Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ)

 

مع الحديث الشريف

 

(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ)

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في”باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر”:

 

حدثنا علي بن عبد الله حدثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لَا يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الْأَمَلِ”.

 

أيها المستمعون الكرام:

 

لقد فطر الله الإنسان على حب الدنیا، والتعلق بھا والازدياد منھا، وطول الأمل، ولا مانع من أن يعيش الإنسان على أمل، فالأمل يدفع الإنسان للقيام بالعمل، ولكن بشرط أن لا يوقع صاحبه بالمحذور، وهو الركون إلى الدنيا على حساب الآخرة، قال ابن حجر: “وفي الأمل سر لطیف؛ لأنه لولا الأمل ما تھنى أحد بعیش، ولا طابت نفسه أن يشرع في عمل من أعمال الدنیا، وإنما المذموم منه الاسترسال فیه، وعدم الاستعداد لأمر الآخرة”.

 

أيها المسلمون:

 

لقد أصبحنا نعيش في زمن لا يعوّلُ فيه كثير من الناس على الآخرة، زمن ترى فيه الناس سكارى بحب الدنيا والتعلق بها، زمن أصيب فيه الكثير من الناس بالغفلة عن الآخرة، وعن دوره في هذه الحياة، لقد نسي الكثير منا أنه في حالة سفر إلى الجنة، إلى الدار التي خرج منها، فهذه الدنيا محطة يمر البعض من خلالها إلى الجنة، ويمر البعض الآخر من خلالها إلى النار أعاذنا الله وإياكم منها، وأمام هذه الحقيقة القاطعة يأتي السؤال: كيف السبيل للوصول إلى الجنة والنجاة من النار ما دام الإنسان مجبولا على حب الدنيا وطول الأمل؟ لا شك أن الإجابة سهلة وواضحة، في قوله تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)، فليس المقصود ذم الدنيا هو الإعراض الكلي عنها، والزهد بكل ما فيها، ليس هذا المقصود من ذمها، بل المقصود أن تجعلها مزرعة للآخرة، المطلوب إعمارها والسعي لتحقيق ما ينفع الأمة والبشرية قاطبة والاستخلاف فيها، وتوفير الجو المناسب لعبادة الله والتفكر في ملكوته، وهذا ما تفقده الأمة بل البشرية قاطبة هذه الأيام، فالناس يريدون أن يتعبدوا الله سبحانه وتعالى ولا يعرفون ولا يستطيعون، هذا ما يجب على الأمة أن تعمل لتحقيقه، من خلال إيجاد دولة تطبق الإسلام في الداخل، وتحمله رسالة هدى ونور إلى الخارج، فتنعم الأرض بنور ربها.

 

اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم