Take a fresh look at your lifestyle.

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية” الحلقة السادسة والأربعون

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تأملات في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”

الحلقة السادسة والأربعون

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

أيها المسلمون:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: “من مقومات النفسية الإسلامية”. ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق: موضوع حلقتنا لهذا اليوم هو “ثبات حاملي الدعوة من شباب حزب التحرير اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام”.

في ولاية الأردن ضرب حاملو الدعوة من شباب حزب التحرير أروع الأمثلة في الثبات أمام السلطات الأمنية وأجهزة المخابرات العامة الذين أذاقوا الشباب أشد صنوف العذاب. نتابع معكم الموقف الثاني من المواقف التي تدل على ثباتهم: وهو موقف وقفه أحد شباب الحزب الذين أعرفهم معرفة جيدة، والذي كان قد طلب إلي ألا أصرح باسمه، ولكن أرويها لكم كما سمعتها.

زار الشاب والده وهو معتقل في مبنى المخابرات العامة، وقبل أن يجمعوهما معا: تم التحقيق مع والده فوجدوا أن الوالد ينتمي لتيار دعوي آخر لا يهتم بالأفكار السياسية فاستغلوا هذه الناحية لصالحهم! قالوا لوالده: إننا نفسح لك المجال لأن تدعو، أقنع ولدك بأن يدعو على طريقتك، ثم خذه واخرج من عندنا أنت وإياه، وقالوا له أيضا: هناك سببان لبقاء ولدك عندنا: السبب الأول يتعلق بالأفكار السوداء التي تسيطر على عقله، منها: فكرة الخلافة، وفكرة الجهاد، وفكرة الحكم بما أنزل الله. والسبب الثاني يتعلق بلسانه، ادعه كي يفك العقدة من لسانه، ويجيبنا عن الأسئلة التي نوجهها إليه. فإن فعل ذلك، فخذه معك!

حاول الوالد مع ولده، لكن المحاولة باءت بالفشل! ولكن والده لم ييأس وحاول أن يثنيه عن حمل الدعوة مرة أخرى عندما زاره هو وابن عم له حين كان الولد موقوفا لأجل غير محدد في السجن الذي يطلقون عليه بهتانا وزورا بأنه مركز إصلاح.

 

وقد جرى بينهما الحوار الآتي:

– الوالد: إلى متى يا ولدي ستبقى هكذا؟ ألا تريد أن تغير وتبدل؟ إذا أردت أن تغير وتبدل أقوالك لتعود إلى عملك، فسأجمعك أنت والمختار ومدير السجن.
– الشاب: ألست يا والدي تدعو إلى الله، وتقول: إن نجاحنا وفلاحنا هو  باتباع أوامر الله، وعلى طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

– الوالد: بلى.     

     
– الشاب: هل ما قلت لي يا والدي من طريق رسول صلى الله عليه وسلم؟ أنه كان يمر على آل ياسر وهم يعذبون، فماذا كان يقول لهم يا ترى؟ هل كان يقول لهم: غيروا وبدلوا. أم أنه كان يقول لهم: صبرا آل ياسر؛ فإن موعدكم الجنة!؟ فإذا أردت يا والدي اتباع طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل لي عندما تأتي لزيارتي: صبرا يا بني فإن موعدك الجنـة!  
– ابن عم الوالد: هذا صحيح!

– الشاب: ثم يا والدي: من الذي ينبغي أن يغـير؟ هل هو حامل الدعوة الذي يدعو إلى التمسك بالحق؟ أم الحاكم الذي يحكم بأنظمة الكفر؟ الوالد وابن عم الوالد: …. صامتان لا يتكلمان!

– الشاب: ثم يا والدي، سأتلو على مسمعك آية كريمة من بدايتها، وأريد منك أن تتم قراءتها. قال تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ? فمنهم من قضى? نحبه ومنهم من ينتظر}. (الأحزاب 23)

– الشاب: أليس تمامها قوله تعالى: {وما بدلوا تبديلا}؟ فإذا كان الله تعالى يطلب منا أن نثبت على الحق لا أن نـبدل كما تقول، فهل أطيعك في معصية الله، أم أطيع الله فيك؟   

– ابن عم الوالد: هيا بنا أيها الحاج، لقد انتهى وقت الزيارة وعلينا أن نغادر، إن كلام ولدك صحيح، وهو وأفراد حزبه على حق. فكلهم متعلمون، وواعون، ولا ينطقون إلا بما يقرءون من الكتب!   

    
أجل أيها المسلمون هكذا كان موقف حاملي الدعوة من شباب حزب التحرير، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام! لم يكتفوا بالثبات على الحق أثناء حمل الدعوة، بل يطمحون إلى أن يكونوا ثابتين أيضا أمام الكفار في ساحات القتال، وفي ميادين الجهاد في سبيل الله! وقد صدق فيهم قول الشاعر:

قف دون رأيك في الحياة مجاهدا        إنما الحيـاة عقيـدة وجهـاد

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

محمد احمد النادي