Take a fresh look at your lifestyle.

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح14) ثبوت الحاجة إلى الرسل

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 

(ح14)

 

 ثبوت الحاجة إلى الرسل

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا “بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام” وَمَعَ الحَلْقَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ, وَعُنوَانُهَا: “ثُبُوتُ الحَاجَةِ إِلَى الرُّسُلِ”. نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ التَّاسِعَةِ وَالعَاشِرَةِ مِنْ كِتَابِ “نظامُ الإسلام” لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.

 

يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: “وأمَّا ثُبُوتُ الحَاجَةِ إِلَى الرُّسُلِ، فَهُوَ أنَّهُ ثَبَتَ أنَّ الإنسَانَ مَخلُوقٌ للهِ تَعَالَى، وَأنَّ التديُّنَ فِطْريٌّ فِي الإنسَانِ، لأنَّهُ غَرِيزَةٌ مِنْ غَرَائزِهِ، فَهُوَ فِي فِطْرَتِهِ يُقَدِّسُ خَالِقَهُ، وَهَذَا التَّقِديسُ هُوَ العِبَادَةُ، وَهِيَ العَلاقةُ بَينَ الإنسَانِ وَالخَالِقِ, وَهَذِهِ العَلاقَةُ إِذَا تُرِكَتْ دُونَ نِظَامٍ يُؤَدِّي تَرْكُهَا إِلَى اضطِرَابِهَا وَإِلَى عِبَادَةِ غَيرِ الخَالِقِ، فَلا بُدَّ مِنْ تَنْظِيمِ هَذِهِ العَلاقَةِ بِنِظَامٍ صَحِيحٍ، وَهَذَا النِظامُ لا يَأْتِي مِنَ الإنسَانِ؛ لأَنَّهُ لا يَتَأَتَّى لَهُ إِدرَاكُ حَقِيقَةِ الخَالِقِ حَتَّى يَضَعَ نِظَامًا بَيْنَهُ وبَيْنَهُ، فَلا بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ هَذَا النِّظَامُ مِنَ الخَالِقِ. وَبِمَا أنَّهُ لا بُدَّ مِنْ أنْ يُبَلِّغَ الخالقُ هَذَا النِّظَامَ لِلإنسَانِ، لِذَلِكَ كانَ لا بُدَّ مِنَ الرُّسُلِ يُبلِّغُونَ النَّاسَ دِينَ اللهِ تَعَالَى.

 

وَالدَّلِيلُ أيضًا عَلَى حَاجَةِ النَّاسِ إِلَى الرُّسُلِ هُوَ أنَّ الإِنسَانَ بِحَاجَةٍ إِلَى إِشْباعِ غَرَائِزِه وَحَاجَاتِهِ العُضْويَّةِ، وَهَذَا الإِشبَاعُ إِذَا سَارَ دُونَ نِظَامٍ يُؤَدِّي إِلَى الإشْباعِ الخَطَأِ أوِ الشَّاذِّ وَيُسَبِّبُ شَقَاءَ الإِنسَانِ، فَلا بُدَّ مِنْ نِظَامٍ يُنظِّمُ غَرَائِزَ الإِنسَانِ وَحَاجَاتِهِ العُضوِيَّةَ، وَهَذَا النِّظَامُ لا يَأتِي مِنَ الإِنسَانِ، لأنَّ فَهْمَهُ لِتَنظِيمِ غَرَائِزِ الإنسَانِ وَحَاجَاتِهِ العُضوِيَّةِ عُرْضَةٌ لِلْتَفَاوُتِ وَالاختِلافِ وَالتَّنَاقُضِ والتَأَثُّرِ بِالبِيئَةِ الَّتي يَعِيشُ فِيهَا، فَإِذَا تُرِكَ ذَلِكَ لَهُ كَانَ النِّظَامُ عُرْضَةً لِلْتَفَاوُتِ وَالاختِلافِ وَالتَّنَاقُضِ وَأدَّى إِلَى شَقَاءِ الإنسَانِ، فَلا بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ النِّظَامُ مِنَ اللهِ تَعَالَى”.

 

MRM

 

ونَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: إِنَّ الحَاجَةَ إِلَى الرُّسِلِ ثَابِتَةٌ عَقلاً وَشَرعًا, أمَّا فِي الشَّرعِ فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي حَقِّ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ). (النحل 44) فَذَكَرَ سُبحَانَهُ أنَّ مُهِمَّةَ نَبِيِّنَا الكَرِيمِ أنْ يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نَزَّلَ اللهُ إِلَيهِمْ, وَمِنْ أمثِلَةِ ذَلِكَ قَولُهُ تَعَالَى: (فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا). (النساء 103) فَأمَرَ بِإِقَامَةِ الصَّلاةِ, ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ أوقَاتِهَا, وَهِيَ الصُّبحُ, وَالظُّهرُ, وَالعِشَاءُ فِي قَولِهِ تَعَالَى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ). (الروم 17, 18) وَذَكَرَ العَصْرَ وَالمَغرِبَ فِي مَوضِعَينِ آخَرَينِ وَإِنْ كَانَ يَتَضَمَّنَهُمَا قَولُهُ تَعَالَى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ). وَلَمْ يَذكُرْ جَلَّ وَعَلا فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ عَدَدَ رَكْعَاتِ كُلِّ صَلاةٍ, وَلَمْ يُبَيِّنْ لنَا فِيهِ أركَانَ الصَّلاةِ وَلا كَيفِيَّةَ إقامتها وَأدَائِهَا, وَلم يَذكُرْ شُرُوطَ صِحَّتِهَا, وَلا حَالاتِ بُطلانِهَا, فَبَيَّنَ النَّبِيُّ كُلَّ ذَلِكَ بِقَولِهِ وَفِعْلِهِ, فَصَلَّى أمَامَ الصَّحَابَةِ, وَقَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأيتُمُونِي أُصَلِّي». وَقَالَ سُبحَانَهُ فِي حَقِّ الأنبِيَاءِ وَالرُّسُلِ السَّابِقِينَ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيهِمْ أجْمَعِينَ مُبَيِّنًا الهَدَفَ مِنْ بِعثَتِهِ لَهُم: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ). (النحل 36) فَبَيَّنَ أنَّ مُهِمَّتَهُمْ هِيَ دَعْوَةُ النَّاسِ إِلَى تَوحِيدِ اللهِ وَإِفرَادِهِ بِالعِبَادَةِ. فَكُلُّ الأنبِيَاءِ وَالرُّسُلِ قَالَوا لأقوَامِهِمْ كَمَا قَالَ نُوحٌ عَلَيهِ السَّلامُ لِقَومِهِ قَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). (الأعراف 59) وَقَالَ أيضًا: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ). (البقرة 213) فَذَكَرَ أنَّ مُهِمَّةَ الأنبِيَاءِ هِيَ التَّبشِيرُ بِالجَنَّةِ لِمَنْ أطَاعَ اللهَ, وَالإِنذَارَ بِالعَذَابِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ لِمَنْ عَصَى اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

 

هَذَا مِنْ حَيثُ الأدِلَّةُ الشَّرعِيَّةُ الَّتِي تَتَضَمَّنُ إِثبَاتَ حَاجَةِ النَّاسِ إِلَى الرُّسُلِ. أمَّا مِنْ حَيثُ الأدِلَّةُ العَقلِيَّةُ فَهُنَاكَ دَلِيلانِ:

 

 الدَّلِيلُ الأوَّلُ: هُوَ أنَّ النَّاسَ بِحَاجَةٍ إِلَى الرُّسُلِ؛ لِيُبَلِّغُوهُمْ دِينَ اللهِ, فَقَد ثَبَتَ لَدَينَا بِالدَّلِيلِ القَاطِعِ, وَبِمَا لا يَدَعُ مَجَالاً لِلشَّكِّ أنَّ الإنسَانَ مَخلُوقٌ لِخَالِقٍ وَهُوَ اللهُ تَعَالَى, وَأنَّ التديُّنَ فِطْريٌّ فِي الإنسَانِ، لأنَّهُ غَرِيزَةٌ مِنْ غَرَائزِهِ، فَالإِنسَانُ فِي فِطْرَتِهِ يُقَدِّسُ خَالِقَهُ، وَهَذَا التَّقِديسُ هُوَ العِبَادَةُ، وَهِذِهِ العِبَادَةُ هِيَ العَلاقةُ بَينَ الإنسَانِ وَخَالِقِهِ, وَلَكِنَّ هَذِهِ العَلاقَةَ إِذَا تُرِكَتْ دُونَ نِظَامٍ يُؤَدِّي تَرْكُهَا إِلَى اضطِرَابِهَا وَإِلَى عِبَادَةِ غَيرِ الخَالِقِ، فَلا بُدَّ مِنْ تَنْظِيمِ هَذِهِ العَلاقَةِ بِنِظَامٍ صَحِيحٍ، وَهَذَا النِظامُ لا يَأْتِي مِنَ الإنسَانِ؛ لأَنَّ الإنسان لا يُدْرِكُ حَقِيقَةِ الخَالِقِ حَتَّى يَضَعَ نِظَامًا بَيْنَهُ وبَيْنَهُ، فَلا بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ هَذَا النِّظَامُ مِنَ الخَالِقِ نَفْسِهِ؛ لأنَّهُ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أدْرَى وَأعْلَمُ وَأخْبَرُ بِمَا يَصلُحُ لِمَخلُوقَاتِهِ. كَيفَ لا وَهُوَ العَلِيمُ الخَبِيرُ؟ (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ؟). (الملك 14) بَلَى. إِنَّهُ سُبحَانَهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ. وَبِمَا أنَّهُ لا بُدَّ مِنْ أنْ يُبَلِّغَ الخالقُ هَذَا النِّظَامَ لِلإنسَانِ، لِذَلِكَ كانَ لا بُدَّ مِنَ الرُّسُلِ يُبلِّغُونَ النَّاسَ دِينَ اللهِ تَعَالَى.

 

الدليل الثَّانِي: هُوَ أنَّ النَّاسَ بِحَاجَةٍ إِلَى الرُّسُلِ؛ لِيُبَلِّغُوهُمْ النِّظَامَ الَّذِي شَرَعَهُ لَهُمُ اللهُ, وَلِيُبينُوا لَهُمْ كَيفَ يُنَظِّمُون عَلاقَاتِهِمْ مَعَ خَالِقِهِمْ وَمَعَ أنفُسِهِمْ وَمَعَ غَيرِهِمْ. فَالإِنسَانُ كَائِنٌ اجتِمَاعِيٌّ بِطَبعِهِ لا يَستَطِيعُ أنْ يَعِيشَ وَحْدَهُ بِمَعزِلٍ عَنِ النَّاسِ, وَهُوَ بِحَاجَةٍ إِلَى إِشْباعِ غَرَائِزِه وَحَاجَاتِهِ العُضْويَّةِ، وَهَذَا الإِشبَاعُ إِذَا سَارَ دُونَ نِظَامٍ يُؤَدِّي إِلَى الإشْباعِ الخَطَأِ أوِ الشَّاذِّ وَيُسَبِّبُ شَقَاءَ الإِنسَانِ، فَلا بُدَّ مِنْ نِظَامٍ يُنظِّمُ غَرَائِزَ الإِنسَانِ وَحَاجَاتِهِ العُضوِيَّةَ، وَيُنَظِّمُ عَلاقَاتِهِ الثَّلاث: مَعَ خَالِقِهِ, وَمَعَ نَفسِهِ, وَمَعَ النَّاسِ, وَهَذَا النِّظَامُ لا يَأتِي مِنَ الإِنسَانِ، لأنَّ فَهْمَهُ لِتَنظِيمِ غَرَائِزِ الإنسَانِ وَحَاجَاتِهِ العُضوِيَّةِ عُرْضَةٌ لِلْتَفَاوُتِ وَالاختِلافِ وَالتَّنَاقُضِ والتَأَثُّرِ بِالبِيئَةِ الَّتي يَعِيشُ فِيهَا، فَإِذَا تُرِكَ ذَلِكَ لَهُ كَانَ النِّظَامُ عُرْضَةً لِلْتَفَاوُتِ وَالاختِلافِ وَالتَّنَاقُضِ وَأدَّى إِلَى شَقَاءِ الإنسَانِ، فَلا بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ النِّظَامُ مِنَ اللهِ تَعَالَى”, وَلا بُدَّ مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ النَّاسَ هَذَا النِّظَامَ عَنِ اللهِ جَلَّ فِي عُلاهُ.

