تخشاه أمريكا، وتعمل كل ما في وسعها لتقزيمه؛ لأنه منافس حقيقي لها في مجال الاقتصاد”، نعم من كان يدرك ذلك يعلم تماما أن دعوة أوباما بريطانيا للبقاء داخل الاتحاد الأوروبي، ليست لمصلحة بريطانيا وتقويتها بل لإضعاف الاتحاد الأوروبي وتقزيمه بها.

 

هذه حقيقة وعاها حزب التحرير وأدركها منذ زمن طويل، وذكرها في مواضع عدة، ومن ذلك ما ذكره في كتاب “مفاهيم سياسية لحزب التحرير” حيث قال: “ومثلاً الخطة الأمريكية، التي وضعت لمنع صيرورة الاتحاد الأوروبي لحمة واحدة تشكل خطراً على أمريكا، قامت على أساس محاور ثلاثة هي:

 

أولاً: توسيع الاتحاد الأوروبي بدول أوروبا الشرقية، وهذه الدول صنيعة أمريكا، ورأس حربتها؛ لإدخال تأثير أمريكا في الاتحاد. وقد ظهر هذا عندما أيـدت هذه الدول رؤية أمريكا في عدوانها على العراق، ما جعل رامسفيلد يتهكم على أوروبا بمسمى القديمة والجديدة. ولقد استشاط شيراك الرئيس الفرنسي غضباً من تصرفات هذه الدول، وحاول أن يوحي إليها أن اصطفافها بجانب أمريكا سيعرقل قبولها النهائي في الاتحاد، ومع ذلك أقر انضمامها في اجـتماع الاتحاد الأوروبي الحاسم لقبول الأعضاء الجدد، ولم تستطع فرنسا تعطيل الانضمام.

 

ثانياً: استمرار وجود الحلف الأطلسي رغم حلّ حلف وارسو المقابل، ثم توسيع استراتيجية الحلف ليتدخل في المشاكل الأمنية في أوروبا، بدل الدفاع الخارجي عنها كما كان في أصل نشأته. ولما شعرت أوروبا بخطر الحلف عليها، لقيادة أمريكا الفعلية له، تداعت فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولكسمبورغ لتشكيل قوة أوروبية خاصة، فاعترضت الولايات المتحدة على ذلك، ولا زالت تثير لأوروبا المتاعب قبل أن ترى القوةُ الأوروبية الخاصة النورَ فعلاً.

 

ثالثاً: استغلال أمريكا للموقف البريطاني. فبريطانيا بدهائها المعهود لا تريد للاتحاد الأوروبي أن يصبح قوةً واحدةً تذوب بريطانيا خلاله، وتصبح دولة هامشية كلكسمبورغ مثلا،ً فهي لا تزال تحمل في أعماقها عظمة الإمبراطورية التي لا تغيب عن ممتلكاتها الشمس؛ لذلك نراها عرقلت تكوين الاتحاد، ولم تدخله إلا لما رأته أمراً واقعاً، فدخلته لإضعافه. ولا زالت حتى الآن لم تشترك في العملة الأوروبية الموحدة (اليورو). وعقلية الإمبراطورية عندها تجعلها تبحث عن دور على المسرح الدولي في أي طريق وجدته.”

 

وقال الحزب أيضا في الكتاب نفسه: “نتيجةً للسياسة البريطانية التي لا تريد لنفسها أن تذوب في الاتحاد الأوروبي فتكون دولةً مثل لوكسمبورغ مثلاً؛ ولذلك فهي تضع قدماً في الاتحاد الأوروبي، وأخرى في أمريكا، فتتلاقى مصالحها مع مصالح أمريكا في نقطة إضعاف الاتحاد الأوروبي: بريطانيا لتبقى هي المتنفذة في أوروبا، وأمريكا لكي لا تزاحمها أوروبا لو أصبحت قوةً موحدةً.”

 

وصدق فيهم قوله عز وجل: ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ﴾

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

محمد عبد الملك

2016_04_27_TLK_4_OK.pdf