Take a fresh look at your lifestyle.

صحفيّة تونسية تهذي بحمّى العلمانية

 

 

صحفيّة تونسية تهذي بحمّى العلمانية

 

“إلغاء المهر ردّ جديد لحرائر تونس على من يحلمون بـ”جواري” دولة الخلافة”. كان هذا عنوان مقالة لصحفية من تونس بمناسبة مقترح إلغاء المهور الذي اعتبرته ردّا على دعاة الخلافة الذين قابلتهم في المؤتمر النسائي العالمي لحزب التحرير سنة 2012 “الخلافة نموذج مضيء لحقوق المرأة ودورها السياسي”…

 

من القواعد الأساسية التي اتفق عليها “فقهاء الصحافة” منذ أن عرف الناس وسائل الإعلام هو “أنّ الخبر مُقدّس والتعليق حرّ”، والمقصود بهذه القاعدة أنّ المصداقية في نقل الخبر واجبة حتى يتلقاها الناس صحيحة كاملة لا يعتريها التحريف والتأويل، أما التعليق فهو لا يلزم إلا صاحبَه أو الجهة الإعلامية التي نشرته.

 

والمصداقية في نقل الخبر هي التي تعكس مهنية الصحفيين ابتداء وحِرفيتهم، قبل تعليقاتهم وآرائهم، لأن حسن أداء المهنة الإعلامية يتطلّب احترام عقل المتلقي وقدرته على التحرّي عن الأخبار بسهولة خصوصا في زمن النانوتكنولوجي التي جعلت من المتلقي حاضرا ومواكبا لأحداث كثيرة وهو في موقعه!

 

ويبدو أن كاتبة الخبر والناشطة في “المجتمع المدني” لم تُكلّف نفسها حتى عناء البحث في الإنترنت لتعرف أنّ المؤتمر النسائي العالمي لحزب التحرير في تونس كان للنساء فقط، ولم يحضره أيّ رجل، أما “الرجل رئيس الجلسة الرئيسية للمؤتمر” فقد كان أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء الله خليل أبو الرشتة ولم يكُن موجودا داخل القاعة، وإنما بُثّت كلمة صوتية له استهلّ بها المؤتمر فقراته.

 

أو رُبّما قد خانتها ذاكرتها وأسقطت لها (كما ذكرت هي) ما حصل في ذلك المؤتمر “الحدث” في تونس “الخلافة نموذج مضيء لحقوق المرأة ودورها السياسي” والذي حضرته أكثر من 1500 امرأة هتفن بصوت واحد “المرأة تريد خلافة من جديد”.

 

ثم إن كاتبة الخبر أو “السيناريست” أفحمتنا بمداخلتها بطرح سؤال “خطير” حول حقوق المرأة في ظل دولة الخلافة المراد إقامتها سواء من النساء اللواتي يعتبرن من الجواري أو الحرائر وكيف سيتم تصنيفهن، متوجهة للحاضرات على حد قولها؟ في حين لم يتطرق المؤتمر في مجمل الكلمات التي ألقيت لأي شكل من التصنيفات الواردة في تدخلها بل هي تصنيفات مسقطة تأتي ضمن جملة الدعاوي والافتراءات والإشاعات التي تسوقها الكثير من وسائل الإعلام الخبيثة لتخدم بها أجندات الغرب وعملائه بأساليب رخيصة من باب التضليل والتشويه لصورة المرأة في الإسلام، وطبعا هذا ما دفع هذه الصحفية لتقديم شهادة باطلة تفانيا في مهنتها! ومن المؤسف أن تعتبر من حرائر هذا البلد رغم العبودية المسلطة عليها بدءا من مديرها في الإعلام إلى المجتمع المدني الذي تنشط فيه إلى النظام الذي تباركه والثقافة التي تتشدق بها… فالواضح أن هذه الصحفية كغيرها من المضبوعات بثقافة الغرب لم تع بعد المعاني الحقيقية للمفاهيم التي تجترها يوميا: العبودية، التحرر، الرجعية، الحداثة… وهي كلها مفاهيم سياسية متمخضة من رحم ثقافة الاستعباد “الاستعمار” الذي فتنهم ففتنهم. لذا نتوجه لهذه الكاتبة ونقول مثلما “وسّعت بالك” وحضرتِ المؤتمر “أوسعي فهمك” لتتداركي المعاني الحقيقية للمفاهيم المغلوطة التي تدعينها: فالعبودية هي أن تفرض علينا إملاءات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتستنزف طاقاتنا وتمتهننا لعشرات السنين بل وتجردنا من هويتنا وتسلخنا عن عقيدتنا بتمرير قوانين إجرامية في حق المرأة والأسرة والمجتمع بأسره (كاتفاقية سيداو وغيرها)، وما الإحصائيات لنسب الطلاق والعنوسة والشذوذ الجنسي والاغتصاب التي تضخ سنويا في بلد “الريادة” في حقوق المرأة إلا خير برهان على الاستعباد الذي نعيشه.

 

أما التحرر الذي ألفتموه وصدّعتم به رؤوسنا في شعاراتكم فما هو إلا تحرر من أحكام خالقنا الذي تفضل علينا بنظام يحسن رعايتنا، تحرر من الدين مستنسخ من عقيدة الغرب الرأسمالي التي تفصل الدين عن الحياة وتجعل هوى النفس هو الحكم حتى ينحط الإنسان إلى الدرك الأسفل من الجاهلية ويضيع كل سبل النهضة الصحيحة… أليست النتيجة الحتمية من هذا التحرر هي الرجعية والظلامية؟ فاحذري أيتها “الحداثية” من دهاليز الحرية التي تسلخك عن دينك لتنال منك فيما بعد…

 

ثم بقي أمر آخر وجب توضيحه لأنه يؤرقك كما بدا لي بخصوص وضع كل من الجارية والحرة في ظل دولة الخلافة القادمة بإذن الله، فهذه مسألة ترد لخصوصيات الواقع الذي تعيشه الدولة، فمثلما عولجت مسالة الاسترقاق زمن الدولة سابقا فمؤكد، إنْ وجدت في الدولة القادمة، سيتم معالجتها طبقا لأحكام الإسلام، علما بأن الواقع الآن تغير، أي أن الاسترقاق والرق لم يعد موجودا خصوصا أن الإسلام كما هو معلوم حث على العتق لا على الرق وجعله يقتصر تقريبا على حالات الحرب بعد أن كان في الجاهلية معمّماً. ثم إن حالات الأسْر في الحرب من قبيل المعاملة بالمثل، إذ إن أعداء الإسلام كانوا يعاملون أسرى المسلمين باعتبارهم رقيقاً بالنسبة للرجال وسبايا بالنسبة للنساء. لذا فإن هذا المبحث نحن في غنى عنه الآن إن كان سيوجد رقيق أو جوارٍ مجددا أم لا حتى نخوض في تفصيلات سابقة لأوانها، والإمام العادل سيعالج الأمر بالإسلام، لذا كما يقول أحد الفقهاء: “دعها حتى تقع” ولنشغل أنفسنا بالأوجب والواجب وهو العمل على إقامة الدولة التي تطبق فينا أمر ربنا.

 

أما تلك المقارنة الواهية التي هذيتها على لسان مهووس بين “أحلامنا المراقة بالدماء…” و”أحلامكم كفضاءات ثقافية” فأعتبرها بتأثير حمى “العلمانية” الضارة، عسى أن تتعافي وتعودي إلى رشدك بمجرد أن تدركي مدى تضاربها مع الواقع المرير الذي نحياه جميعنا في ظل نظام رأسمالي يفتك بالحرث والنسل على مدى يناهز قرناً أو أكثر من إفقار الشعوب وتقتيلها طيلة الحروب التي خاضها عالمنا وتشريد وتجويع، وكلما تفاقمت مشاكلها ازداد تغوله وارتكابه الجرائم في حق البشرية، فهذه كوابيس حقيقية نحياها في ظل تعطيل شرع ربنا والإعراض عن أحكامه ولن تبارحنا حتى يتحقق وعده بإقامة الخلافة على منهاج النبوة.

 

ختاما أنصحك بوصفك صحفية أن تتحّري الصدق في مهنتك هذه، لأن التحريف والتلفيق يُدمّر مسيرة الصحفي ويُسيء لسمعته المهنية خصوصا وهو يقف على عتباتها.

 

وأنصحك بوصفك مسلمة أن تتحرّي صدق الفكرة التي تبنين عليها باقي أفكارك ومقاييسك وقناعاتك، لتكون آراؤك وتعليقاتك منسجمة مع عقيدتك وأمتك، فتخلق لك وضعية التوازن الفكري والسلوكي وتبعدك عن هذيان العلمانية التي كوت بنارها ملايين النساء في الغرب.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذة إيمان بوظافري

 

2018_01_26_Art_A_Tunisian_journalist_is_wracked_by_the_fever_of_secularism_AR_OK.pdf