حقائق ودلالات على ضوء منتقدي أضاحي العيد والحج
حقائق ودلالات على ضوء منتقدي أضاحي العيد والحج
مع كل عام هجري وفي موسم الحج وعيد الأضحى المبارك تتعالى بعض أصوات الناعقين .. المنكرين على المسلمين شعيرة الأضحية وذلك تحت غطاء الرفق بالحيوان والرحمة الإنسانية واعتبار هذه الشعيرة ترويج للدموية والعنف بشكل عام!
إن الناظر في هذه السخافات يظن للوهلة الأولى أن القائلين هم مخلوقات من كوكب آخر لا تأكل مما نأكل كبشر، ولم تر غير المسلمين قوم ينحرون الأنعام ليأكلوها!!
ولكن الحقيقة غير ذلك وليست من الطلاسم ولا من الألغاز والخفايا في شيء، إلا أن جرأة هؤلاء الحاقدين في جهرهم بهذه السخافات وتكرارها كل عام والترويج لها إعلاميا، عالميا ومحليا، وتصويرها كوجهة نظر بريئة ومشاعر نبيلة، هذا ما يجعلنا نقف عليها مسلطين الضوء على الحقائق والدلالات الصارخة التي يعمل السحرة عبر آلة الإعلام على إخفائها.
أولا: لا بد من التذكير بواقع أصحاب هذه النعقات والجهات والهيئات القائلة بها والمرددة لها، فمن تتبع مصادرها نجدها تخرج من جمعيات حقوق الحيوان في الغرب العلماني وشخصيات سياسية رأسمالية في المجتمعات الغربية وحديثا أخذ بعض حثالات بقايا الاستعمار من علمانيي العرب وأبواق جلادي شعوبنا بترديدها!
عجبا.. عجبا.! ألا يعلم هؤلاء أن جمعياتهم الخيرية إنما وجدت وراجت لتنصل النظام الرأسمالي الحاكم في العالم عامة وفي الغرب خاصة عن أي استحقاق إنساني أو روحي أو معنوي، وتركيزهم بل استغراقهم في المادية والجشع في أنظمة الحياة لأبعد الحدود..!؟ ألا يعلم أولئك أن وجودهم جاء ترقيعا لسوء أنظمتهم المجرمة وحيتانها الاقتصادية المفترسة ومافياتها الحاكمة المرعبة!؟ فما هم إلا أدوات قذرة لتزيين قبح الأنظمة الغربية وتسخير القيم الإنسانية لمزيد من المادية الفاجرة!
عجبا.. عجبا.! ألا يعلم هؤلاء أن علمانيتهم ورأسماليتهم ضربت الرقم القياسي في الدموية والدمار في القرن والمئوية التي كانت لها السيطرة والهيمنة على شعوب الأرض وحكوماتها. وما زالت علمانيتهم تأكل الأخضر واليابس فسادا وإفساد وهلاكا وإهلاكا للإنسان والحيوان والشجر وحتى الحجر!
ثانيا: إن كان نحر الأنعام وأكلها جريمة فالجريمة الأكبر هي أكلها قتلا بالخنق والصعقات الكهربائية والضرب، تعذيبا لها دون النحر كما هي الحال عند غيرنا، أما نحن المسلمين فنلتزم بأحكام الشرع الحنيف في الذبائح! وكذلك الجريمة الأكبر هو قتل وأكل المستقذر من الدواب والبهائم مما جعل عند البشر عامة رمزا للنجاسة والوساخة والقذارة كأكلهم الخنازير!! ومنهم من يأكل حتى الكلاب والفئران! وكذلك الحال تكون الجريمة الأكبر على كبار مربي ومصدري هذه الدواب من دول غربية ورأسمالية كبيرة (أستراليا وهولندا وبريطانيا والبرازيل) لا تراعي في أعمالها إلا القيمة المادية وتحقيق المرابح المالية وما قضية جنون البقر في أوروبا وملفات الفساد في اللحوم البرازيلية إلا نزرا يسيرا من فضائح كثيرة!
ثالثا: في ظل ما نراه من استحلال لدماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها واسترخاص آلاف وملايين الأرواح مقابل أفراد يقتلون على إثر حوادث دموية (في أغلبها مشبوهة) تلصق بالمسلمين شرقا وغربا.. فتقوم الدنيا ولا تقعد لشارلي إيبدو وحتر وضحايا برشلونة وغيرهم؛ وتسكت وتصمت دنيا العلمانيين ودولهم صمت أصحاب القبور لمجازر في غزة ورابعة العدوية والشام والعراق واليمن وأفغانستان وأفريقيا الوسطى وأخيرا وعساه يكون آخرا في بورما!
أن نسمع من الغرب وعملائهم وفي هذه الظروف من يرعد ويزبد ويبكي وينوح على البهائم! تالله إن هذه لرسالة تأكيد على بخس الدم المسلم عند علمانية الغرب ورؤوس فجورهم، رسالة كره وحقد مفادها أن يا مسلمون إن البهائم أعظم قدرا وإجلالا عندنا من أرواحكم ودمائكم!
تالله إنها لكبيرة وجريمة تضاف لسجل جرائم علمانيتهم السوداء بحق الأمة الإسلامية، لن تنساها أبدا أمتنا العظيمة، ولن تمحى من ذاكرة استرداد السلطان والهيبة.
رابعا: إن الأضحى وعيده وحجه من شعائر الله التي تظهر فيها بشكل جلي مظاهر وحدة الأمة ورقيها في تآلفها ورحمتها ببعضها، متحدية النظام والقيم الغربية القائمة على المادية والنفعية المتوحشة. بل هي أيام ومظاهر رحمة تجعل جشع الغرب في مهب الريح لا وزن له أمام عظمة التآلف والتراحم والتكاتف والتكافل والانصهار بين المسلمين، فترى الأبيض ينادي ملبيا في الحج وبجواره الأسود والأصفر والعربي والأعجمي يقومون بالعمل ذاته، ينشدون لحن يتصل جذوره بأبي الأنبياء مشكلا خير أمة أخرجت للناس، مستمدة نورها وعنفوانها من عدل السماء، وترى الأغنياء ينحرون الأضاحي فيأكل منها الفقير واليتيم والمسكين والجار والأقارب والأصدقاء وحتى من هم ليسوا بمسلمين!
إن هذه المظاهر بما فيها من مظاهر وحدة لهذه الأمة ومظاهر رحمة حتى بالبهائم، ومظاهر اقتصادية واجتماعية تتحدى المفاهيم النفعية الغربية. هذه كلها تجعل الرأسمالية العلمانية وأبواقها في الغرب وأذنابها وصعاليكها في بلادنا ينفجرون قهرا ورعبا ورعونة، فيتجرؤون علينا بهذه النعقات، حالهم بذلك كغربان تنعق باكية قلة الجيف.
خامسا: إن التطاول على شعائر العبادة وعلى عقائد المسلمين ليس بالأمر الذي يسكت عنه، وإن هؤلاء الناعقون ودولهم لا بد من تأديبهم، ولا يقوم بهذا الأمر بحقة وأصوله أحد إلا دولة الخلافة الراشدة، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وعليه في هذا المقام نجدد الدعوة للمسلمين للالتحاق بركب العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة واسترداد سلطانهم المغصوب وهيبتهم المنتهكة.
وختاما: نذكركم بقول رسول الله، قائد هذه الأمة وسياسيها الأول، عليه صلوات ربي وأتم التسليم “ﻟﺘﻨﻘﻀﻦ ﻋﺮﻯ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻋﺮﻭﺓ ﻋﺮﻭﺓ، ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺍﻧﺘﻘﻀﺖ ﻋﺮﻭﺓ ﺗﺸﺒﺚ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺘﻲ ﺗﻠﻴﻬﺎ، ﻓﺄﻭﻟﻬﻦ ﻧﻘﻀﺎً ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺁﺧﺮﻫﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ” نذكر المسلمين بهذا الحديث ونؤكد عليه تصديقا له على إثر ما نرى في هذه الدعوات الحقيرة المُجَرِمة لشعائر الله!
ونختصر كل ما سبق بقوله تعالى: (ﻗَﺪْ ﺑَﺪَﺕِ ﺍﻟْﺒَﻐْﻀَﺎﺀُ ﻣِﻦْ ﺃَﻓْﻮَﺍﻫِﻬِﻢْ ﻭَﻣَﺎ ﺗُﺨْﻔِﻲ ﺻُﺪُﻭﺭُﻫُﻢْ أكبر) آل عمران 118
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ياسر أبو خليل (أبو خليل مولود)
البرازيل