 

بَقِيَ أنْ نَقُولَ: إِنَّ الشَّرِكَاتِ المُصَنِّعَةَ لِلأجهِزَةِ عَلَى اختِلافِ أنوَاعِهَا تَطلُبُ مِنْ مُهَندِسِيهَا وَخُبَرَائِهَا أنْ يُرفِقُوا مَعَ كُلِّ جِهَازٍ كُتيِّبًا صَغِيرًا يَحْوِي صُوَرًا وَرُسُومًا تَوضِيحِيَّةً, تُظْهِرُ القِطَعَ الَّتِي يَتَرَكَّبُ مِنهَا, وَوَظِيفَةَ كُلِّ قِطْعَةٍ, وَيَحوِي تَعلِيمَاتٍ تُبيِّنُ كَيفِيَّةَ التَّعَامُلِ مَعَ الجِهَازِ, وَتَحذِيرَاتٍ مِنَ الاستِخدَامِ الخَاطِئ المُؤَدِّي إِلَى تَلَفِ هَذِهِ الأجْهِزَةِ وَخَرَابِهَا, وَعَدَمِ تَأدِيَتِهَا لِلوَظِيفَةِ الَّتِي صُنِعَتْ لأجْلِهَا. وَإِذَا تَعَطَّلَ أحَدُ الأجْهِزَةِ لِسَبَبٍ مِنَ الأسبَابِ فَسُرعَانَ مَا يُذْهَبُ بِهِ إِلَى الشَّرِكَةِ المُصَنِّعَةِ وَالمُهَندِسِ الخَبِيرِ كَي يُصْلِحَهُ, وَإِذَا حَاوَلَ أحَدُ النَّاسِ مِمَّنْ لَيسَ لَدَيهِ خِبْرَةٌ أن يَمَسَّهُ أبَى صَاحِبُهُ كُلَّ الإِبَاءِ. فَالشَّرِكَةُ المُصَنِّعَةُ هِيَ أدْرَى بِأجْهِزَتِهَا, وَهِيَ الَّتِي تَضَعُ المَنهَجَ الَّذِي يَنبَغِي أنْ يُتَّبَعَ مَعَ هَذِهِ الأجْهِزَةِ, وَللهِ المَثَلُ الأعْلَى فَاللهُ تَعَالَى هُوَ خَالِقُ الكَونِ وَالإِنسَانِ وَالحَيَاةِ وَهُوَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أعلَمُ بِمَا خَلَقَ وَبِمَنْ خَلَقَ, وَهُوَ أعلَمُ بِمَا يَصلُحُ لِخَلْقِهِ وَمَا لا يَصلُحُ لَهُمْ, وَهُوَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أحَقُّ, وَأولَى, وَأجْدَرُ, بِوَضْعِ مِنهَاجِ الحَيَاةِ لِلبَشَرِ!!     

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.