نفائس الثمرات-حدود الأخلاق
للأخلاق حد متى جاوزته صارت عدوانا، ومتى قصرت عنه كان نقصا ومهانة :
فللغضب حد وهو الشجاعة المحمودة والأنفة من الرذائل والنقائص ، وهذا كماله، فإذا جاوز حده تعدى صاحبه وجار، وإن نقص عنه جبن ولم يأنف من الرذائل.
وللحرص حد وهو الكفاية في أمور الدنيا وحصول البلاغ منها، فمتى نقص تعدى ذلك صار بغيا وظلما يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود ويحرص على إيذائه، ومتى نقص عن ذلك كان دناءة وضعف همة وصغر نفس . قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس» رواه أحمد بن حنبل ، فهذا حسد منافسة يطالب الحاسد به نفسه أن يكون مثل المحسود لا حسد مهانة يتمنى به زوال النعمة عن المحسود.
وللراحة حد وهو إجماع النفس والقوى المدركة والفعالة للاستعداد للطاعة واكتساب الفضائل وتوفرها على ذلك بحيث لا يضعفها الكد والتعب ويضعف أثرها، فمتى زاد على ذلك صار توانيا وكسلا وإضاعة وفات به أكثر مصالح العبد، ومتى نقص عنه صار مضرا بالقوى موهنا لها وربما انقطع به كالمنبتِّ الذي لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.
والغيرة لها حد إذا جاوزته صارت تهمة وظنا سيئاً بالبريء، وإذا قصرت عنه كانت تغافلاً ومبادئ دياثة.
وللتواضع حد إذا جاوزه كان ذلا ومهانة، ومتى قصر عنه انحرف إلى الكبر والفخر.
وللعز حد إذا جاوزه كان كبراً وخلقاً مذموماً، وإن قصر عنه انحرف إلى الذل والمهانة.