Take a fresh look at your lifestyle.

الدولة المدنية دولة مجرمة

 

الدولة المدنية دولة مجرمة

 

 

 

الخبر:

 

نشطت مؤسسات المجتمع المدني في الأردن بالترويج للدولة المدنية تنفيذا للورقة النقاشية السادسة للملك عبد الله الثاني، وفي معرض دعايتهم يهاجمون الإسلام باعتباره دولة دينية تقصي الآخر ويستشهدون بالقتال بين علي ومعاوية وقتل آل البيت وثورة العباسيين وغير ذلك، ومنهم من يستشهد بآية لا إكراه في الدين في عدم تطبيق الإسلام في الدولة.

 

التعليق:

 

إن الناظر إلى الدولة المدنية يرى أنها نشأت بعد ثورة على ظلم الكنيسة وملوك أوروبا وأمرائها وإقطاعييها ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الناس وخضع الناس على مدى قرنين لتجارب مريرة حتى وصلت الدولة المدنية إلى ما هي عليه الآن. وعندما ننظر إلى الدول المدنية في أوروبا وأمريكا وروسيا وغيرها من الدول نجدها دولاً حققت التقدم الصناعي والعلمي ولكنها ظلمت الإنسان في بلادها وفي بلاد الآخرين؛ ففي بلادها تنحصر معظم الثروة في يد قلة في المجتمع تتحكم في كل شيء، وما التأمينات والعدالة الاجتماعية إلا ترقيعات للنظام الرأسمالي حتى لا يستجيب الناس للاشتراكية فلما زالت الاشتراكية انخفضت التأمينات الاجتماعية وانخفض الإنفاق على التعليم والصحة، ولهذا ثار الناس على مؤتمرات الدول الصناعية التي كانت تعقد عندهم وهاجموها حتى صارت تعقد في البحر الميت.

 

أما التمييز ضد المرأة فقد صارعت المرأة على مدى قرنين لتعطى أجرا مساويا لأجر الرجل ولا تزال تتعرض للضرب والاغتصاب على يد القريب والبعيد حتى الآن. أما القيم فلا قيمة أهم من القيمة المادية، فالقيم الروحية في الحضيض مما يجعل نسبة الانتحار مرتفعة عندهم في أحسن الدول رعاية لشؤون شعبها كالسويد مثلا، وأما الإنسانية والأخلاقية فهي قيم فردية ذاتية تعود للأفراد إن شاؤوا فعلوها وإن شاؤوا تركوها، وهي أيضا في حدودها الدنيا، وترقيعات النظام القاصر عن تغطيتها ومعالجتها.

 

