Take a fresh look at your lifestyle.

إدراك واقع قطر (مترجم)

 

إدراك واقع قطر

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

يوم الاثنين الخامس من حزيران/يونيو 2017، قطعت كل من السعودية والبحرين ومصر والإمارات علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، متهمةً الدوحة بدعم (الإرهاب). وبالإضافة إلى ذلك، فقد أعلنت هذه الدول أنها ستعلّق النقل الجوي والبحري والبرّي مع قطر، في حين إن رعايا قطر مطالبون بالعودة إلى ديارهم في غضون أسبوعين. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صادق تلقائيًا على هذه الخطوة واعتبر أن زيارته الأخيرة للسعودية بدأت “تؤتي ثمارها”. وفي وقت لاحق غرّد: “من الجيد جدًا أن زيارتي للمملكة للقاء الملك السعودي وقادة 50 دولة بدأت تؤتي ثمارها… فقد أكدّوا أنهم سيتخذون موقفًا متشددًا من تمويل الإرهاب”.

 

التعليق:

 

إذاً، ما الذي فعلته قطر لتفرض عليها في النهاية هذه العزلة من قبل القوى العظمى والدول الإقليمية.

 

على مدى العقود القليلة الماضية لعبت قطر دورًا رئيسيًا في إحباط الخطط الأمريكية داخل المنطقة وخارجها واستخدام ثروتها الغازية الضخمة لتسليح وتمويل وتنظيم المليشيات والجماعات والدول الأخرى. ومع ذلك فلم تقدم قطر أية حلول جديدة للمنطقة، وإنما شاركت في تنفيذ الخطط السياسية البريطانية في الشرق الأوسط وخارجه، ويمكن النظر إلى ذلك من وجهات نظر متعددة.

 

السودان – توسطت أمريكا في اتفاق سلام نيفاشا عام 2005 والذي توصل إلى إنهاء الحرب الأهلية بين حركة التمرد الرئيسية، الحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان والحكومة السودانية. وقد شملت بنود الاتفاق مجموعة من التدابير التي أعطت الاستقلال الذاتي والانفصال للجنوب عام 2011 عند نهاية الصفقة المتفق عليها. ساعدت أمريكا بفاعلية ودعمت الأقلية النصرانية المتمردة في جنوب السودان وذلك من خلال تزويدهم بالأسلحة التي من دونها لم يكن للمتمردين فرصة للنجاح في إرغام الحكومة السودانية على السعي لتحقيق تسوية سلمية. ولمواجهة ذلك وفرت كل من بريطانيا وفرنسا الأسلحة لتشاد، التي دعمت المتمردين في دارفور وسلحتهم، ما جعل من دارفور قضية ذات بال. وقد نجحت الدولتان في تدويل قضية دارفور بنجاح وتعقيد الخطط الأمريكية الساعية لفصل جنوب السودان وجعله دولة مستقلة. وقد كانت قطر جزءا من الخطة البريطانية الفرنسية الساعية إلى استخدام ورقة دارفور لتعقيد الأجندة الأمريكية في السودان. هذه الجهود كلها فشلت في النهاية وها هو جنوب السودان اليوم دولة مستقلة، على الرغم من أنها على وشك الانهيار.

 

ليبيا – دعمت بريطانيا وساندت وأيدت القبائل والجماعات المسلحة وذلك للإطاحة بالقذافي ونظامه عام 2011، وبعد سقوط القذافي شكلت بريطانيا وفرنسا قيادة سياسية جديدة في طرابلس. أنشأت المجلس الوطني الانتقالي في شباط/فبراير 2011، وتألفت هذه الحكومة المؤقتة في أساسها من أشخاص كانوا ضمن نظام القذافي السابق. ثم في تموز/يوليو 2012 تم تشكيل حكومة دائمة – المؤتمر الوطني العام، وقد نجحت بريطانيا في استبدال أزلام جدد بأولئك المحسوبين على القذافي. وكانت قطر أول دولة عربية تعترف بحكومة المتمردين، المجلس الوطني الانتقالي. وباعت ليبيا النفط نيابة عن المتمردين لتجنب العقوبات كما زودتهم بالغاز والديزل ومليارات الدولارات كمساعدات. وقد غطت قناة الجزيرة، التي تبث من الدوحة، نضال الثوار الليبيين بقدر أكبر وأكثر تفصيلا من تغطية ما هو من شأن أية حركة ثورية أخرى في العالم العربي. وكانت طائرات النقل القطرية تغادر الدوحة بانتظام حاملة حزم معونات للثوار، بما في ذلك صواريخ مضادة للدبابات من طراز ميلانو الفرنسية وبنادق هجومية بلجيكية الصنع من طراز إف إن. وأفادت التقارير بأن القوات الخاصة القطرية قدمت تدريبا أساسيا للمقاتلين المشاة من الليبيين الثوار في طرابلس. كما أن قطر قامت بتدريب وتسليح وتمويل جماعة فجر ليبيا، التي هي في الواقع مليشيات تابعة لحكومة المؤتمر الوطني العام في طرابلس. وبعد عدة أسابيع من خسارته الانتخابات في تموز/ يوليو 2012، استولت جماعة فجر ليبيا على العاصمة طرابلس. وطردت حكومة طبرق المدعومة من أمريكا من العاصمة.

 

سوريا – في الأيام الأولى من الصراع السوري، وعندما كانت هناك على الأرض مجموعات كثيرة، وكانت بريطانيا وأمريكا لا تزالان تبحثان عمن تساندان، حاولت بريطانيا أن تجمع معا جماعات انتقالية موالية لها، غير تابعة للمجلس الوطني الانتقالي الذي أنشأته أمريكا. وقد تشكلت هذه المجموعات رسميا تحت مسمى “مجموعة أصدقاء سوريا” وكانت قطر دولة محورية في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي انعقد في نيسان/أبريل 2012، وهو اجتماع نظمه الاتحاد الأوروبي لجمع مختلف الجماعات والفصائل السورية معا تحت ناظر بريطانيا وفرنسا. وعلى الرغم من أن هذا التجمع لم يستطع فرض نفسه في سوريا، إلا أن دور قطر في دعم الأهداف البريطانية كان واضحا.

 

إن دعم قطر للخطط السياسية البريطانية هو ما دفع ترامب للتهجم عليها علنا. خادما أمريكا الخانعان في مصر والسعودية تابعا هجوم ترامب على قطر بقطع العلاقات معها، وذلك بعد لقاء ترامب بهما في أول زيارة خارجية له كرئيس لأمريكا. لطالما لم ترض أمريكا عن دور قطر في خدمة بريطانيا. وفي تقرير أعده كريستوفر م. بلانتشارد عنوانه “قطر: الخلفية والعلاقات الأمريكية” في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أشار إلى أن “نهج قطر في الشؤون الإقليمية يمكن وصفه بأنه عمل موازنة متعدد الاتجاهات. وقد سعت قطر في السنوات الأخيرة إلى التوسط في النزاعات الإقليمية والنزاعات السياسية عبر إشراك مجموعة واسعة من الأطراف في اليمن ولبنان والسودان وليبيا ومصر وغزة، وبعض هؤلاء من المعادين للولايات المتحدة”.

 

وختاما فإن دعم قطر للأجندة البريطانية هو القضية الكامنة وراء التوتر الحالي.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عدنان خان

2017_06_19_TLK_1_OK.pdf