Take a fresh look at your lifestyle.

 مع الحديث الشريف مَنْ عادَىْ لِيْ وَلِيّاً

 

 

‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏

‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِنَّ اللَّهَ قَالَ ‏ ‏مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ ‏ ‏آذَنْتُهُ ‏ ‏بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ

جاء في فتح الباري بشرح صحيح البخاري باختصار

 قَوْله ( إِنَّ اللَّه تَعَالَى

قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : هَذَا مِنْ الْأَحَادِيث الْقُدْسِيَّةِ . قُلْت : وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ بِهِ عَنْ جِبْرِيل عَنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَذَلِكَ فِي حَدِيث أَنَسٍ .

قَوْله ( مِنْ عَادَى لِي وَلِيًّا ) ‏

الْمُرَاد بِوَلِيِّ اللَّهِ الْعَالِم بِاَللَّهِ الْمُوَاظِب عَلَى طَاعَته الْمُخْلِص فِي عِبَادَته .  ‏

قَوْله ( فَقَدْ آذَنْته ) ‏

 أَيْ أَعْلَمْته , وَمِنْهُ أُخِذَ الْأَذَانُ . ‏

قَوْله ( بِالْحَرْبِ ) ‏

فَكَأَنَّ الْمَعْنَى فَقَدْ تَعَرَّضَ لِإِهْلَاكِي إِيَّاهُ . ‏

قَوْله ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا اِفْتَرَضْت عَلَيْهِ ) ‏

يَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا اللَّفْظِ جَمِيعُ فَرَائِضِ الْعَيْنِ وَالْكِفَايَةِ. ‏

قَوْله ( وَمَا زَالَ ) ‏

فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ ” وَمَا يَزَالُ ” بِصِيغَةِ الْمُضَارَعَةِ . ‏

قَوْله ( يَتَقَرَّب إِلَيَّ ) ‏

التَّقَرُّب طَلَبُ الْقُرْبِ ‏

قَوْله ( بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أَحْبَبْته ) ‏

وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ بِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا أَنَّ الْفَرَائِضَ أَحَبُّ الْعِبَادَاتِ الْمُتَقَرَّبِ بِهَا إِلَى اللَّهِ فَكَيْفَ لَا تُنْتِجُ الْمَحَبَّةَ ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ النَّوَافِلِ مَا كَانَتْ حَاوِيَةً لِلْفَرَائِضِ مُشْتَمِلَةً عَلَيْهَا وَمُكَمِّلَةً لَهَا , وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي أُمَامَةَ ” اِبْن آدَم . إِنَّك لَنْ تُدْرِكَ مَا عِنْدِي إِلَّا بِأَدَاءِ مَا اِفْتَرَضْت عَلَيْك.

قَوْله ( فَكُنْت سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ ) ‏

زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ ” بِهِ ” . ‏

قَوْله ( وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ) ‏

وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ كَيْفَ يَكُونُ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا سَمْعَ الْعَبْدِ وَبَصَرَهُ إِلَخْ ؟ وَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى سَبِيل التَّمْثِيلِ , وَالْمَعْنَى كُنْت سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ فِي إِيثَارِهِ أَمْرِي فَهُوَ يُحِبُّ طَاعَتِي وَيُؤْثِرُ خِدْمَتِي كَمَا يُحِبّ هَذِهِ الْجَوَارِح : ثَانِيهَا أَنَّ الْمَعْنَى كُلِّيَّته مَشْغُولَةٌ بِي فَلَا يُصْغِي بِسَمْعِهِ إِلَّا إِلَى مَا يُرْضِينِي , وَلَا يَرَى بِبَصَرِهِ إِلَّا مَا أَمَرْتُهُ بِهِ . ثَالِثهَا الْمَعْنَى أُحَصِّلُ لَهُ مَقَاصِدَهُ كَأَنَّهُ يَنَالُهَا بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ إِلَخْ . رَابِعهَا كُنْت لَهُ فِي النُّصْرَة كَسَمْعِهِ وَبَصَره وَيَده وَرِجْلِهِ فِي الْمُعَاوَنَة عَلَى عَدُوِّهِ خَامِسهَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَسَبَقَهُ إِلَى مَعْنَاهُ اِبْن هُبَيْرَة : هُوَ فِيمَا يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ , وَالتَّقْدِيرُ كُنْت حَافِظ سَمْعِهِ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ فَلَا يَسْمَعُ إِلَّا مَا يَحِلُّ اِسْتِمَاعُهُ , وَحَافِظ بَصَرِهِ كَذَلِكَ إِلَخْ . سَادِسُهَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ : يَحْتَمِل مَعْنًى آخَرَ أَدَقَّ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ , وَهُوَ أَنْ يَكُون مَعْنَى سَمْعِهِ مَسْمُوعَهُ , لِأَنَّ الْمَصْدَر قَدْ جَاءَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ مِثْل فُلَانٌ أَمْلَى بِمَعْنَى مَأْمُولِي , وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ إِلَّا ذِكْرِي وَلَا يَلْتَذُّ إِلَّا بِتِلَاوَةِ كِتَابِي وَلَا يَأْنَسُ إِلَّا بِمُنَاجَاتِي وَلَا يَنْظُرُ إِلَّا فِي عَجَائِبِ مَلَكُوتِي وَلَا يَمُدُّ يَدَهُ إِلَّا فِيمَا فِيهِ رِضَايَ وَرِجْله كَذَلِكَ , وَبِمَعْنَاهُ قَالَ اِبْن هُبَيْرَة أَيْضًا . وَقَالَ الطُّوفِيُّ : اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء مِمَّنْ يُعْتَدّ بِقَوْلِهِ أَنَّ هَذَا مَجَاز وَكِنَايَة عَنْ نُصْرَة الْعَبْد وَتَأْيِيده وَإِعَانَته , حَتَّى كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُنَزِّلُ نَفْسَهُ مِنْ عَبْدِهِ مَنْزِلَةَ الْآلَاتِ الَّتِي يَسْتَعِينُ بِهَا وَلِهَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ ” فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَمْشِي “. ‏

قَوْلُهُ ( وَإِنْ سَأَلَنِي ) ‏

زَادَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ” عَبْدِي ” . ‏

قَوْلُهُ ( أَعْطَيْته ) ‏

أَيْ مَا سَأَلَ . ‏

قَوْله ( وَلَئِنْ اِسْتَعَاذَنِي ) ‏

 وَالْمَعْنَى أَعَذْته مِمَّا يَخَاف ,وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْعُبَّادِ وَالصُّلَحَاءِ دَعَوْا وَبَالَغُوا وَلَمْ يُجَابُوا , وَالْجَوَاب أَنَّ الْإِجَابَةَ تَتَنَوَّعُ : فَتَارَةً يَقَع الْمَطْلُوبُ بِعَيْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ , وَتَارَةً يَقَعُ وَلَكِنْ يَتَأَخَّرُ لِحِكْمَةٍ فِيهِ , وَتَارَة قَدْ تَقَع الْإِجَابَة وَلَكِنْ بِغَيْرِ عَيْنِ الْمَطْلُوبِ حَيْثُ لَا يَكُون فِي الْمَطْلُوب مَصْلَحَةٌ نَاجِزَةٌ وَفِي الْوَاقِع مَصْلَحَة نَاجِزَة أَوْ أَصْلَحُ مِنْهَا .

قَوْله ( وَمَا تَرَدَّدْت عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ) ‏

قال الْكَرْمَانِيُّ أَنَّ الْمُرَاد بالتردد أَنَّهُ يَقْبِض رُوح الْمُؤْمِن بِالتَّأَنِّي وَالتَّدْرِيجِ , بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ كُنْ سَرِيعًا دَفْعَةً . ‏

قَوْله ( يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مُسَاءَتَهُ ) ‏

أَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي ” الزُّهْد ” عَنْ الْجُنَيْد سَيِّد الطَّائِفَةِ قَالَ : الْكَرَاهَة هُنَا لِمَا يَلْقَى الْمُؤْمِن مِنْ الْمَوْت وَصُعُوبَتِهِ وَكَرْبِهِ , وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنِّي أَكْرَهُ لَهُ الْمَوْت لِأَنَّ الْمَوْت يُورِدُهُ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَمَغْفِرَتِهِ اِنْتَهَى . وَعَبَّرَ بَعْضهمْ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْمَوْت حَتْم مَقْضِيّ , وَهُوَ مُفَارَقَة الرُّوح لِلْجَسَدِ , وَلَا تَحْصُل غَالِبًا إِلَّا بِأَلَمٍ عَظِيم جِدًّا كَمَا جَاءَ عَنْ عَمْرو بْن الْعَاصِ أَنَّهُ سُئِلَ وَهُوَ يَمُوت فَقَالَ : ” كَأَنِّي أَتَنَفَّس مِنْ خُرْم إِبْرَة , وَكَأَنَّ غُصْن شَوْك يَجُرُّ بِهِ مِنْ قَامَتِي إِلَى هَامَتِي “

مستمعينا الكرام:

إنَّ التقربَ إلى اللهِ طريقُ التوفيقِ والفَلاحِ. فنسألُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أوليائِهِ الذينَ ذَكَرَهُمْ في الحديثِ الشريفِ. فَلْنَجْهَدْ في طاعةِ اللهِ، ولنتقربْ إليهِ بالفرائضِ والنوافلِ حتى يَرْضَى الله عنا ويرحَمَنا، وفي ذلكَ فليتنافَسِ المتنافسونَ. وإنا لَنَرْجُوهُ سبحانَهُ وتعالى أنْ يكونَ وُجُوْدُ هذا الطِّرازِ مِنَ الرجالِ طَريقَ التوفيقِ فَيُعَجَّلَ لنا بالنصرِ ويُمَكَّنَ لنا في الأرضِ، فَتَقُوْمَ دولةُ الخلافةِ وتَعْلُوْ رايةُ الإسلامِ مِنْ جديدٍ إنه على كلِّ شيءْ قديرٌ وبالإجابةِ جَديرٌ..