الرائد الذي لا يكذب أهله
من منا لم يسمع بحزب التحرير الذي بات صوته يصدع في كل أرجاء العالم، صوته الحق الذي بني على أساس قول الله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وأولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، وهو الذي ربط الفكرة الإسلامية من سيرة الرسول e ، فهذب فكر شبابه بالامتثال للمتبنى الذي لا يخالف الكتاب العظيم والسنة الشريفة، وربط أفراده بعضهم ببعض برابط إسلامي فقط، لذلك لو تجولت العالم سوف تجد شباب الحزب في أول بقعة هو نفسه الشاب في كل مكان تذهب إليه فكرا وانضباطا وتمسكا بطريق الرسول e ، وهو الذي سعى وما زال يسعى ليل نهار لهداية ودعوة الأمة إلى الطريق الصحيح الذي ينهض بهم، فقد أفنى عمره وهو يجاهد ويضحي من أجلهم لينزعوا كل المفاهيم الغربية التي كرسها الكافر المستعمر في مجتمعاتنا، الأفكار الضغينة التي شتّتت المسلمين وجعلتهم طوائف ومذاهب يحاربون بعضهم بعضا لينفرد الغرب في سيادته وسلطته على العالم. ولم يكلف الأمة قطرة دم واحدة بل ولا أقل من ذلك كان وقود عمله من شبابه المخلصين، فذاك الذي استشهد وذاك القابع في سجون الظالمين ومكافحون في الأرض ولم يبدلوا تبديلا.
حزب التحرير هو أول حزب سياسي قام على فكرة (إقامة الخلافة) كمشروع لإنهاض الأمة الإسلامية من انحطاطها على وجه الكرة الأرضية ولم ينحرف عن هدفه ولا بأي من المغريات، ولم يتنازل عن طريق رسولنا e مهما كلفه من تضحيات، ونجح في إيجاد رأي عام لدى الأمة على فكرة الخلافة حتى أصبحت مطلباً للكثيرين وأمنية أكثر من مليار مسلم، وبعد دراسة حديثة أجراها معهد الرأي العام العالمي بواشنطن بالتعاون مع جامعة ميريلاند في أربعة أقطار إسلامية هي “باكستان ومصر والمغرب وإندونيسيا”، وقد خرجت نتيجة الدراسة بأن غالبية المسلمين يفضلون العيش في ظل دولة الخلافة بدلاً من العيش في ظل النظام الديمقراطي، ونراه إن شاء الله هو القوام على هذه الأمة وعلى تبني مصالحها فكان دائم التحذير من كل مؤامرة، فلا ننكر أنه حذر الأمة من نكسة 67 قبل حدوثها بـ100 يوم، ومن اتفاق أوسلو قبل وقوعه بثلاثين سنة حين بين أن منظمة التحرير قد أنشئت لتصفية القضية والتنازل عن فلسطين، وحذر من خيانة الملك حسين وعزمه على فك الارتباط مع الضفة قبل حدوثه ببضعة أشهر، وجاهد في توعية الثورات العربية وحاول توحيدها تحت قائد واعٍ رغم كل الصعوبات التي واجهت طريقه، ومع ذلك فهو لم يقطع الأمل في بناء هذه الأمة المعطاءة. حزب التحرير الذي قدم تصوراً عملياً مستنبطاً من الكتاب والسنة عن شكل دولة الخلافة، فدولة الخلافة ليست مجرد شعار يرفع، بل هي كيان تنفيذي يتمثل في ثلاثة عشر جهازاً، ووضع أسس التعليم المنهجي في دولة الخلافة، ومن يطلع عليه يدرك أن الأمر ليس هزلاً ولا شعارات، بل جد، وجد الجد، فأسس التعليم المنهجي وضع وبني ليطبق حين قيام دولة الخلافة مباشرة، وكانت هذه سابقة فضل لم يسبق إليها أحد، وعمل على وضع مشروع دستور جاهز للتطبيق في أي لحظة، بل هو مشروع دستور عملي استنبطت مواده من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس، فكان هو رائد تصور كيفية تطبيق الإسلام تطبيقاً عملياً، حتى إن أحد قادة جبهة الإنقاذ في الجزائر سئل ذات مرة: لو استلمتم الحكم فهل لديكم دستور جاهز للتطبيق؟ فكان جوابه: لدينا دستور الإخوة في حزب التحرير.
