تونس: ثمرات الديمقراطية المر العلقم
الخبر:
تجددت الصدامات مساء الثلاثاء (التاسع من كانون الثاني/يناير 2018) في تونس، لا سيما في طبربة غرب العاصمة تونس حيث توفي رجل أمس خلال مواجهات ليلية على هامش احتجاجات شعبية ضد إجراءات التقشف التي اعتمدتها الحكومة أخيرا، وبعد سبع سنوات على الثورة التي أرست “نظاما ديمقراطيا” في البلاد. ونزل مئات الشبان إلى الشوارع في طبربة حيث انتشرت تعزيزات كبيرة من القوى الأمنية والعسكرية التي ردت على رشقها بالحجارة بإطلاق قنابل مسيلة للدموع، حسبما أفاد صحفي في وكالة فرانس برس.
التعليق:
هذه ثمرات “النظام الديمقراطي” الذي فرضته دول الهيمنة الغربية على تونس-القيروان، بمساعدة “الأيدي المتوضئة” لحركة النهضة، التي فصلت، في مؤتمرها العاشر (في 20 أيار 2016) بين “الجانب السياسي والدعوي” للحزب، هذا التطور، بحسب بيان حركة النهضة، الذي “جاء تتويجًا للمسار السياسي والتطور وبحكم الدستور، حركة النهضة تكرس بذلك التمايز الواضح بين المسلمين الديمقراطيين الذين هم نحن وبين تيارات التشدد والعنف التي تنسب نفسها ظلمًا وزورًا إلى الإسلام”، فتطورت النهضة، بحسب تعبير راشد الغنوشي، “من السبعينات إلى اليوم، من حركة عقائدية تخوض معركة من أجل الهوية إلى حركة احتجاجية شاملة في مواجهة نظام شمولي دكتاتوري، إلى حزب ديمقراطي وطني متفرغ للعمل السياسي بمرجعية وطنية تنهل من قيم الإسلام”.
فبنظر النهضة وقادتها، الناس في تونس أمام خيارين: تيارات التشدد والعنف، والحل الديمقراطي بسمنه وعسله الموعودين من قبل البنك الدولي ووصفاته السحرية. هذا البنك الدولي الذي ما دخل بلدا إلا وعاث فيها الفساد، وفرض وصفاته التي تزيد الفقراء فقرا، والأغنياء غنى، وتسخر البلاد والعباد وتجعلها نهبا أمام الشركات الأجنبية الطامعة في ثراوت البلاد.
لقد سبق لنا، في حزب التحرير، منذ انطلقت الانتفاضة الشعبية تحت شعار الشعب يريد إسقاط النظام، أن ناشدنا أهلنا وإخواننا في تونس، كما في مصر وليبيا، ألا يقبلوا بإجهاض مطلبهم وعدم القبول بأنصاف حلول، فضلا عن القبول بعودة النظام القديم (أو “الدولة العميقة”). وتونس بما حباها الله من خيرات وثروات قادرة على الاستغناء عن وصفات البنك الدولي القاتلة والمستمرة كما هي من قبل الثورة ومن بعدها: إغراق البلاد بالديون باهظة التكاليف، وتحت وعود خداعة بالتنمية الاقتصادية الموعودة وفتح فرص عمل، بينما الثمرات المُرّة تترجم عمليا عبر سلسلة إجراءات ضريبية، قامت بتشريعها أحزاب البرلمان على مبدأ تفريق الدم بين القبائل، في الوقت نفسه الذي تنهب فيه الشركات الغربية الثروات الهائلة من نفط وغاز ومعادن صباح مساء.
ونقول: آن الآوان للصادقين المخلصين من أبناء الإسلام العظيم في تونس أن يأخذوا على أيدي السفهاء الذين رهنوا البلاد لصالح الشركات الغربية وأن يعملوا لاستئناف الحياة الإسلامية فيفوزوا بخير الدارين. إن المسلمين، بما يملكونه من عقيدة صحيحة وشريعة الإسلام الربانية يستحقون أن يتسنّموا مركز القيادة بين الأمم بعد أن يحطموا قيود التبعية للغرب المستعمر ويتخلصوا من أدواته من الحكام العبيد.
﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير