صورة أخرى من صور استغلال المرأة في النظام الرأسمالي العفن
الخبر:
“بدأت الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات بالمغرب بتسجيل بيانات وأسماء آلاف النساء الراغبات بالعمل في حقول جني الفراولة (التوت الأرضي) في إسبانيا، وهي العملية التي من المقرر أن تنطلق بين 29 كانون الثاني/يناير الجاري و2 شباط المقبل. ويُتوقع أن ينطلق عمل زهاء 16 ألف امرأة مغربية، منهن حوالي 10 آلاف عاملة سيتم تشغيلهن في الحقول والمزارع الإسبانية لأول مرة في الفترة بين نيسان وحزيران من السنة الجارية، وفق عقود عمل موسمية لجني الفراولة والفواكه الحمراء”.
التعليق:
إن حال المرأة في المغرب هو كحال أخواتها في البلاد الإسلامية، حيث الوضع الاقتصادي الصعب من حيث ارتفاع مستوى العيش وغلاء الأسعار في ظل النظام الرأسمالي الجشع السائد في تلك البلاد. وهذا الوضع دفع المرأة إلى سوق العمل، ومزاولة أعمال متعددة سببها الأول هو الفقر الذي يجعل المرأة تقبل بأي عمل مهما كان لتستطيع إعالة أسرتها. وهذا لا ينحصر فقط على المطلقات، بل هناك متزوجات، لكن أزواجهن لم يتمكنوا من الحصول على عمل، وبذلك تضطر المرأة للخروج إلى العمل لتوفير الطعام والمسكن والتعليم لأبنائها. ويخدعونها قائلين إن هذا نوع من التمكين الاقتصادي الضروري لها، والذي يكفل لها حريتها وحقوقها!!
ونظرا لكل هذا وقلة فرص العمل خاصة لغير المتعلمات فتضطر الآلاف منهن للعمل الشاق في حقول الفراولة في إسبانيا، وهو عمل منهك للمرأة حتى لو كان عملا موسميا لمدة أشهر، حيث من شروط العمل أن يكون لديها القدرة البدنية على ممارسة هذا العمل، وأن تكون متزوجة ولديها أطفال، وذلك حتى يتم التأكد من عودتها إلى بلادها بعد انصرام موسم الجني.
وكذلك من الناحية القانونية، لا يوفر هذا التعاقد حماية كافية للعاملات الموسميات، حيث إن الأيام التي لا يشتغلونها في أغلب الحالات ليست مدفوعة الأجر، وليس هناك معاش تقاعدي بالنظر إلى محدودية مدة العمل، ولا يحق لهن التمثيل النقابي للدفاع عن حقوقهن في ظل ظروف عمل غير مناسبة. ومن الناحية الحقوقية، فإن هذا النظام الموسمي للهجرة ينطوي على انتهاكات جسيمة لحقوق عاملات الفراولة، اللواتي يجدن أنفسهن في ظروف عمل غير إنسانية، بسبب انتشار ظاهرة التمييز وظروف السكن غير اللائق، وعدم مراقبة أجواء العمل، كما أن مقتضيات عقود العمل هذه تجعلهن رهينات كليا لصاحب العمل، ولوسطاء سماسرة، يتسببون لهن بالكثير من المعاناة والاستغلال. وكل هذا غيض من فيض مما تعيشه المرأة في بلاد المسلمين من استغلال اقتصادي منظم تواجهه كعمالة رخيصة من قبل الشركات الرأسمالية والحكومات التي تسعى لزيادة الأرباح والإيرادات، وهذا بسبب النظام الرأسمالي العفن، وغياب الراعي وأحكام الإسلام التي تهتم بالأفراد والجماعات، وتكفل للمرأة عيشا آمنا لا تضطر فيه للخروج إلى العمل في هذه الظروف المذلة الشاقة الظالمة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مسلمة الشامي (أم صهيب)