Take a fresh look at your lifestyle.

سيظل سيدٌ سيداً وهم العبيد

 

سيظل سيدٌ سيداً وهم العبيد

 

 

 

الخبر:

 

مع مرور الذكرى الواحدة والخمسين لاستشهاد سيد قطب جنّد النظام المصري ترسانته الإعلامية لتشويه صورة رمز من رموز العمل الإسلامي في العصر الحديث. وبالرغم من إعدامه على يد الطغاة في التاسع والعشرين من آب/أغسطس سنة 1966م فلا زال اسمه يرعبهم ولا زالت أقلام وألسنة أتباع الطواغيت تتطاول عليه وتحاول النيل منه وتصفه بأنه منظّر التكفير والتمهيد الفكري لـ(الإرهاب والتطرف).

 

التعليق:

 

تتجدد ذكرى استشهاد سيد قطب مع فشل دعوات التدرج وحوار الأديان والوسطية، وتعري الدعوات المشبوهة التي انتقلت من لا إله إلا الله إلى التبرير للحكم بغير ما أنزل الله… ضاعت الأولويات مع فقه الأولويات ولم يعد للثوابت مكاناً مع تأويل شرع الله ليوافق الواقع الفاسد. بل إن الهوى غلب البعض؛ فأحل ما حرم الله وبرر زواج المسلمة بغير المسلم، وتجرأ على الله بالعبث بالمواريث، وأفتى للمسلمة أن تهتك سترها وتسير على درب الجاهلية الأولى… وتجرأ آخرون على الله عز وجل باستبدال روح النص بالوحي الإلهي والتشريع فأتوا بشعارات أقرب للزندقة منها للإسلام مثل الإنسانية قبل الدين… وكأن هذا الدين يتعارض مع الإنسانية! أو أن المشرع ليس خالق الكون والإنسان والحياة، وأن الإنسانية قيمة عليا لا بد للدين أن ينصاع لها وتُأوَّل النصوص لصالحها… يزايدون على دين الله دون خجل وينادون لإسلام معتدل يفرّط في حق الله عز وجل ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾.

 

عشقت الأمة صاحب الظلال وتلمست بكلماته معالم الطريق، واستطربت ذلك الصوت النقي الحساس الباحث عن الصفاء والنقاء والتحرير التام من أغلال العبودية… صوت لا يرى للكون إلهًا غير الله ولا معبوداً سواه ولا حاكمية إلا له. لم يكن طموح الأستاذ قطب أن يكون سيداً في عالم مادي فانٍ بل سعى لأن يكون مع سيد الشهداء فقال كلمة حق لسطان جائر، بل عميل خائن. وفي سعيه هذا عبرة لأولي الأبصار وكشف لأصحاب الشعارات الفاسدة وعلماء السلاطين والمرتزقة ومن أفسد على الناس دينهم باسم فقه المصالح وأتباع الهوى من نجوم شاشات الفضائيات. وكلما ازداد الطغاة وأتباع الهوى في غيهم ازدادت كلمات قطب ألَقاً.

 

لم تكن عبارات سيد قطب كلمات حماسية ارتجالية أو مجرد ردة فعل للواقع السياسي والاقتصادي والثقافي في بلاد المسلمين في حينها… ولم تكن كصولات المنابر التي لا تنتهي بإنجاز أو العبارات الباهتة للمهزومين حكما وفعلا وفكرا، بل كان خطاباً في مجمله منسجم مع النص القرآني يرفض الباطل وينحاز لدعوة الصدق، ويقدر للألوهية والربوبية والعبودية حقها ويحطم الآلهة من دونه. ومن ذلك ما كتبه قطب في معالم على الطريق “إن القومية العربية هي دعوة من دعوات التآمر على الإسلام”. فرفض بذلك رابطة وهمية فرقت الأمة الإسلامية وتركتها مضغة سهلة للأعداء. وحث الأمة على أن تسترجع سلطانها المنهوب وتدرك أن الأمر بيدها وتزيل العقبة أمام تطبيق شرع الله فتزلزل عروش الطواغيت فكتب كلمات “فما يخدع الطغاة شيء ما تخدعهم غفلة الجماهير، وذلتها، وطاعتها، وانقيادها، وما الطاغية إلا فرد لا يملك في الحقيقة قوة ولا سلطانا، وإنما هي الجماهير الغافلة الذلول، تمطي له ظهرها فيركب، وتمد له أعناقها فيجر، وتحني له رؤوسها فيستعلي، وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى، والجماهير تفعل هذا مخدوعة من جهة، وخائفة من جهة أخرى، وهذا الخوف لا ينبعث إلا من الوهم؛ فالطاغية – وهو فرد – لا يمكن أن يكون أقوى من الألوف والملايين، لو أنها شعرت بإنسانيتها وكرامتها وعزتها وحريتها.”

 

سيد قطب – رحمه الله وجزاه عنا خيرا – كغيره من شهداء الحق عصيٌّ على التشويه وسيظل حيا في قلوب أبناء الأمة لأنه رسم خطاً مستقيما أظهر اعوجاج الصفوف وأربكها ولا زال.

 

﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

هدى (أم يحيى بنت محمد)

2017_09_07_TLK_3_OK.pdf