Take a fresh look at your lifestyle.

كذبة العالم الكبرى تتهاوى على يد دونالد ترامب

 

كذبة العالم الكبرى تتهاوى على يد دونالد ترامب

 

 

 

الخبر:

 

قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة يهدد حقوق الإنسان في جميع أرجاء العالم، وإنه يعني الابتعاد عن دور الولايات المتحدة التقليدي في رعاية تلك الحقوق.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة وإن لم تكن تعمل لصالح حقوق الإنسان بصورة مثالية، فقد كانت حامل اللواء في الدفاع عن حقوق الإنسان وتنمية الديمقراطية، ونبهت إلى أن الضغوط الأمريكية لعبت رغم ذلك دورا في دفع عشرات البلدان نحو الحرية، وإنقاذ عدد لا يحصى من السجناء السياسيين وكبح التجاوزات من قبل الحكام المستبدين من أمثال السيسي وبوتين.

 

وختمت بأن ما يشير إليه انتخاب ترامب من وقف مثل هذه الضغوط يمكن أن يكون له مفعول سريع على أوضاع حقوق الإنسان في بلدان كثيرة، لأنه يشعر حكام تلك البلدان بالحرية في التعامل مع خصومهم بكل عنف وضراوة. (المصدر: الجزيرة نت)

 

التعليق:

 

أمريكا راعية لحقوق الإنسان، هذه الكذبة الكبرى في العالم، التي لم تستطع الماكينات الإعلامية والمؤسسات الدولية مجتمعة على أن تواري سوءتها، أو أن تلمّع صورتها، أو أن تجعلها مستساغة لدى العالم والأمة الإسلامية خاصة.

 

مجرّد الاتصال بالواقع، ودون الحاجة إلى دراسات وتحليلات، يدرك كلّ عاقل أن أمريكا هي أم الإرهاب، وهي المصنفة بامتياز على قائمة دول الإجرام وهتك حقوق الإنسان في العالم كله.

 

فأمريكا عدوّة الإنسانية، ليس المسلمين فحسب، بل من كل ملة، واسألوا أفريقيا السوداء، واسألوا اليابان، واسألوا أمريكا الجنوبية، والهنود الحمر، أرقام خيالية، وأعداد مذهلة، ووفيات فوق حسابات البشر، أما حربها على الأمة الإسلامية فهي حرب صليبية حاقدة، وسجلّها التاريخي حافل بأفظع الجرائم في الصومال والسودان والعراق وأفغانستان وباكستان وليبيا، وسوريا الشاهد الأكبر… وماذا عن غوانتنامو وأبو غريب؟ ماذا عن وحشية التعامل مع الأسرى والتنكيل بالأموات وهتك الأعراض وذبح الأطفال وتجويع الناس؟؟ ماذا عن نهب الثروات وتفقير الأمم والشعوب؟؟ وماذا عن المائتي عام من سياسة الاستعمارالذي أهلك الحرث والنسل؟؟

 

أمريكا التي لا تلتزم بقانون ولا بأعراف ولا بمواثيق ولا بإنسانية، عبر تعاقب أربعة وأربعين رئيسا، وتورّطهم في جرائم حرب دولية، فلماذا تسعى واشنطن بوست أن تجعل من “دونالد ترامب” هو الشيطان الأكبر وهو التهديد المستقبلي لحقوق الإنسان في العالم؟؟ ولماذا تختزل الشرّ في شخص “ترامب” في الوقت الذي عاث فيه أوباما فسادا وإفسادا ومن قبله سيئ الذكر بوش الابن، فهل تحتاج الأمم المتحدة إلى تصريح قولي وتهديدات علنية حتى تدرك أن حقوق الإنسان في خطر، أم أنها هي أيضا متواطئة مع الولايات المتحدة في التستر على الانتهاكات الإنسانية المليونية؟

 

محاولة يائسة من الواشنطن بوست من جهة، في التأثير على الرأي العام، وحرف الأنظار عن تجربة أوباما الفاشلة وتلميع صورته في انتهاكه لحقوق الإنسان وإلحاق خسائر اقتصادية وعسكرية وبشرية، ومزيد من توريط الولايات المتحدة الأمريكية في حروب وأزمات مُعَقدة، أوقعتها في متاهة كبيرة وورطة أكبر مع الأمة الإسلامية تحديدا.

 

إن تحويل وجهة المسلمين إلى “ترامب” وتخويف الأمة منه واعتباره محور الشر والخطر القادم والاستشهاد بتصريحاته العدائية وتهديده المُعلَن وخططه المستقبلية. هو استخفاف بذاكرة الشعوب وحاضرهم وتاريخهم، ولَيٌّ لذراع الحقيقة الصارخة، فـ”ترامب” لن يزيد إلا فضحا لوجه الإجرام “أمريكا” ولن يجعلنا نترحّم على حكم أوباما وبوش، فالأمة لن تنسى سفّاحيها، ولن تغفر أبدا لمن أراقوا دماءها وهتكوا أعراضها ولن تمايز بين السيئ والأسوأ في الجريمة.

 

من جهة أخرى، تُحاول بعض وسائل الإعلام بأسلوب خبيث تصوير ترامب كفزاعة بغيضة، تشوّه صورته وتعرض مساوئه وتحدّياته، ليس لغاية الفضح والكشف وإنما هي دعاية عكسية لتجعل منه عملاقا مُهابا يخاف منه الناس ولتُهيئ العالم لسياسة أمريكا الجديدة التي ستتغوّل فيها على الإنسانية أكثر من قبل ولن تعترف بشيء اسمه حقوق الإنسان كثيرها أم قليلها… ويأتي كل هذا الترهيب ضمن الحرب النفسية التي تكرّس عقلية الانهزامية والخوف لدى المتلقّي وإعادة تصوير ملامح أمريكا من جديد، التي ترتسم على وجه ترامب وعلى تصريحاته… ويتجلّى هذا الأسلوب بوضوح حينما وصفت بأن تصريحاته تتيح لحكام في بلدان كثيرة للتعامل مع خصومهم بعنف وضراوة. وهذا فيه دلالة ضمنية على السماح المطلق بتصفية كل الخصوم السياسيين المعادين لسياسة أمريكا تحت ستار هذا ما يريده ترامب وهو في الأصل ما تريده أمريكا.

 

فليعلم الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا، وترامب وسلفه وخلفه من بعده، أن طموح الأمة الإسلامية ليس من يحكم أمريكا، وأن آمالها ليست معلّقة على عتبات البيت الأبيض، وأن خيارتها ليست معدلة على مزاج الناخب الأمريكي، وأما حقوق الإنسان التي يخشون عليها من دونالد ترامب، فقد أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض، وضاعت كل الحقوق حينما ضاع سلطان الإسلام، وانتُهكت الإنسانية حينما حكمت الرأسمالية، وأما الأمة الإسلامية اليوم فقد صارت أوعى وأعتى من أن يُمرّروا عليها مسرحياتهم، فهي تُدرك أن المجرمين كلهم على قلب رجل واحد.

 

شعار أمريكا “رعاية حقوق الإنسان”، هو شعار مستهلك ومفضوح، ولا حاجة لترامب حتى يُبيّن زيفه وبطلانه، لكنّه بتهديده ووعيده سيُجرّد أمريكا مما تبقى لها من أوراق تواري بها سوءتها، وسيُقدمها للعالم عارية قبيحة، وهذا ما سيُسارع في نهايتها بإذن الله.

 

﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ [الحشر: 2]

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نسرين بوظافري

 

 

2016_11_16_TLK_1_OK.pdf