إن محاسبة الحكام على أفعالهم هو حق وواجب
إن محاسبة الحكام على أفعالهم هو حق وواجب
الخبر:
أقرت محلية الخرطوم بسوء تصريف مياه الأمطار، وتردي البيئة الداخلية لموقف (كركر)، وأرجأت سوء التصريف لأخطاء هندسية صاحبت تنفيذ الموقف، وكشفت عن خطة شاملة لإعادة تأهيله. (صحيفة الصيحة).
وفي خبر آخر قرر مدير شركة المواصلات العامة بولاية الخرطوم، العميد (م) عبد الوهاب أحمد عثمان، أن باصات الولاية تم شراؤها مستعملة على عجل، ودون ابتعاث فنيين في الميكانيكا لتقدير إمكانية عملها، واختبار ملاءمتها للأجواء السودانية، وأكد أن هذه الباصات لم تسر أكثر من (40) ألف ميل، حتى ظهرت عليها الأعطاب الفنية، وأن أكثر من (300) باص من أصل (550) باصاً معطلة.
التعليق:
إن أسلوب الاعتراف بالأخطاء من المسئولين في الدولة، هو أسلوب جديد لم نعهده من قبل في السودان، إلا أن هذه الاعترافات تشوبها عيوب أساسية، فهي آتية من مسئولين في هرم السلطة السياسية، كما أنه لا ينسحب الأمر فيه لمحاسبة المخطئ، وهو أساس الأمر في عدم تكرار الأخطاء، بل على العكس من ذلك، بأن المحاسبة أمر مرفوض تماماً، كما حدث مع نفس المسئول عندما اتصل عليه أحد الصحفيين، يسأله عن الفلم الوثائقي الذي بث على قناة السوداني 24، والذي بث التدهور البيئي وتراكم الأوساخ، وطفوح مياه الصرف الصحي، واختلاطها بمياه الأمطار في بعض المناطق، وكان هذا المعتمد قد أدلى من قبل، بأن من يدعي أن الخرطوم بها أوساخ فهو كذاب! فقد رفض سؤال الصحفي، وقال له: (أنت عاوز تحقق معاي؟)، وأظن أن الصحفي قد تذكر حكاية الشرطي الذي رفع شكوى لنائب الرئيس بأن الوالي قد هدم (كشكه) الذي يقتات منه، في حادثة فريدة من نوعها، حينما قاطع الفريق أول ركن عبد الرحيم محمد حسين، وهو يقدم الفريق بكري حسن صالح النائب الأول في جلسة لمجلس تشريعي ولاية الخرطوم، فكان مصير الشرطي الفصل من الخدمة والسجن عشرين يوماً. كما كشفت متابعات صحيفة الجريدة ذلك، لقد تذكر الصحفي قصة ذلك الشرطي فقال: (لا أنا ما عاوز أحقق معاك).
أقول للأخ الصحفي أنت من حقك، بل من الواجب عليك أن تحقق معه وتحاسبه على تقصيره، وهذا الحق أعطاكه الإسلام، في جملة من الأحاديث والآيات، التي تأمرنا بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا نخاف في الله لومة لائم، ولو أدى بنا إلى حبال المشنقة، قال رسول الله r: «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ».
إن الاعتراف بالأخطاء فضيلة، لكنه يظل مجرد ذر للرماد في العيون إذا لم تصاحبه المحاسبة، نحن لا نريد اعترافات من مسئولين في قضايا فرعية بل يجب أن يكون الاعتراف بالأخطاء على أعلى المستويات؛ في القضايا الجوهرية التي تمس كيان الأمة وما آلت إليها من الهوان والضياع، مصحوبة بتصحيح الأوضاع، وإلا كان على الأمة القيام بواجب المحاسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأخذ على يد الظالم وأطره على الحق أطراً وقصره عليه قصراً، حتى تعود الأمة إلى سابق مجدها وعزها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسب الله النور سليمان – السودان