Take a fresh look at your lifestyle.

قصر النظرة السياسية للحكومة السعودية

 

قصر النظرة السياسية للحكومة السعودية

 

 

 

الخبر:

 

السعودية بقمة العشرين: تجب محاربة تمويل الإرهاب. (قناة روسيا اليوم 2017/7/7م)

 

التعليق:

 

تحت ظل الشراكة الاستراتيجية التاريخية بين السعودية وأمريكا، وفي فترة رئاسة رجل المال الأمريكي دونالد ترامب، وفي محاولة تاريخية للحكومة السعودية لتحويل سياساتها في المنطقة علها تتبوأ مقعداً في الموقف الدولي تحت الرعاية الأمريكية، تكفلت السعودية بملف مكافحة (الإرهاب) وهو الشماعة الأمريكية، وكانت بذلك لأمريكا صديقاً وعميلاً ممتازاً يمكن الاعتماد عليه، وقد صدعت السعودية رؤوس العالم بالحديث عن مكافحة (الإرهاب) حتى تكاد بذلك تسبق صانع شماعة (الإرهاب) الأول في العالم “أمريكا”.

 

وخلال حروب السعودية لمكافحة (الإرهاب) طفت الأزمة القطرية على السطح بين طرفين أحدهما قطر ومن خلفها بريطانيا والثاني يضم أربعة أطراف عربية هم السعودية ومصر أتباع أمريكا والإمارات والبحرين كلاعبين داخل الملعب لصالح بريطانيا، وقد قادت الأزمة من الناحية التنفيذية في الطرف الثاني للأزمة السعودية ومن خلفها الإمارات وكل منهما جلب معه لاعباً أصغر منه في المشهد حيث وقفت مصر خلف السعودية ووقفت البحرين خلف الإمارات وهم الأطراف الذين يعكسون حقيقة الخلاف على أنه صراع إنجليزي أمريكي بامتياز، والمتصارَع عليه هو النفوذ في الخليج واقتصاده ومن خلفه التحكم أكثر بالشرق الأوسط.

 

إعلاميا تصدرت السعودية المشهد في مواجهة قطر وعملت على سياسة نشر الفضائح والمعلومات الاستخباراتية التي لديها.

 

في خطوة أولى قام الحلف الأمريكي بقيادة السعودية – وكرد على تسريبات أمير قطر – قامت بقطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المنافذ البرية والجوية والبحرية بينها وبين قطر، كما قامت بحجب جميع القنوات الإعلامية القطرية، وصاحب ذلك كله حملة إعلامية سعودية شعواء وصلت إلى حد السب والشتم والوصف بأبشع الصفات مع عشرات التصرفات الصبيانية، وكان ذلك كله على رؤوس المنابر الإعلامية السعودية.

 

تبع ذلك تقديم قائمة المطالب الـ13 لقطر والتي يظهر فيها مدى الضعف في النظرة السياسية لدى معد هذه القائمة، فقد كانت قائمة المطالب هذه مستحيلة التنفيذ بل إنه يمكن وصفها بأنها تعجيزية والتي كانت ردة الفعل الطبيعية عليها من طرف قطر الرفض.

 

بعد ذلك الرفض حاولت السعودية ومن معها تصعيد الموقف بمزيد من الحصار فتوعدت بمزيد من الإجراءات القانونية واتخذت إجراء يمنع سفن الشحن القطرية من المكوث على أرصفة السويس وبهذا الإجراء تكون السعودية قد لعبت أواخر أوراقها في هذا المجال ولم يعد لديها من أوراق الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على قطر، ويمكن القول إن السعودية لم يبق لها من خيارات إلا إخراج قطر من مجلس التعاون الخليجي أو التصعيد العسكري وكلا الخيارين غير واردين في الوقت الحالي وهما قطعا ليسا في مصلحة السعودية ومن خلفها أمريكا ولا هو ما تسعى له قطر ومن خلفها بريطانيا.

 

لقد غاب عن القيادة السعودية في هذه القضايا كلها طبيعة الصراع الإنجلو أمريكي وأن أمريكا تضع مصالحها في المقدمة، فأمريكا يمكن أن تحل الأزمة من خلال اتفاق اقتصادي في الوقت الذي تصعد السعودية الأمر وكأنها تذهب غدا نحو قطر لاجتياحها عسكريا.

 

لقد لعبت الإمارات الدور الذي رسمته لها بريطانيا بدهاء واضح، ولقد كان هذا الدهاء واضحا في حرب اليمن والآن أكثر وضوحا في الأزمة القطرية، وفيما يخص الأزمة القطرية تصدر المشهد الإعلامي فيها وزير الدولة الإماراتية للشؤون الخارجية أنور قرقاش، ففي الوقت الذي يصرح فيه بكل شدة وحزم ويكيل الاتهام لقطر بل يصل إلى حد أن يمجد الدور السعودي وقياداتها في المنطقة والخليح ويقول “لا مكان في الخليج لمن يعادي سلمان” تراه في الوقت نفسه يحشر السعودية في زاوية المشهد بتصريح آخر فيقول “الحل ليس في نيويورك ولندن بل في الرياض”، في تصريحات سياسية خبيثة تسوق فيها الإمارات للصفقة الاقتصادية بين أمريكا وقطر لحل الأزمة وفي الوقت نفسه تحاول أن تحرج السعودية لإظهارها بمظهر المتعنت أمام أمريكا والعالم.

