مع الحديث الشريف
البغي وقطع الأرحام
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» (سنن أبي داود)
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
يخبرنا هذا الحديث الشريف بأمرين اثنين وجب على العاقل البعد عنهما، فإثمهما عظيم، وعقابهما شديد، ألا وهما البغي وقطيعة الرحم، ففي هذه الأيام الصعبة التي تمر على أمتنا نرى كيف أن هاتين المعصيتين قد كثرتا واستفحلتا في الأمة.
فعدم تقوى الله سبحانه وتقديم الدنيا على الآخرة يجر بصاحبه إلى البغي، فعندما تضعف تقوى الإنسان وتصبح أعماله مسيرة بغرائزه وأهوائه لا بالأحكام الشرعية، ويندفع لإرضاء أهوائه بغض النظر عن كون الطريقة والوسيلة مما حرمه الله سبحانه وتعالى، نرى عندها البغي وسلب الآخرين حقوقهم وإبقاءهم محرومين، وكل ذلك تنفيذا لرغبات نفس مريضة طغت عليها المعصية وعدم تقوى الله تعالى.
وأما المعصية الأخرى التي تحدث عنها الحديث الشريف فهي قطيعة الرحم، فصلة الرحم إحدى الأحكام الشرعية التي إن وجد من يبحث عنها ويسعى لتطبيقها وجدت في المجتمع، وإن أخفيت ولم يبحث عنها قطعت الأرحام بين الناس، فنعود عندها للمعصية وعدم تقوى الله والانصياع إلى ما يوسوس الشيطان من معاصٍ.
وقد أشار هذا الحديث الشريف إلى أن هاتين المعصيتين العظيمتين قد قسم الله سبحانه وتعالى عقابهما، فجعل للباغي وقاطع الرحم عقوبة في الدنيا قبل عقوبة الآخرة، وذلك حتى يكون عقاب الدنيا عبرة لمن توسوس له نفسه ارتكاب تلك المعصية.
فاللهَ نسألُ أن يجعلنا من الذي يتقون الله فنبقى من الواصلين للأرحام الحافظين للأحكام المحافظين على طريق الرسول الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللهم آمين.
أحبتَنا الكرامُ، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح