حراسة الدين والفضيلة تكون بقيام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة
لدى مخاطبته دورة دعاة الفضيلة تعهد مساعد رئيس الجمهورية إبراهيم محمد السنوسي، بدعم الدولة لمؤسسة تدريب وتأهيل الدعاة للمضي قدماً، بدورها في حماية الفضيلة، ونشر قيم الإسلام السمحة، والوقوف ضد دعاة الفساد، والرذيلة، وطالب الدعاة الشباب بالذود عن الإسلام، وفدائه، وقال مخاطباً الدعاة الجدد “ينتظركم دور كبير في المجتمع وستحملون راية الإسلام وحراسة الفضيلة والدين. وقال إن استقلال السودان الحقيقي هو بالتخلص من العلمانية والجهل ومن بقايا الاستعمار والدعوة إلى الفضيلة. (المجهر السياسي 2018/1/7م).
هل دعم الدولة لمؤسسات تدريب الدعاة هو الذي ينشر قيم الإسلام والوقوف ضد دعاة الفساد والرذيلة؟
ومن هم دعاة الفساد والرذيلة؟ ومن يقف خلفهم؟ وأين هو سلطان الدولة، ليمنعهم من ممارسة ذلك بعقوبة تردعهم؟
وهل الذود عن الإسلام يكون بتخريج الدعاة؟ أم بتطبيق شريعة الإسلام وأنظمته في واقع الناس؟
وهل الدعوة بالوعظ والإرشاد غيرت من واقعنا شيئاً؟ وهل هذه هي الطريقة المطلوبة شرعا لحراسة الدين ودرء الفساد؟
ولماذا تهتم الدولة بالوعظ والإرشاد والمحاضرات والنشرات، وقد بُذلت في هذه الناحية جهود وأموال، ولكنها لم تكن لها نتائج تذكر، غير أنها نفّست عاطفة الأمة بهذه الأحاديث المملولة المكررة المبتذلة، بينما سلطانها لا يقوم بعمل أي شيء للقيام بعمل الدولة الأساسي وهو تطبيق الإسلام؛ من حدود وعقوبات وتنظيم علاقات الناس على أساس شرع الله سبحانه.
وهل دعوة الدعاة تنفع في مجتمع يبدع فيه المبتدعون في بث الفساد والانحراف، وإشاعة الفاحشةِ وما يثير الغرائز الكامنة، من نساء كاسيات عاريات يملأن كل مكان في دور التعليم والجامعات والمدارس والشوارع على مرأى ومسمع من الدولة، التي تؤمِّن هذه المنكرات، في يوم منكر، هو ما يسمى برأس السنة الميلادية، فيخرج الباطل كله في الشارع والحدائق العامة، يسهرون إلى ما بعد منتصف الليل، والشرطة إلى جانبهم ساهرة، تحرس وتحمي باطلهم هذا، أما المذيعات والمغنيات فيظهرن بمظهر يخدِش الحياءَ، في القنوات التلفزيونية، التي تدخل كل بيت. أما مصيبة إعطاء القيم الهدامة للطلاب، من خلال مهرجانات الدورات المدرسية فحدث ولا حرج، هذه المهرجانات المدمرة التي تروج للغناء والتمثيل والاختلاط، فيقع اليافعون، ما بين حبٍّ وهوى، وفنونٍ ومجون، أو هدمٍ لثوابت شرعيَّةٍ قررها الإسلام!
أما ما تبثه الفضائيات من مسلسلات وبرامج، فجميعها تعمل على هدم قيم الإسلام، مثل محاربة تعدد الزوجات وتشويهِ صورته، أو تحض على أن يلاقيَ الخطيبُ مخطوبته في خلوةٍ محرمة، أو العمل على أن يألف الناس الاختلاط بين الجنسين، ومن ثمَّ هذا سارقٌ؛ يعلمون الناس كيف يتخلص من عقوبة السرقة، وهذه زوجة خائنة؛ يصورون فكاكها من غيرة زوجها، بالتضليل عليه، وتلك زانية تشجع على الزنا بإشاعة طرق الإجهاض، إنما هي مشاهِدُ متكررةٌ، تُبَث على مدار اليوم والليلة، ولا يخلو منها بيت إلا ما رحم ربي، فكم من مشهدٍ يُبَثُّ على الملايين من المسلمين، في كافة الأقطار، فإذا استقرَّ في وعيهم، وطافت بهم الخواطر والأفكار؛ سلبَهم القرارَ والوقار، فتمثله ضعاف النفوس، من فاقدي المناعة الفكرية.
فمن المسؤول عن ذلك يا مساعد الرئيس، أهم الدعاة بالوعظ والإرشاد؟! وإذا لم يجد وعظ ولا إرشاد، وهذا واقع لأن علماء الوعظ والإرشاد رضوا بأن تفتح الدولة لهم قنوات للوعظ والإرشاد فامتلأ الفضاء بوعظهم، ولكن أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي. وصدق ذو النورين سيدنا عثمان بن عفان حين قال: “يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”.
إن كان مساعد رئيس الجمهورية جاداً، فعليه أن يجيب عن التساؤلات السابقة، وأن يفسر لنا معنى الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول e قال: «أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»! هذا الحديث الذي هو نص شرعي واضح المفهوم، بيِّن الدلالة على أن المسؤولية على الحاكم، الذي يساعده هذا المساعد!
وندعو هذا المساعد إلى شرف ما بعده شرف؛ ندعوه لأن يترك وظيفته التي هي المساعدة في شرعنة الباطل والدعوة للفساد، والشروع فوراً في تطبيق الإسلام، ليكون من السابقين إلى إقامة الخلافة على منهاج النبوة التي تقطع دابر الفساد والمفسدين في الأرض. قال الله سبحانه: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ [الأنبياء: 73].
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأخت/ غادة عبد الجبار – أم أواب – الخرطوم
2018_01_09_Art_Guarding_religion_and_virtue_is_by_establishing_the_Khilafah_AR_OK.pdf