Take a fresh look at your lifestyle.

إلى علماء المسلمين: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ﴾

 

إلى علماء المسلمين:

﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ

 

 

 

الخبر:

 

اعتبر أعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن مقاطعة قطر وحصارها “حرام شرعا”، باعتبار أن الوحدة بين (الأشقاء) فريضة شرعية وضرورة واقعية، بينما أعرب الأزهر عن تأييده للقرارات التي اتخذها بعض قادة العرب ضد قطر، معتبرا أنها تهدف إلى “ضمان وحدة الأمة والتصدي لمخططات ضرب استقرارها”، فيما أكدت رابطة العالم الإسلامي تأييدها الكامل لقرار المقاطعة لافتة الانتباه إلى أن هذا الإجراء جاء وفق المقتضى الشرعي والقانوني والمنطقي!!

 

التعليق:

 

مواقف متناقضة ومريبة بين علماء المسلمين ـ إلا من رحم ربي ـ تُبين حجم الولاءات التي تُمثّلها هذه المؤسسات (الإسلامية) لحكوماتها، بَدَل أن يكون الحَكَم والفصل هو الشرع وحده لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: 59] إذ إن ردّ التنازع يكون للشريعة وحسب فهي الحاكمة بين المختلفين.

 

لكن أن تكون المساندة أو المقاطعة وفق ما تقتضيه المصالح السياسية والانتماءات القُطرية، فهذا حرام لأنه مُناقض للخط الشرعي الذي يُحرّم التفرّق وينبذه، ويمقُت كل أمر فيه فتنة بين المسلمين خشية تسلّط الأعداء عليهم وغلبة أمرهم.

 

رابطة العالم الإسلامي التي تتخذ من السعودية مقرا لها تؤكد على ضرورة مكافحة (الإرهاب) الذي يُهدد استقرار الدول كما هي الحال مع مؤسسة الأزهر التي تؤيد موقف حكومتها المصرية في المقاطعة، في حين إن أعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يترأسه الشيخ يوسف القرضاوي ينُصّ على حرمة المقاطعة ورفع الحصار!

 

والكُلَ يعتبر رأيه مستندا لقواعد شرعية إما لأن تهديد أمن الشعوب ومصالح الناس العامة وتمويل المتورطين في إرهاب المسلمين هو حرام، أو لأن حصار المسلمين وقطع العلاقات معهم هو حرام أيضا. في الوقت الذي عاشت فيه الأمة الإسلامية خاصة في السنوات الخمس الأخيرة ولا زالت، إرهابا دوليا كما هي الحال في الشام واليمن والعراق وليبيا، وحالات من الحصار الذي راح ضحيته آلاف من الأطفال والنساء والرضع على مرأى ومسمع من العالم كله!

 

ما يحدث خلال هذه الأيام القليلة في الموصل والرقة ودرعا وقطاع غزة وتفشي الأوبئة والمجاعة في اليمن والكارثة الإنسانية لأهل بورما… ألا يستدعي تحرَكات جماعية لعلماء المسلمين أو بيانات شديدة اللهجة ومواجهات لحكوماتهم بضرورة المقاطعة أو المساندة ومحاسبة كل المتورطين في تقتيل المسلمين وترويعهم وقطع العلاقات مع الدول الغربية التي تقود حربها الصليبية في بلاد الإسلام بل وقطع يدها الممتدة على هذه الأمة المكلومة؟!…

 

لكن، كيف لسلمان والسيسي وأردوغان أن يتهموا أمريكا بالإرهاب وهم عملاء لها؟! وكيف لحكام قطر والإمارات أن يدينوا بريطانيا وهي التي تحمي عروشهم؟! وكيف لكل هذه الحكومات العميلة المتآمرة أن تُقاطع الغرب الكافر وهو سيَدهم المطاع؟؟

 

يا علماء المسلمين،

 

نعلم أن للصدع بهذه المواقف ثمنا غاليا، لكن المقام لا يسعه السكوت!!

 

يا علماء المسلمين،

 

إن ما يحصل اليوم بين قطر والسعودية والإمارات قد بيّن فيه الشرع الحنيف حكما متأصلا أعظم وأرفع من مهاترات المقاطعة والمساندة، بل إن الأصل أن بلاد الإسلام واحدة، لا تتجزّأ! والعمل يكون بإعادة وحدتها وتجميع صفوفها وتوحيد كلمتها وموالاة كل من والى المسلمين وآمنهم ورعاهم والتبرؤ من كل من خانهم وخذلهم!

 

يا علماء المسلمين،

 

إن هذه الأزمة الخليجية الحالية، هي صراع دولي تقوده بريطانيا وأمريكا على المنطقة وعلى مصالحهما فيها، فلا تحصروا أنفسكم في دائرة الفتن حتى لا تتحولوا أدوات ووقودا لصراعات المستعمرين، فهذه الأمة لا زالت تنتظر منكم أن تحيوا سير الأولين بنصرة الحق وإعلاء كلمة الله، فالعلماء ورثة الأنبياء، وإرث النبوة يقتضي منكم الثبات والتضحية وقول الحق والعمل على تحكيم شرع الله كله بإقامة دولة واحدة تجمع كل المسلمين تحت راية واحدة وخليفة واحد تعيشون بها خير الدنيا وتفوزون بنعيم الآخرة.

 

فتذكروا ميثاقكم مع الله ومع أمتكم وتذكروا قوله تعالى ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ﴾، فلا تولوّا وجوهكم إلا لله وحده وتسابقوا إلى أعظم الخير بإقامة حكمه في الأرض وأعظم الجهاد بكلمة حق عند سلطان جائر.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نسرين بوظافري

2017_06_15_TLK_4_OK.pdf