 

إن حل الأزمة على أساس اتفاق اقتصادي كان هو الاحتمال الأرجح منذ الأيام الأولى للأزمة حيث جاء في موقع بي بي سي في 2017/6/15م “قطر توقع صفقة لشراء مقاتلات إف-15 بقيمة 12 مليار دولار” ولكن هذه الصفقة غير كافية لسد رمق أمريكا والآن وقد وصل الضغط الأمريكي إلى هذه النقطة يأتي اجتماع الرؤساء التنفيذيين لكبرى شركات النفط في العالم وعلى رأسها إكسون موبيل وشركة ورويال داتش شل وتوتال الفرنسية بأمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في قطر قبل أن تعلن الدوحة عن خطة يوم الثلاثاء لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 30 بالمئة (رويترز 2017/7/6م). ومعلوم أن شركة إكسون موبيل كان ريكس تيلرسون رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لها قبل توليه منصب وزير خارجية أمريكا، وهو الاجتماع الذي يعقد في الوقت نفسه الذي تحاول فيه دول الحصار تصعيد الموقف من طرفها من خلال اجتماع وزراء خارجيتها في مصر يوم 2017/7/5م حيث جاء في موقع قناة روسيا اليوم “أصدرت الدول الأربع، اليوم، بيانا مشتركا حول استلام الرد القطري على مطالبها، مشيرة إلى أنها سترد عليه في الوقت المناسب”. وهو ما يعتبر مأزقا للموقف الدبلوماسي للسعودية في الوقت الذي تسير فيه أمريكا بالحل الاقتصادي للأزمة حيث جاء في موقع قناة السي إن إن 2017/7/7م “أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أن الوزير الأمريكي، جيمس ماتيس، اتصل بوزير الدولة القطري لشؤون الدفاع، خالد بن محمد العطية، وأكدا خلال تلك المحادثة على “الالتزام بالتعاون المستمر بين الولايات المتحدة وقطر وتعميق شراكتهما الاستراتيجية”.

 

هذا بما يتعلق بأمريكا والإمارات ومن ورائها بريطانيا، أما فيما يتعلق بالقيادة السعودية فقد كان أحد التسريبات لافتاً للنظر ودليلاً على عدم الوعي السياسي وقلة الحنكة، حيث سرب حساب مجتهد في تغريدة قال فيها “ابن سلمان منزعج انزعاجاً شديداً من المواقف الضبابية للدول الأوروبية وعدم اصطفافها معه وقد وبخ الجبير على اعتبار أن قطر قد انتصرت عليه بذلك دبلوماسيا”.

(تويتر 2017/06/26م)، ورغم أن هذا التسريب لا يمكن الجزم في صحته إلا أن الشواهد اللاحقة تعزز ذلك، فقد تبع هذا التسريب زيارة وزير الإعلام السعودي عواد العواد لألمانيا ولقاؤه بأكثر من 20 مسؤولاً ألمانياً، وقد جاء في مطلع تقرير قناة العربية عن الزيارة “موقف ألمانيا تجاه أزمة قطر كان ضبابيا بدلته جهود دبلوماسية سعودية في الأيام الأخيرة”. (العربية 2017/7/6م) وهو ما يؤكد بأن السعودية ليست واعية بالشكل الكافي على الموقف البريطاني ومن ورائه الموقف الأوروبي بشكل عام وعلى رأسه ألمانيا وفرنسا اللتان وقفتا موقفا رافضا منذ اليوم الأول وحتى الآن لما اصطلحوا على تسميته “حصار قطر”.

 

إن قلة الحنكة السياسية والمعرفة الكافية للموقف الدولي والاطلاع على مخططات الدول وتفصيلاتها، مضافاً إلى ذلك كله معالجة الأمور بناء على نظرة مبدئية صحيحة كل هذه النواحي تجعل من مصالح الأمة والشعوب في مهب الريح، بل إنها تكون ألعوبة في يد الأعداء. وبالنسبة لبلاد الحرمين وكل بلاد المسلمين فإن هذه المشاكل كلها لن تحل بالشكل الصحيح ما لم يكن هناك قيادة سياسية مبدؤها الإسلام وسياستها الخارجية مبنية على مبدأ حمل الدعوة الإسلامية لهداية البشر وإخراجهم من شقاء الدنيا وسعة الآخرة ومقاومة كل ما يقف أمام هذه الأهداف وإزالة كل الحواجز المانعة له، وهذا لن يكون إلا في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القائمة عما قريب بإذن الله.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ماجد الصالح – بلاد الحرمين الشريفين

2017_07_16_TLK_3_OK.pdf