Take a fresh look at your lifestyle.

العالم الغربي فقد الثقة في نفسه إلى درجة جعلته يخشى الأطفال

 

العالم الغربي فقد الثقة في نفسه إلى درجة جعلته يخشى الأطفال

 

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

يشارك السياسي اليميني المتطرف، خيرت فيلدرز، في الانتخابات الهولندية على أساس معاداة الإسلام، وقد عبر عضو الكونجرس الجمهوري الأمريكي ستيف كينج عن ولاية آيوا عبر تغريدة عن دعمه لأجندة فيلدرز العنصرية في الثاني عشر من آذار/مارس فقد كتب: “يدرك فيلدرز بأن الثقافة والتركيبة السكانية هي مصيرنا. لا يمكننا استعادة حضارتنا مع أطفال شخص ذي حضارة أخرى”. لقيت تغريدته إدانة من قبل أعضاء الحزب الديمقراطي المعارض، وعلى سبيل المثال نانسي بيلوسي زعيمة الأقلية بمجلس النواب (دي- كاليفورنيا) التي اعتبرت تصريحات كينج “عنصرية بشعة -لا مكان لها في مجتمع متحضر- وأدنى من أن تكون في الكونجرس الأمريكي”. وانتقد أعضاء من حزب كينج ذاته تصريحاته، لكن كثيرين دعموه، وهذه التصريحات “العنصرية البشعة” تمثل الأساس الذي وصل عبره دونالد ترامب إلى السلطة كرئيس للولايات المتحدة.

 

التعليق:

 

عندما يقول نائب أمريكي “لا يمكننا استعادة حضارتنا مع أطفال شخص ذي حضارة أخرى”، فإنه أولاً وقبل أي شيء يعترف بأن حضارته آخذة بالانحطاط، وإلاّ، فلن تكون هناك حاجة لـ”ترميمها”. وقد أظهرت الدراسات الديموغرافية للسكان في أوروبا انخفاضًا في معدل المواليد، يتوقع أن يؤدي إلى ركود اقتصادي وتدنٍ فيه إلاّ إذا استطاعت الهجرة المستمرة زيادة عدد السكان. إن المأزق الذي يتحدث عنه فيلدرز في هولندا، والمحافظون ومعهم الرئيس ترامب في الولايات المتحدة، وماريان لوبان في فرنسا، وكذلك حركات اليمين المتطرف في العالم الغربي تظهر بأنهم جميعًا لا يؤمنون بأن ثقافتهم قوية بما يكفي للنجاة من تأثير تمييعها من قبل أناس من أجناس أخرى، وبخاصة المسلمين. وكان كينج قد حث سابقًا على “الحاجة لرفع مستوى المواليد عندنا” حتى لا يصل العالم الغربي إلى مرحلة “التحول التام”.

 

وخلال المؤتمر الوطني الجمهوري، قال كينج: “أريد منكم أن تعودوا بالتاريخ إلى الوراء لتعرفوا، أين هي هذه الإسهامات التي تتحدثون عنها والتي أتت بها هذه الفئات الأخرى من الناس؟ أية جماعة فرعية أخرى من الناس قدمت أكثر للحضارة؟” التي قال إنها “متجذرة في أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية والولايات المتحدة الأمريكية وكل مكان استقرت فيه البصمة المسيحية في العالم”. وبحسب ما قال كينج فإن الحضارة الغربية وحدها هي الحضارة الحقيقية وبأن النصرانية هي جوهر الحضارة الغربية، لكن النصرانية اليوم في انخفاض فيما ينمو الإسلام من ناحية التركيبة السكانية والأيديولوجية.

 

وعلى الرغم من إصرار كينج على أهمية النصرانية، ومن أن مثل هذه الآراء يتشاركها سياسيون محافظون في الولايات المتحدة وعلى نطاق واسع، إلاّ أن الآراء لا تتفق على التعويل عليها في العودة إلى العظمة. وهذا ما جعل شعار حملة الرئيس الأمريكي ترامب “اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” لا ينتج شيئا سوى إرباكٍ في سياسة أمريكا الداخلية والخارجية. إن العقيدة العلمانية التي أبعدت الدين عن الحياة وقدمت الرأي الشخصي عليه وفصلته عن الشؤون السياسية لم تستطع لذلك كله بناء أساس متين يمكن الرأسمالية من البقاء أمدًا طويلاً، كما أن ما نتج عن ذلك من انعدام الثقة فيها أدى إلى دعوات لسن قوانين جديدة تهدف إلى إبعاد المهاجرين ومنع المسلمين من دخول بعض الدول الغربية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية حتى المكسيكيين اعتُبروا تهديدًا كبيرًا للثقافة الغربية على الرغم من أن لديهم تراثًا نصرانيًا أوروبيًا قريبا من الذي يمتلكه الشعب فيها. وفي أوروبا، المملكة المتحدة تنقسم، وهي معرضة لخطر التفكك مع دعوات لاستقلال اسكتلندا، كما أن بعض الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي يناقشون مستقبل بلادهم في الاتحاد، في حين تَعِد الأحزاب اليمينية المتطرفة باستعادة مجدها السابق عبر تخليص بلادهم من المسلمين. تُسلط ملاحظة مارك التالية: “لا يمكننا استعادة حضارتنا مع أطفال شخص ذي حضارة أخرى” الضوء على الضعف والخوف من الأطفال الأجانب وذلك ما لم يشهد من قبل إلا مرة واحدة، عندما سعى فرعون إلى قتل كل طفل ذكر من بني إسرائيل. ولم ينته الأمر على خير بالنسبة لفرعون، ولن ينتهي على خير كذلك بالنسبة لحركات اليمين المتطرف الخائفة من أن “التركيبة السكانية هي مصيرنا”.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. عبد الله روبن

 

2017_03_17_TLK_1_OK.pdf