قانتات صغيرات – من علماء المسلمين – الخوارزمي
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، حياكم الله مستمعي إذاعة المكتب الإعلاميِّ لحزب التحرير ..
إن الكفرَ ومنذ القدمِ يُكِنُّ للإسلامِ حقداً دفيناً ، فلم يترك وسيلةً إلا واستخدمَها لتدميرِ الإسلامِ ، فضربَ العقيدةَ وألغى النظامَ الإسلاميّ ، وتخوُّفاً من أن يعودَ الإسلامُ كقوةٍ تحكمُ في العالمِ ، بدأ بتشويهِ صورةِ الإسلامِ والمسلمينَ ، مصوراً لنا أن المسلمينَ كانوا في آخرِ الركبِ وأنهم لم يلتفتوا للعلمِ ، وإن عرضُوا لنوعٍ من العلوم في مدارسنا أو جامعاتنا فإنهم يذكرون علماء الغرب ، مفتخرين بهم متغاضين عن أن علماء المسلمين كانوا المنارة التي استنار منها علماء الغرب ونهلوا من منابعها.
والدلائل على ذلك كثيرةٌ لكن الكفر وأعوانَه ، يخفون مثل هذه الحقائق حتى لا تصل لأبناء المسلمين فيعودوا لعزتهم ومجدهم ، ومن هذه الدلائل ما كان يطلبه ملوك أوروبا من خلفاء المسلمين بإرسال أبنائهم للتعلم في مدارس المسلمين ، وكذلك اهتمام الخلفاء بالمتعلمين وتوفير كل ما يلزمهم لإتمام تعلمهم.
إذاً فمن الواجب علينا في عصرٍ ادلهمَّ فيه الظلام أن ننير لأبناء الأمة الطريق بمشعلٍ نذكر فيه علماء المسلمين وما قدموه للبشرية من علومٍ ساعدت في التخفيف من أعباء العمل…
وسأبدأ حديثي اليوم عن عالمٍ مشهورٍ ، سطع نجمه في سماء العلم وكان مؤسساً للعديد من العلوم ألا وهو :
أبو عبد الله محمد بن موسى الخوارزمي ، عالم رياضيات و فلك و جغرافيا ، ولد في خوارزم سنة 780، اتصل بالخليفة العباسي المأمون وعمل في بيت الحكمة في بغداد وكسب ثقة الخليفة إذ ولاه المأمون بيت الحكمة ،كما عهد إليه برسم خارطة للأرض عمل فيها أكثر من 70 جغرافياً، وقبل وفاته في 232 هـ كان الخوازرمي قد ترك العديد من المؤلفات في علوم الفلك والجغرافيا من أهمها كتاب الجبر والمقابلة الذي يعد أهم كتبه، وقد ترجم الكتاب إلى اللغة اللاتينية في سنة 1135م وقد دخلت على إثر ذلك كلمات مثل الجبر Algebra والصفر Zero إلى اللغات اللاتينية.
ساهم الخوارزمي في الرياضيات والجغرافيا وعلم الفلك وعلم رسم الخرائط ، و أرسى الأساس للابتكار في الجبر وعلم المثلثات، له أسلوب منهجي في حل المعادلات الخطية والتربيعية أدى إلى الجبر ، وهي كلمة مشتقة من عنوان كتابه حول هذا الموضوع، (المختصر في حساب الجبر والمقابلة) .
نظم الخوارزمي وصحح بيانات بطليموس عن إفريقيا والشرق الأوسط، من كتبه الرئيسية كتاب “صورة الأرض”، الذي يقدم فيه إحداثيات الأماكن التي تستند على جغرافية بطليموس، ولكن مع تحسين القيم للبحر الأبيض المتوسط وآسيا وإفريقيا، كما كتب أيضاً عن الأجهزة الميكانيكية مثل الأسطرلاب والمزولة.
وفي القرن الثاني عشر انتشرت أعماله في أوروبا، من خلال الترجمات اللاتينية ، التي كان لها تأثير كبير على تقدم الرياضيات في أوروبا.
كما ضمت مؤلفات الخوارزمي كتاب الجمع والتفريق في الحساب الهندي ، وكتاب رسم الربع المعمور ، وكتاب تقويم البلدان ، وكتاب العمل بالأسطرلاب ، وكتاب “صورة الأرض ” الذي اعتمد فيه على كتاب المجسطي لبطليموس مع إضافات وشروح وتعليقات ، وأعاد كتابة كتاب الفلك الهندي المعروف باسم “السند هند الكبير” الذي تُرجِمَ إلى العربية زمن الخليفةِ المنصور فأعاد الخوارزميُّ كتابته وأضاف إليه وسُمِّيَ كتابه “السند هند الصغير”.
من خلال هذا العرض البسيط لأهم ما برع به هذا العالم المسلم ، نرى مدى الاهتمام بالعلوم أيام المسلمين رغم أن الوسائل المساعدة كانت بسيطة، إلا أن من يريدُ طلب العلم فلا يوقفه شيء.
ومن هنا أحثُّ كافة أبناء المسلمين الذين سُمِّمَتْ عقولُهم بأفكار الغرب ، أن يتنبهوا بأن دينهم الإسلاميّ هو السباق في الحثِّ على العلم وطلبه ، وأشدُّ على أيديهم أيضاً بالبحث عن علمائنا المغمورين لنبرزَهم للناس حتى يدركوا عظمة ديننا الحنيف.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته …