Take a fresh look at your lifestyle.

الصين وسياسة الاحتواء الأمريكية إلى أين؟

 

الصين وسياسة الاحتواء الأمريكية إلى أين؟

 

 

الخبر:

 

أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أوامره بمراجعة الممارسات التجارية للصين، وهي واحدة من نقاط الاحتكاك بين البلدين اللذين يمتلكان أكبر اقتصادين في العالم.

 

وطالب ترامب الممثل التجاري الأمريكي “روبرت لايتزر”، بمعرفة ما إذا كانت تجارة أمريكا مع الصين، بما في ذلك اتهام بكين بالسطو على حقوق الملكية الفكرية الأمريكية، تحتاج إلى إجراء تحقيقات معمقة.

 

وقال ترامب إن هذه الخطوة تمثل تنفيذا لأحد وعوده الانتخابية الأساسية لحماية العمال الأمريكيين، في الوقت الذي اتهم فيه الصين بالاستيلاء على وظائف قطاع التصنيع الأمريكي.

 

وأضاف “منذ وقت طويل، تستنزف هذه الثروة من بلادنا، في الوقت الذي لا تفعل فيه واشنطن شيئا”، معلنا أنه لن “يغض الطرف” عن الممارسات التجارية للصين.

 

التعليق:

 

أولا: تعترض أمريكا على محافظة الصين على قيمة عملتها اليوان ودعمها عدم تركها لقوى السوق وتقول إنها غير حقيقية، وتتهم الحكومة بالتدخل لمصلحة اليوان، ولهذا السبب تنخفض أسعار المنتجات الصينية في السوق الأمريكي وترتفع أسعار المنتجات الأمريكية في الصين بما يؤدي لوجود هذا العجز الكبير في ميزان التجارة بين الدولتين. وترى واشنطن أن من شأن سياسة الصين بخصوص اليوان أن تؤثر سلبا على قدرة أمريكا التنافسية.

 

تمثل قضية حقوق الملكية الفكرية أحد مصادر التوتر في العلاقات التجارية الأمريكية الصينية، ولا يقتصر الأمر فقط على نسخ برامج الكومبيوتر Software والأفلام DVD، بل يتعدى الأمر ذلك إلى نسخ وتصنيع أدوية وسيارات وقطع غيار طائرات. كان ترامب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بتصنيف الصين دولة متلاعبة بالعملة، وبفرض رسوم جمركية بنسبة 45% على المنتجات الصينية.

 

ثانيا: قامت أمريكا في أوائل تشرين الأول/أكتوبر 2015، هي وإحدى عشرة دولة مطلة على المحيط الهادئ، وهي: أستراليا، وبروناي، وكندا، وشيلي، واليابان، وماليزيا، والمكسيك، ونيوزيلندا، وبيرو، وسنغافورة، وفيتنام، بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي، وهي اتفاقية تجارة حرة متعددة الأطراف تهدف إلى زيادة تحرر اقتصادات منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما حدا بالرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما للقول “إن واشنطن لن تسمح لبلدان مثل الصين أو غيرها بكتابة قواعد الاقتصاد العالمي”، كما صرح أوباما: “عندما يعيش ما يزيد على 95% من مستهلكينا المحتملين خارج حدودنا، فلا يمكن أن نجعل دولا كالصين تكتب قواعد الاقتصاد العالمي”، ويضيف أوباما: “ينبغي لنا أن نكتب هذه القواعد، وأن نفتح أسواقا جديدة للمنتجات الأمريكية في الوقت الذي نرسي فيه معايير عالية لحماية عمالنا إلى جانب الحفاظ على بيئتنا”.

 

ثالثا: وفي المقابل قامت الصين بوضع استراتيجية “التوجه غربًا”، والتي من أهمها الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، والممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني، فضلًا عن الممر الاقتصادي بين بنغلاديش والصين والهند وميانمار، ويسعى حزام طريق الحرير البري الجديد إلى ربط الصين باقتصادات شرق وجنوب آسيا، وآسيا الوسطى، وأوروبا من خلال شبكات ممتدة من السكك الحديدية والطرق السريعة، وشبكات الطاقة وكابلات الألياف الضوئية، وغير ذلك من الشبكات. ويهدف طريق الحرير البحري الجديد في القرن الحادي والعشرين إلى تعزيز التجارة عبر المحيط بين منطقة شرق آسيا والمحيط الهندي، وتنتهج الصين سياسة التقدم السلمي وببطء وحذر شديد ولكنها تكشر عن أنيابها في محيطها الإقليمي وتبني القواعد العسكرية وتحديث الجيش وبناء ترسانة عسكرية قوية جدا بالرغم من التفاوت الكبير جدا بين أمريكا والصين من ناحية عسكرية وامتلاك أمريكا لكثير من الأوراق هناك لمجابهة الصين؛ سواء أكانت ورقة عسكرة اليابان أم التعاون الأمريكي مع الهند عدو الصين وحلفاء أمريكا هناك، بالرغم من ضعف أوراق الصين إلا أن التفاوت الاقتصادي والقوة الاقتصادية ليست بنسبة التفاوت العسكري.

 

رابعا: حاولت أمريكا استخدام روسيا لمصلحتها في مواجهة الصين بعد نجاحها باستخدام روسيا في الشام ولكن الأسباب والظروف والمخاطر والآثار ليست واحدة، لذا لا نجد نجاحا أمريكياً لغاية الآن في تحريك أمريكا لروسيا ضد الصين خاصة وأن الصين تعاملت مع روسيا بحنكة من خلال ربطها باتفاقيات اقتصادية جبارة في ظل العقوبات الأمريكية والأوروبية والتعاون بين البلدين في كافة المجالات، وتدرك روسيا أن مخاطر استخدامها ضد الصين له مخاطر كبرى على الكيان الروسي ولن يقابل هذا الخطر أي عروض أمريكية ذات وزن بعيدا عن آثار سلبية كبرى على روسيا، ولا زال التوتر قائما وبيد أمريكا الكثير من الأوراق لمواجهة الصين التي تتعامل بحذر شديد وببطء دون إثارة حسياسية الأطراف التي يمكن لأمريكا تحريكها وهل لدى الصين من عروض تقدمها لها…

 

لا زالت المسألة تحتاج متابعة حثيثة لمعرفة أين تسير الأمور في منطقة أصلا لا تحتاج إلى فتيل شعلة، إن شبت فيها النيران فلن تقف عند الصين وسوف تختلط الأوراق ولن يكون بمقدور أحد التكهن بماذا ستكون عليه الأمور.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسن حمدان

2017_08_17_TLK_4_OK.pdf