قانتات حافظات- حقوق الزوجة-ح10
لقد رغب الإسلام في الزواج بأساليب متعددة فتارة نجده يذكره على أنه من سنن الأنبياء وهدي المرسلين عن أبي أيوب أن رسول الله قال: “أربع من سنن المرسلين الحناء والتعطر والسواك والنكاح” رواه الترمذي
وتارة يذكره في معرض الامتنان، وأحيانا يتحدث عن الزواج كونه آية من آيات الله، وتارة يلفت أنظارنا إلى أن الله سيجعله سبيلا إلى الغنى وأنه تعالى جعل إعانة الناكح حقا عليه عن أبي هريرة أن رسول الله قال: “ثلاثة حق على الله عونهم المجاهد في سبيل الله والمكاتب يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف” رواه الترمذي
فنجد أن الإسلام رغب في الزواج وحببه إلينا لما يترتب عليه من آثار تعود على الفرد نفسه وعلى الأمة جميعا. (جمعاء)
كيف لا والله هو الذي خلق ويعلم ما خلق ويعلم ما يناسب هذا الخلق، حيث خلق الإنسان وجعل فيه طاقات حيوية لا بد من إشباعها، ومن هذه الطاقات غريزة النوع وما يصدر عنها من مظاهر، كالميل الطبيعي من الرجل إلى المرأة، وبالعكس، وبقاء النوع البشري ورغبة الرجل أن يكون أبا والمرأة أن تكون أما، بل وأن يوجد العم والعمة والجد والجدة، كل هذا لبقاء النوع البشري واستمراريته، فكان الزواج أحسن إطار طبيعي وأنسب علاج لإرواء هذا الميل وإشباع هذه الطاقات.
فيهدأ البدن من الاضطراب وتسكن النفس من الصراع وتطمئن العاطفة إلى ما أحل الله وتبقى صلات التعاون بين الرجل والمرأة لأنه لا يصلح الكون إلا بتعاونهما تعاونا يتضمن المودة والرحمة.
كما أن الزواج يعزز الشعور بالمسؤولية فتبعات الزواج من نفقة ورعاية الأولاد تبعث على النشاط وبذل الوسع في تحديد المسؤوليات والقيام بالواجبات. ونرى الشرع قد وزع الأعمال توزيعا ينظم به شأن البيت من جهة والعمل خارجه من جهة أخرى مع تحديد مسؤولية كل من الرجل والمرأة فيما يناط بهما من أعمال.
فالمرأة تقوم على رعاية البيت وتدبير المنزل وتربية الأولاد وتهيئة الجو الصالح الذي يستريح فيه الرجل ويجد فيه ما يذهب عناءه ويجدد نشاطه.
بينما يسعى الرجل وينهض بالكسب ويوفر ما تحتاج إليه الزوجة والأولاد من مال ونفقات.
وبهذا التوزيع العادل يؤدي كل منهما وظائفه الطبيعية على الوجه الذي يرضاه الله.
واسمحوا لي إخواني الكرام أخواتي الكريمات نقل فوائد النكاح كما أوردها الغزالي في كتابه “إحياء علوم الدين” في باب آداب النكاح
حيث يقول: للنكاح خمس فوائد:
الفائدة الأولى: الولد؛ وهو الأصل وله وضع النكاح. والمقصود إبقاء النسل. وأن لا يخلو العالم من جنس الإنس.
الفائدة الثانية: التحصن من الشيطان وكسر التوقان، ودفع غوائل الشهوة، وغض البصر، وحفظ الفرج.
الفائدة الثالثة: ترويح النفس وإيناسها بالمجالسة والنظر والملاعبة إراحة للقلب وتقوية له على العبادة.
الفائدة الرابعة: تفريغ القلب عن تدبير المنزل والتكفل بشغل الطبخ والكنس والفرش وتنظيف الأواني وتهيئة أسباب المعيشة
قال عليه الصلاة والسلام: ” ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا ، وزوجة مؤمنة صالحة تعينه على آخرته”
فانظر كيف جمع بينها وبين الذكر والشكر ..
الفائدة الخامسة: مجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولاية، والقيام بحقوق الأهل؛ والصبر على أخلاقهن، واحتمال الأذى منهن، والسعي في إصلاحهن وإرشادهن إلى طريق الدين. والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهن. والقيام بتربيته لأولاده فكل هذه أعمال عظيمة الفضل
قال عليه الصلاة والسلام: ” ما أنفقه الرجل على أهله فهو صدقة، وإن الرجل ليؤجر في اللقمة يرفعها إلى في امرأته – أي فمها – ” رواه البخاري .
هذا بالنسبة للزواج ومشروعيته وبعض فوائده التي لا تعد ولا تحصى، ولكي يبقى هذا الزواج كالحصن كان لا بد من تأدية كل من الطرفين واجباتهما تجاه الطرف الآخر، حتى تستقر الأمور ويستقيم العيش، ويكون هذا البيت هو النواة الطيبة الأولى للمجتمع، وليتحقق من هذا الزواج السكن والمودة والرحمة، وأشار الله سبحانه وتعالى لهذا في قوله: ” ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ” (الروم 21)
جاء في تفسير القرطبي لقوله تعالى : ” وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون “
قيل: المودة والرحمة عطف قلوبهم بعضهم على بعض. وقال السدي : المودة : المحبة, والرحمة: الشفقة; وروي معناه عن ابن عباس قال : المودة حب الرجل امرأته, والرحمة رحمته إياها أن يصيبها بسوء. ويقال: إن الرجل أصله من الأرض, وفيه قوة الأرض, وفيه الفرج الذي منه بدئ خلقه فيحتاج إلى سكن, وخلقت المرأة سكنا للرجل.