مصطلح أهل السنة والجماعة
الحلقة الثانية والعشرون
تحليل الحديث على فرض صحة بعض رواياته
أما زيادة كلها في النار، فواضح أنها لا أصل لها، ولا تستقيم حين عرضها على الكتاب والسنة، فمثلا لو فرضنا صحتها، وقلنا إن ما يسمى بالفرقة الناجية هي أهل السنة، فهل كون المسلم من أهل السنة سيمنعه من دخول النار بسيئ عمله؟ فإن قيل: يدخل النار ويخرج، قلنا: وكذلك الشيعي الذي لم يخرج عن ثوابت العقيدة الإسلامية التي سبق ذكرها أعلاه، واختلف في الفروع، يدخل النار بسيئات أعماله ثم يحكم الله فيه، وكما هو معلوم فإن التكفير لا يصدر إلا بناء على إقامة الحجة والبرهان، وبناء على الإيمان بما أمر المرء بالكفر به، أو عدم اعتقاد ما أمر المرء الإيمان به، أو الشك أو الظن بقضايا الاعتقاد الأساسية، أو القيام بالفعل المكفر، فمن لم يقع في شيء من هذا بقي في دائرة الإسلام وإن تسمى بالشيعي أو الزيدي أو المعتزلي أو السلفي أو الأشعري!
نقول: فإذا لم يشفع للسني مثلا أن لا يدخل النار بسيئات عمله كونه منتميا للسنة، وحصل له ما حصل للمسلم الشيعي أو المسلم المعتزلي، من التعذيب والرحمة ودخول الجنة بإذن الله، فإن وصف الشيعي أو المعتزلي بأنه من غير الفرقة الناجية وأنه في النار وصف لا يتماشى مع ثوابت الإسلام! فلم يصلح بذلك إفراد فرقة السنة أو الشيعة أو غيرها بوصف الفرقة الناجية والزج بسائر الفرق غيرها في النار!
الأمر الثاني: أن الافتراق إلى فرق ينظر فيه، فإن كان في دائرة اختلاف في الظنيات، فإنه لا ينتج عنه افتراق فرق وطوائف، من هنا يمكن القول: فرقة أو طائفة الإسماعيلية، وفرقة الدروز، وفرقة النصيرية، وفرقة البهائية، وفرقة البابية، وفرقة القاديانية لأنهم خرجوا عن الإسلام جملة وتفصيلا وإن انتسبوا له قولا،
بخلاف الاختلاف بين السنة والشيعة والزيدية والمعتزلة (وهذا الاختلاف ليس على إطلاقه محمود، فالمعتزلة مثلا ليسوا على قلب رجل واحد فكرا واعتقادا، فينظر في كل واحد على حدة، والشيعة مثلا منهم فرق تنفي نبوة الرسول rوتقول بأن جبريل أخطأ (مثل الغرابية) فهؤلاء لا يستوون مع الإمامية الاثني عشرية، وبعض غلاة الشيعة يقولون أقوالا في القرآن تخرجهم من الإسلام، فليس الأمر إطلاقا عاما، وبالمثل بعض من ينتسب إلى السنة قد يكون مجسما، أو فاعلا لأفعال الكفر، وما إلى ذلك، فليس الأمر إذن على إطلاقه بأن نقول: كل السنة، وكل الشيعة وكل المعتزلة على قلب رجل واحد أو على مذهب رجل واحد).
فالخلاصة إذن أن الحديث لا يفضي إلى تكفير غير أهل السنة، ولا يفضي إلى الحكم عليهم بالنار، ولا يفضي إلى توصيفهم بالفرقة الناجية، لأن الناجي من ينجو من النار، وإنْ بعد عذاب فيها، وهكذا لنا أن نقول بملء الفم: المسلمون الذين يعتقدون قضايا الإيمان الأساسية، ولا يؤمنون بما أمروا بالكفر به، ولا يشكون أو يظنون بما أمروا استيقانه، ولا يقومون بالفعل المكفر فإنهم من الفرقة الناجية على اختلاف أسمائهم.
الخاتمة: لا يصح اعتبار أهل السنة فرقة أو طائفة، فالشيعة فرقة، والمعتزلة فرقة لكن أهل السنة منهج، وليسوا بفرقة.
وكذلك من الخطأ أن ينظر المعتزلة أو الشيعة إلى أنفسهم على أنهم ليسوا من أهل السنة، فإنهم بخروجهم من أهل السنة يخرجون عن مفاهيم الإسلام، وطريقته في العيش.
ومن الخطأ أن ينسب قوم إلى أنفسهم أنهم الجماعة إلا أن يكونوا جزءا من جماعة المسلمين التي تنضوي تحت إمام يحكمهم بالشريعة يبايعونه على ذلك ويعطونه السلطان الذي أعطاهم الله إياه ليطبقوا أحكامه في الأرض.
والحمد لله رب العالمين
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الفقير إلى رحمة الله تعالى: ثائر سلامة – أبو مالك
لمتابعة باقي حلقات السلسلة