حزب التحرير الذي أرسل الوفود لكل زعيم في العالم الإسلامي زعم أنه يريد تطبيق الإسلام، فيدعوه إلى تبني هذا الدستور المأخوذ كله من شرع الله تعالى، ولكنه لم يجد مستجيباً! وقدم وقدم وقدم…
هذا فيض من غيض ولا ينتهي حديثنا عن تقديمات الحزب للأمة الإسلامية ولإعلاء كلمة الله، وهذا يكفينا فخرا وعزا… وفي الوقت الذي كانت الأمة ترى في حكامها زعماء ورؤساء وملوكاً ترعى الشؤون، وفي الوقت الذي كان بعض قادات الحركات الإسلامية لا يرون غضاضة في إقامة علاقات ودية مع الحكام، في هذا الوقت وُجد حزب التحرير، وكان الحزب هو أول من اصطدم مع الحكام والأنظمة، فكان الكفاح السياسي ضد الحكام والأنظمة الحاكمة هو جزءاً من طريقة عمله، فصار يكافح الحكام ببيان بُعدهم عن تطبيق الشرع، وبيان بعدهم عن رعاية مصالح الأمة، وكشف مؤامراتهم وتواطئهم مع أعداء الأمة وعمالتهم للغرب؛ ما أدى إلى نبذ الأمة لهم، وبالتالي نبذ كل من يتعامل معهم حتى ولو كانوا من الحركات الإسلامية، خاطبها خطابا جماعيا من خلال أي منبر، سواء الإنترنت أو الخطاب الحي أو المساجد أو الصحف… حتى يوجد لديها الوعي على أحكام الإسلام وأفكاره ويكون لديها رأي عام لصالح تطبيق الشريعة الإسلامية الغراء.
نعم خاض صراعا فكريا سياسيا مع أفكار الكفر وأنظمته التي تتحكم في المجتمعات حتى بين فسادها وبين البديل الإسلامي لها. وفضح تبعيتهم للغرب الكافر وبأنهم وسيلته لإرداء الأمة الإسلامية وإبقائها تابعة لمشاريع الغرب الاستعمارية، وكذلك لقطع الحبال بين الأمة وبين هذه الأنظمة حتى تنفض عنها وتتبع مشروع الإسلام العظيم، وصهرها بالعقيدة الإسلامية فتتخذها نظام حياة، وتسعى لإقامتها في الواقع متجسدة في دولة تحكم بها، وها هو يسير الآن في مراحله الأخيرة والتي قال ودعا ونفذ بكل وضوح وشفافية، وصدق وأعد المسلمين فكريا وعقديا كي يكون قادرا على حمل الدعوة. وطلب النصرة من أصحاب القوة والمنعة في الأمة (الوجهاء وقادات المجتمع) ومن القيادات المخلصة في الجيوش (ممن يرضى العمل لله لنصرة دين الله) حتى تسحب بساط القوة من تحت أيدي النظام الظالم وتأخذه لصالح الأمة، فحزب التحرير يعمل مع الأمة وبها لتقيم الدولة الإسلامية، فالأمة هي التي تقيم الدولة والحزب يعمل فيها بغية إنهاضها وأخذ قيادتها فهو يعمل كي تنصهر الأمة مع فكرته الإسلامية وتتخذها مطلبا لها.
لذلك أيها المسلمون في كل مكان أوجه لكم رسالة أحاسب عليها يوم القيامة تجاه أمتي العظيمة:
أنتم الآن ليس أمامكم خيارات بل هما طريقان: إما طريق الباطل بكل التواءاته، أو طريق الحق المتمثل بحملته والثابتين عليه، وأدعوكم لمواكبة حزب التحرير فهو الحزب الوحيد الذي ثبت أمام كل التغيرات والإغراءات ولم يحِد عن طريقه قيد أنملة والذي يحمل الإسلام مبدأ ومنهاج حياة.
فإما أن تبقوا قاعدين عن العمل لنصرة هذا المشروع العظيم وإما أن تعملوا لنصرته كي تنهضوا بالأمة وتعود خير أمة أخرجت للناس، ووالله قاب قوسين أو أدنى نعيش تحت ظل خليفة يحكم بما أنزل الله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون…
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
دارين الشنطي
2018_01_10_Art_The_leader_who_does_not_lie_to_his_family_AR_OK.pdf