بعد أربع سنوات، الدستور بين فشل التأسيس وخروقات السلطة له
الخبر:
تصادف هذه الأيام الذكرى الرابعة لإصدار دستور المجلس التأسيسي في تونس الذي تم ختمه في يوم 23 كانون الثاني/يناير 2014.
التعليق:
لقد أثبت هذا الدستور أنه لم يكن في مستوى تطلع الشعب الذي ثار وطالب بتغيير النظام، وبالرغم من وضوح التوجه العلماني الذي قام عليه إلا أنه أكد الفشل وبيّن تناقض القائمين عليه وهشاشة الوضع السياسي الحالي.
لم تكن النسخة النهائية أو حتى التي سبقتها في مستوى تطلعات الشعب الذي ثار وأعلى شعار تغيير النظام، فقد أقر دستور 2014 كل ما كانت عليه البلاد منذ الاستعمار، حيث إنه تنكر لكل المطالب بتحكيم الإسلام والتحرر من الاستعمار ولو حتى بشكل رمزي، بل أمعن في تثبيت العلمانية ونظر إلى حرية (الضمير) في سياقات مشبوهة، ولا ننسى حينها إشراف هيئات غربية وأطراف صهيونية على كتابة فصوله على غرار نوح فيلدمان أو ستيفن براير عبر الأقمار الاصطناعية.
وها هو بعد أربع سنوات ظل كسابقه عنوانا للمزايدات بين المتشاكسين السياسيين، ولم يحتو على ما يترجم إلى قوانين إلا ما أريد من إمعان في ضرب أحكام اجتماعية لم تقدر المجلات القانونية السابقة على تغييرها، ولكن ما أكد فشل المسار أن القائمين عليه هم من اضطروا مرارا وتكرارا لخرقه وتجاوزه، بل حتى إن رئيس الجمهورية صرح بشكل واضح وعلني “خلي يقول خرق الدستور”!! وقد أكد خبراء عديدون ضمن تقارير عن خروقات عديدة للدستور ومتعمدة من السلطة السياسية في تونس.
وفي الأيام الأخيرة انطلقت دعاوى من سياسيين من الحكم أو المعارضة تطالب بتعديله وتغيير حتى شكل النظام السياسي، وإن كانت هذه الدعاوى تخفي غايات مصالح السلطة والحكم، إلا أنها أثبتت أزمة شخصية عند طيف سياسي عنوانها التكبر والاستعلاء على التشريع الإسلامي في مقابل الالتزام بكل أجندات الأطراف المتنفذة والطامعة في بلادنا.
إن الفترة التي شهدت كتابة الدستور والتي تلتها لم تكن مرحلة تؤسس إلى تغيير حقيقي، بل كانت محاولة لتحريف الثورات ومعاقبة الشعوب التي انتفضت وطالبت بالعودة إلى إسلامها ومجدها وعزها.
يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. محمد ياسين صميدة
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس