Take a fresh look at your lifestyle.

  رمتني بدائها وانسلت .. الغرب بين الحقد ودعاوى التسامح

 

الدنمارك تتجه لمنع البرقع أو غطاء الوجه ، والنمسا تطالب وزيرة النساء فيها بدراسة احتمال المنع، أما في فرنسا فثلثا الفرنسيين يؤيدون المنع، وهلم جراً.

هذه أوربا التي وطئتها الخيول الإسلامية في القرن الهجري الأول وكانت مالطا وصقلية وغرناطة ومرسيليا منارات تشع ليس فقط علما بل أمناً وسلامة وتسامحاً ونهضة ورقيا فكريا وأدباً ورفعة لكل أرجاء المعمورة. وهذه أوربا اليوم التي احتارت كيف تشفي غليلها من الإسلام ومن المسلمين. فلم تكتف بتشويه غير مسبوق لتاريخهم بل باتت تضيّق عليهم تارة، وتمنعهم من العمل والإقامة والسكن والعيش الكريم تارة أخرى. بل زاد الحقد لدرجة أن طردت منهم من طردت وسجنت من سجنت وأهانت من أهانت.

والآن وبعد كل هذا لم يُشف غليلها بعد. فأنفقت الأموال الطائلة لصرف أبناء المسلمين عن دينهم. مرة باسم مؤتمرات السكان ومرة باسم الدفاع عن المرأة ، وأخرى باسم الاندماج أو المنح التعليمية أو الإعانات وغير ذلك كثير. وبعد أن أدركت أن السحر بدء ينقلب على الساحر. عمدت باسم الحرية إلى الهجوم على أعز ما يملكه المسلمون، عقيدتهم وما يمثلها. فشاركت بقوة واندفاع في كل الحملات العسكرية على بلاد المسلمين وأهانت أهلها وظنت بذلك أنها كسرت شوكتهم. ثم كانت تلك الحملة الشعواء من شتم الرسول الكريم وأصحابه وزوجاته صلوات ربي وسلامه عليه وعليهم جميعا. ووقفت تدافع عن الحرية التي ما فتئت تتبجح بها منذ أرادت للدولة الإسلامية العلية في استانبول السقوط وتآمرت وحشدت لذلك ماحشدت.

ولأن الله هو الذي سبب الأسباب، ولأن هذا الدين هو الدين عند الله لا سواه، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بشر بعودة الإسلام لكل بيت في المعمورة، بعز عزيز أو بذل ذليل. فإن أوربا أفاقت الآن فوجدت أن شوكة المسلمين رغم تبعثرهم ورغم تشرذمهم في بضع وخمسين دويلة، مازالت قوية. فالمسلمون ملتفون حول دينهم وكأنه قد أُنزل إليهم الآن، ويفدون رسولهم بالغالي والنفيس وكأنه بينهم. بل إن الأنفة والكرامة اللتين يعتز بهما كل مسلم ما زالتا المحركتين للمسلم في حياته اليومية. والأحكام الشرعية التي ظن الأوربي عندما صعد على قمم دار الخلافة في طوبقابي وصرخ أنه لن تقوم للمسلمين بعد اليوم قائمة، هذه الأحكام الشرعية عششت في عقول المسلمين وظهرت من خلال سلوك أبنائه وبناته بشكل لا يداخله أي لبس. فالمساجد في أوربا كلها ضاقت بالمصلين. حتى صار في كل زاوية من زوايا شوارعها مسجد ومصلى. وأصبح كل يوم جمعة هو يوماً من أيام رمضان بلا مبالغة. والمسلمات صار حالهن كحال مسلمات المدينة ، بإذن الله، لا يألين جهداً عن الاستزادة مما يقربهن لله بقول أو بعمل. فكان الخمار الشرعي شامة على وجه المسلمين في أوربا أزعجت “الأوربي” المتعجرف، الذي لايريد أن يُبصر أكثر من أرنبة أنفه. هذا الأوربي ورغم التقنية والمدنية إلا أنه لا يقبل أن يرى “الغير” المختلف عنه أبداً. فقد خرّبت سابقاً الكنيسة عقليته الرجعية، ثم زادت الرأسمالية ضغثاً على إبالة فزادتها سموما وشرورا. فنهض رؤوس الكفر منهم للتحكم بالسياسة وبصنع القرار حتى يدفعوا بالمسلمين دفعاً للتمسك بدينهم أكثر وأكثر. فيا سبحان الله.

ياسبحان الله، بالأمس زار أول أسطول إسلامي بناه الخليفة الثالث عثمان ذو النورين رضي الله عنه وأرضاه، سواحل أوربا، تبعته أساطيل الأمويين، وحكمت بالعدل فرأى الأوربيون روعة الإسلام وعظمة أهله، فدخلوا في الإسلام أفواجاً. وبقوا كذلك حتى تحكمت رؤوس الكفر بهم واختزلت القرار السياسي بمحاربة الله ورسوله والمسلمين. فماذا فعلوا؟ لقد حاولوا إبادة المسلمين، ولكنهم قتلوا من كانوا أهلهم وعشيرتهم. لم يقتلوا عرب المدينة والجزيرة كما يزعمون، بل قتلوا أبناء أوربا الذين أسلموا، فقتلوا أنفسهم بذلك.

واليوم نرى أوربا والغرب قاطبة، خسرت معركة كسب العقول والقلوب، فعادت سيرتها الأولى. تحارب المسلمين، بسياساتها وبقراراتها وبجيوشها. ومع ذلك فإنها لا تنتصر. وإن انتصرت بفرض قرار سياسي بمنع العاملات عندها من ارتداء الجلباب الشرعي، فإن بنات المسلمين وبعزة الإسلام يصفعن الغرب كله على وجهه برفضهن العمل إن كان التستر هو الثمن. فقد ربتهن أمهاتن على مقولة “تموت الحرة ولاتأكل بثدييها” ومقولة “يا ابنتي، خمارك عرضك”!

إن هذه الحملة الشعواء من الغرب على “رموز” في الإسلام،  سواء المئذنة أم الخمار أم البرقع، ماهي إلا ثمرة النجاح الإسلامي في معترك الحياة العالمية. فإن من عظمة هذا الدين، التي لم يدركها أعداؤه بعد من عظمة هذا الدين أنه يقوى ليس فقط بمؤيديه، بل يقوى بإذن الله كلما حاربه أعداؤه. وينجلي بذلك عنه كل ما من شأنه أن يُغشي الأعين. فيزداد أهله التفافا حوله والتضحية من أجله ومن أجل رموزه في سبيل الله وخطباً لرضوانه تعالى.

كذبت أوربا اليوم أكثر من أي وقت مضى حين تتحدث عن “حرياتها” المزعومة. كذبت وكذّبت هي نفسها بنفسها. ولم يزدها قسيسو كنائسها إلا غياً وإذلالاً بتأييدهم لهذه السياسات التي تريد منع المسلمات من ارتداء ما غلب على ظنهن أنه الحكم الشرعي في حقهن. وإنها لهنيهات تفصل المسلمات عن معتصمهن، فهل أدركت البقية الباقية من ” عقلاء” أوربا هذا؟  

-أبو حامد الهادي