الرأسمالية في بريطانيا تسبب زيادة في عدد المتشردين في الشوارع كل عام
(مترجم)
الخبر:
في 26 كانون الثاني/يناير 2018، ذكرت صحيفة الجارديان أن “الأرقام الرسمية تظهر أن عدد المتشردين في إنجلترا ارتفع للسنة السابعة على التوالي، وتقول الجمعيات الخيرية إن هذا الارتفاع الحاد فشل حتى في تسجيل المستوى الحقيقي للتشرد في الشوارع… وتفيد قاعدة بيانات “”Chain المنفصلة، والتي تسجل عدد المتشردين في لندن، من قبل العاملين في مجال التوعية، أنه في شهر حزيران الماضي تم الإبلاغ عن 8108 أشخاص متشردين في الشوارع.
وقال بالدير تشاتريك، مدير السياسة في مؤسسة سنتربوينت الخيرية: “هذه الأرقام صادمة، لكنها تحاول فقط إحصاء عدد الأشخاص الذين ينامون في الشوارع خلال ليلة واحدة. ونحن نعلم أن هناك الآلاف من الشباب المشردين بشكل مخفي – أريكة أو كرسي لعدة أشهر، وفي النهاية النوم في وسائل النقل العام أو البقاء مع الغرباء فقط للعثور على سرير لتلك الليلة”.
ومن المفارقات، أنه وفي اليوم نفسه، ذكرت الصحيفة أيضاً أن “نصف الشقق الجديدة الفاخرة في لندن يتم الفشل في بيعها… مع أنها جاهزة وتحتوي صالات رياضية خاصة وحمامات سباحة وغرف سينما، إلا أنها تبقى فارغة، لأن مئات الآلاف من المشترين ولأول مرة يكافحون من أجل العثور على منازل بأسعار معقولة”. وكتبت الصحيفة التعليق التالي “أملاً بتحقيق أرباح كبيرة، واصل المتعهدون بناء أبراج باهظة الثمن، في حين إن الطلب الأكبر في لندن هو على المنازل التي هي بأسعار معقولة”.
وقال جون سباركس، الرئيس الإداري للأزمات: “إنها حقاً كارثة في أن بلداً مزدهراً مثل بلدنا، يتزايد فيه عدد الناس الذين يجدون أنفسهم مضطرين للنوم في ظروف خطيرة ومتجمدة بينما يكون لدينا أدلة تظهر كيف أن الوضع يمكن أن يتحول”.
التعليق:
لندن ليست المدينة الوحيدة في الدول الغربية الرأسمالية الغنية التي يتم فضحها بشكل مخجل بسبب إحصاءات التشرد. في الواقع، في اليوم نفسه وفي الصحيفة نفسها، ذكرت قصة كيف أن السلطات في مدينة سياتل الأمريكية أزالت المتشردين من الشوارع، ثم أقامت صناديق للدراجات لمنعهم من العودة. إن رد الفعل هذا هو الأمر النموذجي في الغرب: وهو دفع المشكلة إلى عتبة شخص آخر. إن المتعهدين في لندن وعلى نحو متزايد يضعون المسامير والحواجز المعدنية حول ممتلكاتهم لمنع الناس من النوم هناك. وهذا جزء من الاتجاه المتزايد المعروف باسم “التصميم العدائي” للحد من تكلفة الشرطة المسؤولة عن ضبط “السلوكيات المعادية للمجتمع”.
ومن الشائع أن ترى الأشخاص الذين يحملون الشعارات الرسمية يمنعون الآخرين من إطعام الأشخاص المتشردين، مشيرين إلى أن ذلك لا يغذي إلا إدمانهم على المخدرات والكحول. وهذا يبني الشعور عند العامة بأن جميع المتشردين هم مجرمون وينامون في الشوارع باختيارهم الشخصي وأنهم حتى لا يستحقون المساعدة.
ما لا تكشفه الأرقام، وهو من أكثر الأمور التي تثير الدهشة، أنه من السهل الآن العثور على عائلات كاملة، رجال ونساء وأطفال، ينامون في شوارع لندن. وهنالك تزايد في عدد المتشردين الذين يتمتعون بمستوى تعليم جيد، حتى إن لديهم وظائف خلال النهار، ولكنهم غير قادرين على تحمل تكاليف السكن الملائم، لذلك يضطرون إلى التشرد في الشوارع. وعلاوة على ذلك، فإن المرض العقلي، والذي هو آخذ في الارتفاع في الغرب، هو طريق الشائع للتشرد.
إن النوم في الشوارع ليس أمراً آمناً، حيث إن الطقس في فصل الشتاء يمكن أن يكون قاتلاً، وغالباً ما يتعرض المتشردون للهجوم من قبل المارة.
كل حزب سياسي يلقي باللوم على سياسات الآخرين لعدم معالجة مشكلة التشرد، ولكن بغض النظر عمن يكون في السلطة، فإن الوضع لا يحل أبداً، لأن الأيديولوجية التي يلتزم بها كل منهم لنفسه لا يمكن أن تحل المشكلة، ولكنها في الواقع تسببها. إن ضمان أن يكون لكل شخص مأوىً مناسب يجب أن يكون واجباً أساسياً للدولة، في حين إن الرأسماليين الذين يديرون الدولة يركزون أكثر على حماية ثرواتهم ومصالحهم من بقية الناس في العالم، خشية أن يشاركوهم في ذلك.
إن الإسلام يضمن إشباع الحاجات الأساسية لكل فرد في المجتمع وهي المسكن والملبس والمأكل، كما قال النبي r: «لَيْسَ لابْنِ آدَمَ حَقٌّ فِيمَا سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ: بَيْتٌ يَسْتُرُهُ، وَثَوْبٌ يُوَارِي عَوْرَتَهُ، وَجِلْفُ الْخُبْزِ، وَالْمَاءِ».
ولذلك، فإن مسؤولية الحاكم هي ضمان الوفاء بإشباع هذه الحاجات الأساسية لكل فرد بعينه، وليس مجرد إشباع جميع رغبات الرأسماليين الأثرياء. عندما يتحدث السياسيون الغربيون عن معالجة التشرد، فإنهم عادة ما يجدون أنه بقي القليل من الأموال التي تركت لهذه الأولوية البسيطة لأنها تخص الناس العاديين، ولأنهم أنفقوا جميع الأموال لإنقاذ أصدقائهم أصحاب المصارف الرأسماليين، أو لتمويل الدكتاتوريين أو لتمويل الحروب المكلفة في الخارج، أو لحماية مصالح أصدقائهم التجار الرأسماليين. وبالتالي، فإن الإجراء الوحيد الذي يمكن أن يتخذوه هو استخدام الشرطة لإزالة المتشردين من الشوارع، مما يجعل المشكلة أقل وضوحاً، على أمل أن ينخدع الناس العاديون بالظن بأنهم قد حلوا المشكلة.
إن النظام الإسلامي، عندما تطبقه دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القائمة قريبا بإذن الله، لن يسعى فقط إلى إجراء تغييرات تجميلية لإخفاء مشكلة التشرد المتزايدة، كما يفعل الرأسماليون، بل سيوفر موارد جدية لضمان إزالة الأسباب الجذرية لهذه المشكلة، سواء أكانت تلك الأسباب اجتماعية أم نفسية أم اقتصادية…
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
يحيى نسبت
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا