Take a fresh look at your lifestyle.

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح2) منهجنا في كتاب بلوغ المرام

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح2)

منهجنا في كتاب بلوغ المرام

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا أحْكَامَهُ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: “بُلُوغُ المَرَامْ مِنْ كِتَابْ نِظَامِ الإِسلام” وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّانِيَةِ نَستَعرِضُ وَإِيَّاكُمْ خِلالَهَا مَنهَجَنَا فِي كِتَابِ “بُلُوغِ المَرَامِ”.

 

بَادِئَ ذِي بِدْءٍ نَقُولُ لِمَنْ يَتَسَاءَلُ عَنِ المَعنَى الَّذِي يَحْمِلُهُ اسْمُ كِتَابِنَا “بُلُوغُ المَرَامْ مِنْ كِتَابِ “نِظَامُ الإِسلامْ”: إِنَّ كَلِمَةَ “بُلُوغ” مُشتَقَّةٌ مِنَ الفِعْلِ: “بلَغَ, يَبلُغ، بُلُوغًا وبَلاغًا” فَهُوَ بَالِغٌ. نَقُولُ: بَلَغَ الغُلاَمُ: أي أدْرَكَ سِنَّ الرُّشْدِ. وَنَقُولُ: بَلَغَ الْوَلَدُ أَشُدَّهُ: أيْ وَصَلَ سِنَّ الرُّجُولَةِ وَالكَمَالِ. وَنَقُولُ: بَلَغَ عَدَدُ الحَاضِرينَ المائَةَ: أي وَصَلَ. وَنَقُولُ: يَحْتَاجُ بُلُوغُ الْمَرامِ إلَى جُهْدٍ وَصَبْرٍ: أيْ يَحتَاجُ الوصُولُ إلَى الهَدَفِ وَتَحْقِيقُهُ إلَى جُهْدٍ وَصَبْرٍ. وَمِنْهُ قَولُ اللهِ تَعَالَى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ). (الصافات 102) وَقَولُهُ: (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْ‌بَعِينَ سَنَةً). (الأحقاف 15) وَقَولُهُ: (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ). (الكهف 90) وَغَيرُهُ كَثِيرٌ. فَكَلِمَةُ “بَلَغَ” تَعنِي وَصَلَ. وَكَلِمَةُ “المَرَامِ” تَعنِي الهدف, وَهِيَ هُنَا تَعنِي الغَايَةَ النَّبِيلَةَ, وَالهَدَفَ العَظِيمَ آمِلِينَ مِنَ اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ أنْ يُمَكِّنَنَا فِي هَذَا الكِتَابِ مِنْ إِيصَالِهِمَا إِلَيكُمْ.

 

وَسَيَكُونُ مَنهَجُنَا فِيهِ بِمَشِيئَةِ اللهِ بِأنْ نَعرِضَ نَصًّا مِنْ كِتَابِ “نظامُ الإسلام” لِلشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ, ثُمَّ نَذكُرَ تَأمُّلاتِنَا حَولَ هَذَا النَّصِّ, وَبَعدَهَا نُبَيِّنُ وَنُبرِزُ وَنُظْهِرُ بَعضَ الأفَكَارِ الوَارِدَةِ فِيهِ, ثم نَعرِضُ الصُّوَرِ وَالرُّسُومِ وَالجَدَاوِلَ التَّوضِيحِيَّةِ الَّتِي تَزِيدُ المَسَائِلَ وُضُوحًا في الأذهان, وَتَركِيزًا وَتَرسِيخًا فِي العُقُولِ.

 

كِتَابِ “نِظَامُ الإِسلامِ” كَغَيرِهِ مِنْ كُتُبَ الحِزْب الَّتِي أُلِّفَتْ مِنْ أَجْلِ تَثقِيفِ الأُمَّةِ بِثَقَافَةِ الإِسلامِ, وَإِنَّ الشَّيخَ تَقِيَ الدِّينِ النَّبهَانِيَّ – رَحِمَهُ اللهُ – كَتَبَهَا وَألَّفَهَا بِطَرِيقَةٍ فَرِيدَةٍ مِنْ نَوعِهَا, وَجَعَلَهَا مُمَيَّزَةً حَتَّى لا تُصبِحَ مِثْلَ الكُتُبِ العَادِيَّةِ, عَلَى أسَاسِ أنَّهَا يَتِمَّ تَلَقِّيهَا فِكْرِيًا, فَلَمْ يُخَرِّجْ أحَادِيثَهَا, وَلَمْ يَذْكُرْ أقْوَالَ الفُقَهَاءِ فِيهَا؛ وَلَمْ يَجْعَلْ لِهَذِهِ الكُتُبِ حَوَاشِيَ أو شُرُوحَاتٍ, بَلْ جَعَلَهَا أَوعِيَةً فِكْرِيَّةً, حَتَّى لا يَتَشَتَّتَ فِكْرُ المُتَلَقِّي, وَلا يَحِيدَ عَنِ الهَدَفِ, بَلْ يَظَلُّ مُرَكِّزًا بِعَقلِهِ نَحْوَ الفِكْرَةِ حَتَّى تَتَحَوَّلَ لَدَيهِ إِلَى مَفْهُومٍ يُوَثِّرُ فِي سُلُوكِهِ تَأثِيرًا إِيجَابِيًّا نَحْوَ الالتِزَامِ بِتَعَالِيمِ الإِسلامِ. وَلِئَلاَّ يَكُونَ لِلعُلَمَاءِ حُجَّةٌ عَلَى الأمِيرِ الثَّانِي لحِزبِ التَّحرِيرِ الشَّيخِ عَبدِ القَدِيم زَلُّوم أعَادَ – رَحِمَهُ اللهُ – طِبَاعَةَ هَذِهِ الكُتُبِ وَتَدقِيقَهَا, فَظَهَرَتْ بِحُلَّتِهَا الجَدِيدَةِ, وَقَدِ ازدَادَتْ ألقًا بِتَخرِيجِ الأحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِيهَا.

 

أيها المؤمنون:

 

دَعَانِي إِلَى الكِتَابَةِ فِي هَذَا البَحْثِ دَاعِيَانِ: أمَّا الأوَّلُ فَهُوَ إِحسَاسِي بِالمَسؤُولِيَّةِ أمَامَ اللهِ تَعَالَى, وَأمَّا الثَّانِي فَهُوَ شُعورِي بِثِقَلِ الأمَانَةِ المُلقَاةِ عَلَى عَاتِقِي تُجَاهَ أبنَاءِ الجِيلِ الحَاضِرِ الَّذِينَ عِشْتُ بَينَ ظَهرَانِيهِمْ عُقُودًا مِنَ الزَّمَنِ, وَتُجَاهَ الأجيَالِ القَادِمَةِ الَّذِينَ يَعِيشُونَ مِنْ بَعدِي فِي ظِلِّ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنهَاجِ النُّبوَّةِ, الَّتِي أمضَيتُ نِصْفَ عُمرِي مُتَلَبِّسًا بِالعَمَلِ لإِقَامَتِهَا, فَوَجَدْتُّ أنَّ مِنْ حَقِّهِمْ عَلَيَّ أنْ أكتُبَ لَهُمْ؛ كَي أوصِلَ أفكَارَ الإِسلامِ وَمَفَاهِيمَهُ إِلَى أذهَانِهِمْ وَعُقُولِهِمْ بِأسلُوبٍ سَهْلٍ مَيسُورِ, حَتَّى يَكُونُوا أجيَالاً صَالِحِينَ مُتَّقِينَ, مُطِيعِينَ للهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى, مُلتَزِمِينَ مَنهَجَهُ, مُقتَدِينَ بِحَبِيبِهِمُ المُصطَفَى r, مُتَمَسِّكِينَ بِسُنَّتِهِ وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهدِيِّينَ مِنْ بَعدِهِ, عَاضِّينَ عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ, مُطِيعِينَ لأمرِ خَلِيفَةِ المُسلِمِينَ, حَرِيصِينَ كُلَّ الحِرْصِ عَلَى دَولَتِهِمْ, يَفتَدُونَهَا بِالمُهَجِ وَالأروَاحِ, وَيَكُونُونَ مِنْ جُنُودِهَا الأوفِيَاءِ المُخلِصِينَ.

 

وَمَا قُمْتُ أو سَأقُومُ بِهِ فِي كِتَابِي المُسَمَّى: “بُلُوغُ المَرَامْ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الإِسلامْ” مِنْ ذِكْرٍ لِبَعضِ المَوَاقِفِ التَّعلِيمِيَّةِ الَّتِي حَدَثَتْ بَينِي وَبَينَ تَلامِيذِي, وَمن إِيضَاحَاتٍ, وَشُرُوحٍ, وَصُوَرَ, وَجَدَاوِلَ, وَرُسُومٍ, وَتَسهِيلٍ, وَتَيسِيرِ عَلَى الدَّارِسِينَ, هُوَ جُهْدٌ شَخصِيٌّ مِنِّي, نَابِعٌ مِنْ كَونِي مُدَرِّسًا أمْضَيتُ عُمُرِي فِي تَدرِيسِ النَّاشِئَةِ, وَتَخرِيجِ الأجْيَالِ, وَمِنْ إِحْسَاسِي العَمِيقِ بِالمَسؤُوليَّةِ أمَامَ اللهِ تَعَالَى, وَمن ثَمَّ تِجَاهَ الأجيَالِ الحَالِيَّةِ وَالقَادِمَةِ, خُصُوصًا لأنَّنِي جَاوَزْتُ السِّتينَ, فَلَم يَبقَ لِي مِنَ العُمْرِ مِثْلَمَا بَقِيَ, فَحَرِصْتُ عَلَى أنْ أتْرُكَ صَدَقَةً جَارِيَةً وَعِلْمًا يُنتَفَعُ بِهِ, فَكَتَبْتُ كُتُبِي, وَكُتُبُ الحِزْبِ بَاقِيَةٌ لَمْ تُمَسَّ, وَتُؤَدِّي الغَرَضَ الَّذِي وُضِعْتْ مِنْ أجْلِهِ, وكُتُبِي تُسهِمُ وَلَو قَلِيلاً فِي إِيصَالِ الفِكْرَةِ وَإِفهَامِهَا لِلأَجيَالِ, فَإِنْ أصَبْتُ فَمِنَ اللهِ وَحْدَهُ, لَهُ المِنَّةُ وَالفَضْلُ وَالثَّنَاءُ الحَسَنُ, وَإِنْ أخْطَأتُ فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيطَانِ, أسْألُ اللهَ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ.

 

وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْ مُستَمِعِينَا الكِرَامَ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأَفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ: منهجنا في كِتَابِنَا: “بُلُوغُ المَرَامْ مِنْ كِتَابْ نِظَامِ الإِسلام” يتلخص في النقاط الآتية:

 

  1. نَعرِضُ نَصًّا مِنْ كِتَابِ “نظامُ الإسلام” لِلشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ رحمه الله.
  2. ثُمَّ نَذكُرَ تَأمُّلاتِنَا حَولَ هَذَا النَّصِّ.
  3. ثُمَّ نَذكُرُ – إِنْ وُجِدَتْ – بَعْضَ تَجَارِبِنَا الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي مَرَرْنَا بِهَا أثنَاءَ حَمْلِ الدَّعوَةِ.
  4. ثُمَّ نُبَيِّنُ وَنُبرِزُ وَنُظْهِرُ بَعضَ الأفَكَارِ الوَارِدَةِ فِيهِ.
  5. ثُمَّ نَعرِضُ الصُّوَرِ وَالرُّسُومِ وَالجَدَاوِلَ التَّوضِيحِيَّةِ.

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.