وأما ما وجد من بعض الأخلاق فهي أخلاق نفعية يحتاجها الناس هناك للتعامل بها لأنها تحقق لهم محافظة على الأمن والاقتصاد ولكنهم ما إن يخرجوا من بلادهم إلى استعمار البلاد الأخرى حتى يخلعوا الأخلاق والإنسانية ويتحولوا إلى وحوش مفترسة وطيور جارحة تقتل وتدمر ولا تقيم للحياة وزنا، ولم تظهر الحروب العالمية إلا في زمانهم، وهي حالة بشرية شاذة قتل فيها الملايين ولا يزالون يوقدون الحروب الإقليمية في العالم حتى هذه اللحظة. ويكفي أن نعلم أن أمريكا الدولة المدنية الديمقراطية قامت على أشلاء الهنود الحمر الذين قتلت منهم ٧ ملايين واختطفت ملايين الأفارقة من أسرهم وبلادهم ليعملوا عبيدا في أراضيها وأذاقتهم ألوان التعذيب والقتل. ولا زالت التفرقة العنصرية بين السود والبيض تنهش في المجتمع في أمريكا. وهذه الدول المدنية الأوروبية استعمرت العالم الإسلامي بعد أن مزقته إلى ٥٨ مزقة ونهبت خيراته وتركت شعوبه ينهشها المرض والفقر ووضعت عليهم نواطير وحراساً على شكل دول دكتاتورية ظالمة تحكم شعوبها بالحديد والنار بناء على دساتير وقوانين ومؤسسات صنعتها لهم وألزمتهم العمل بها، وكلما تحرك الناس للاعتراض عليها استبدلت قانونا هنا ومادة دستورية هناك تخديرا وإلهاء للشعوب وأعادتهم إلى بيت الطاعة، ولما وجدت أنهم يريدون الإسلام استبدلت المدنية بالعلمانية ثم صارت تدعي أن كثيرا من القوانين مأخوذة من الإسلام، حتى هذه الكذبة سرعان ما تنكشف لدى أول حوار مع دعاة الدولة المدنية. الدولة المدنية حكمت الشعوب الإسلامية ١٠٠ عام فما زادتها إلا تخلفا وما زادتها إلا فقرا وضعفا، وعندما تواجههم بذلك يقولون تلك دول دكتاتورية كانت تحكمها القوانين العرفية والأمنية ونحن نريد دولة قانون ومؤسسات… ولكن السؤال: من الذي صنع الدول الدكتاتورية والعرفية والأمنية والعسكرية التي أذاقت شعوبها الويلات؟ أليست الدول الأوروبية وأمريكا وروسيا تلك الدول التي تصنف نفسها بأنها دول مدنية ديمقراطية دول المؤسسات والقانون؟ أليست هذه الدول هي التي تدعم بشارا في قتله لشعبه وتدميره لبلده؟ أليست الأمم المتحدة التي صنعتها الدول المدنية هي التي تستخدمها دول الاستعمار في إضفاء الشرعية على جرائمها في العالم؟ أليست أمريكا هي التي تقود التحالف الدولي في محاربة الإسلام والمسلمين في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن وليبيا وتريد تقسيم العراق إلى ثلاث دول، وقسمت السودان إلى دولتين وتسعى للقسم الثالث؟ أليست الدولة المدنية في الأردن هي التي شيطنت الثورة في سوريا والعراق؟…

 

عن أي دولة مدنية تتحدثون؟!

 

عن الدولة التي باعت مقدراتها بثمن بخس إلى الشركات الأجنبية التي أفقدت الدولة قدرتها على رعاية شؤون شعبها فزادت البطالة وزاد الفقر إلى مستويات غير مسبوقة وصارت تعتمد في وجودها على القروض الربوية المحرمة التي تأخذها من الصندوق والبنك الدوليين؟!

 

عن أي دولة مدنية تتحدثون؟!

 

عن الدولة التي صارت تتاجر بأبناء شعبها تبعثهم جنودا مرتزقة يقاتلون أبناء دينهم وأمتهم في سوريا واليمن ليقبض رأس النظام الآلاف على كل رأس؟! عن الدولة التي صنعت فقر شعبها صناعة عندما أخفت ثروات الأردن ولم تعترف بها ومنعت استخراجها وأعطت بعضها ليهود في اتفاقية وادي عربة باعتبارها دولة شقيقة وحرمت شعبها باعتباره عدواً لدوداً؟!

عن أي دولة مدنية تتحدثون؟!

 

عن الدولة التي تفرض العلمانية على طلابها من خلال المناهج المدرسية وتفرض العلمانية على شعبها من خلال وسائل الإعلام والدستور والقوانين المحلية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية وتنتقي من الإسلام ما يخدم سياستها ومن بعض أتباعها الملتحين سدنة للدين الجديد الذي اخترعته وسمته رسالة عمان؟!

 

عجبا لكم يا عبيد الصنم القديم الجديد!! ألا زلتم تعبدون صنما تبين لكم ضرره وتريدون أن نعبده مثلكم رغم رؤيتنا الواضحة لعيوبه؟! ألا تعسا لكم ولصنمكم؛ كفرنا به وبكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء إلى أن تقلعوا عن ذلك.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

نجاح السباتين – ولاية الأردن

2016_12_18_TLK_1_OK.pdf