دافوس: تصادم المصالح القومية يضعف الدعوة إلى المستقبل المشترك
(مترجم)
الخبر:
كان موضوع لقاء المنتدى الاقتصادي العالمي لهذا العام في دافوس هو “إيجاد مستقبل مشترك في عالم ممزق”. وقال مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي (كلاوس شواب): “نواجه اليوم خطرًا حقيقيًا من انهيار نظمنا العالمية، ولكن التغيير لا يحدث وحده، وبيدنا تغيير حال العالم للأفضل، وهذه هي مهمة المنتدى الاقتصادي العالمي”. (dw.com)
التعليق:
لقد كان موضوع اجتماع دافوس لهذا العام مهزلة، فقد كان مؤيدو النظام الليبرالي يشعرون بقلق بالغ من سياسة ترامب “أمريكا أولا”، ومن صعود اليمين المتطرف في جميع أنحاء أوروبا، وهم جميعا يائسون من إنقاذ مستقبلهم.
منذ عام 1945م كان أكبر دائري النظام الدولي مدعوما بسياسات التجارة الحرة النخبة الليبرالية والأغنياء، وتقدر منظمة (أوكسفام) أن “أغنى 1٪ في العالم يحصلون على 82٪ من الثروة” (بي بي سي)، هذا التفاوت الكبير ولّد ردود فعل عنيفة في الغرب وخصوصًا بين الغربيين البيض الأصليين.
يريد الغربيون البيض الغاضبون الذين تغذيهم القومية المتطرفة أن يتخلصوا من الليبرالية وما أنتجته من اتفاقات التجارة الحرة والعولمة والأسواق الحرة والتعاون بشأن المشاكل العالمية مثل تغير المناخ… ووضع المصالح الوطنية في مقدمة السياسات، طامعين بعودة الدولة القومية وارتقاء النظام العالمي القائم، بدءا بإلغاء الاتفاقات الدولية والمؤسسات الحكومية الدولية مثل الأمم المتحدة. كما أن القوميين البيض الغاضبين يتطلعون إلى مستقبل لا يضطرون فيه إلى مشاركة العالم مع الآخرين، بحيث تسود الرأسمالية المطلقة التي تطبقها الدولة القومية في المعاملات والعلاقات بين الدول، ويسود العرق الأبيض.
بعد أن استشعر ترامب هذا التحول في المزاج العام، انحاز هو وبعض السياسيين الأوروبيين والأغنياء الجشعين لتحقيق رؤيتهم، لكن هذه المرة اعتمدوا سياسات تضع الدولة القومية أولا، ومن المرجح أن تؤدي سياسة فكرة الدولة القومية إلى نهاية الاتحاد الأوروبي، وزيادة التنافس بين القوى العظمى، كما تشجع استراتيجية ترامب للدفاع الوطني على المزيد من الصراع ضد القوى العظمى، مما يزيد من احتمال نشوب حرب عالمية أخرى تهدد مستقبل البشرية المشترك.
للأسف ليس للعالم الإسلامي أية دولة تحميه وتحمي مصالحه، في الوقت الذي تحولت فيه بلاد المسلمين إلى ساحة حروب تهدد مستقبل أطفالنا.
الوضع الحالي للأمة هو أقرب إلى وضعهم في حقبة القرن الثالث عشر الميلادي، حيث كان البيزنطيون والصليبيون والمغول يسعون إلى تحقيق مصالحهم الخاصة، مما تسبب في دمار مساحات شاسعة من العالم الإسلامي وقتل خلق كثير من المسلمين، ولولا إعادة توحيد دولة الخلافة لما تمكنت الأمة من إنقاذ نفسها من تلك الدول الكافرة آنذاك ووضع حد لإجرامها والقضاء عليها، فهل يخرج علينا اليوم فارس من فرسان الجيوش الإسلامية ينهي ما كرره التاريخ اليوم ويحمي مستقبل البشرية المشترك بما يرضي الله U؟! ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي