نفائس الثمرات- طالب الآخرة ليفوز في الآخرة متشبه بالملائكة
طالب الآخرة ليفوز في الآخرة متشبه بالملائكة، وطالب الشر متشبه بالشياطين، وطالب الصوت والغلبة متشبه بالسباع، وطالب اللذات متشبه بالبهائم، وطالب المال لعين المال لا لينفقه في الواجبات والنوافل المحمودة أسقط وأرذل من أن يكون له في شيء من الحيوان شبه، ولكنه يشبه الغدران التي في الكهوف، في المواضع الوعرة، لا ينتفع بها شيء من الحيوان. فالعاقل لا يغتبط بصفه يفوقه فيها سبع أو بهيمة أو جماد، وإنما يغتبط بتقدمه في الفضيلة التي أبانه الله تعالى بها عن السباع والبهائم والجمادات، وهي التمييز الذي يشارك فيه الملائكة. فمن سر بشجاعته التي يضعها في غير موضعها لله عز وجل فليعلم أن النمر أجرأ منه، وأن الأسد والذئب والفيل أشجع منه، ومن سر بقوة جسمه، فليعلم أن البغل والثور والفيل أقوى منه جسماً، ومن سر بحمله الأثقال، فليعلم أن الحمار أحمل منه، ومن سر بسرعة عدوه، فليعلم أن الكلب والأرنب أسرع عدواً منه، ومن سر بحسن صوته، فليعلم أن كثيراً من الطير أحسن صوتاً منه، وأن أصوات المزامير ألذ وأطرب من صوته، فأي فخر وأي سرور في ما تكون فيه هذه البهائم متقدمة عليه. لكن من قوى تمييزه، واتسع علمه، وحسن عمله، فليغتبط بذلك، فإنه لا يتقدمه في هذه الوجوه إلا الملائكة، وخيار الناس.