حقوق المرأة العادلة لا تُنال إلا بدولة الإسلام
في الجلسة الافتتاحية لاجتماع المكتب التنفيذي لجناح المرأة بمجلس الأحزاب السياسية الأفريقية والذي أقيم بالتعاون مع حزب المؤتمر الوطني، دعا “إبراهيم السنوسي” مساعد رئيس الجمهورية، إلى ضرورة تمكين المرأة الأفريقية من حقوقها السياسية التي كفلها لها الشرع، مشيراً إلى تبوؤ المرأة السودانية مواقع مختلفة في المجالات كافة، مطالباً بأن تنال المرأة حقوقها السياسية كاملة بمقتضى الدين الإسلامي.
وحث “السنوسي” النساء على أخذ حقوقهن كاملة غير منقوصة وفق ما ورد في كتاب الله، وقال إن الشيخ “الترابي” كتب كثيراً عن تحرير المرأة ولم يكن ممانعاً في أن تتولى رئاسة الدولة ودفع بها كأول المرشحين في القائمة الانتخابية مشيراً لأهمية تطور المرأة من خلال تطورها في مفهومها السياسي باعتبارها جزءاً من تطور القارة، (صحيفة المجهر السياسي 2018/4/14م).
الحديث عن تحرير المرأة وحقوق المرأة وتمكينها والمطالبة بأن تنال حقوقها السياسية، هذه المصطلحات التي تنتمي لحضارة الغرب الرأسمالي التي ظلمت المرأة وهضمت حقوقها فاتخذت بحث الحقوق طريقا لتنال ما سلبته منها، هذه الحضارة الغربية ومفاهيمها لا تتناسب مع ما في كتاب الله عز وجل بل تتناقض معه جملة وتفصيلا من حيث الأساس والتفاصيل.
والسؤال المحير هنا هو هل كل امرأة أفريقية يلزمها ما في كتاب الله حتى نستدر عطفها بأن تطالب بحقوقها التي كفلها لها الشرع؟ أم إن ذلك مبالغة في الترويج لمطابقة الحضارة الغربية مع دين الإسلام حتى أصبحت مخاطبة غير المسلمين بذلك التطابق أمراً في غاية السهولة؟!
والأمر العجاب أن يأتي الحديث عن هذه المفاهيم في بلاد تشوبها الحروب وتندلع فيها النزاعات المسلحة والفتن بين غربها وشمالها وجنوبها وما ينتج عن ذلك من ضياع للأسر وتبديد للمدخرات وتشتيت وتهجير، وما تبع ذلك من وضع اقتصادي مزرٍ يطال الرجال والنساء، بل حتى الحجر والشجر، تأتي الدعوة إلى تمكين المرأة والمطالبة بحقوقها السياسية لإنهاض البلد والادعاء بأن ذلك هو تصحيح الأوضاع والرجوع بها إلى مسارها الإسلامي الصحيح.
ولا عجب بعد هذه الدعوة من أن نجد التعديلات الدستورية الدورية في السودان على سبيل المثال من 2014م إلى هذا الوقت تسعى إلى بذل الوسع في كسر كل حاجز مهما كان لمساعدة وتمكين المرأة السودانية لتقوم بمشاركة فاعلة في كافة المجالات وفق ما أسموه المساواة العادلة في الحقوق والموارد والخيارات والفرص المتاحة، كأنما المرأة في السودان بلا مبدأ ولا عقيدة تستورد لها معالجات غربية هي التي جعلت من المرأة في الغرب ماكينةً متى ما توقف عطاؤها جُرّت إلى مزبلة دور العجزة تعاني الاكتئاب وأمراض الشيخوخة وحيدة بلا سند…
صحيح أن الضرورة الاقتصادية قد حتمت خروج المرأة للعمل في كل مجال، وقد أثرت تأثيراً بالغاً في تغيير دور المرأة السودانية بحيث أصبحت لها أدوار أساسية في القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية الحديثة إلى جانب أدوارها التقليدية المعروفة في اقتصاديات الرعي والزراعة. وفي السياق نفسه ورغم ادعاءاتهم أنهم أخرجوا المرأة من أزمتها لكنهم أوقعوها في الأزمة الرأسمالية، حيث نجد أن المرأة تعاني من قلة فرص التدريب الفني اللازم لترقية الجوانب الاقتصادية لها، كما أن السلع التي تنتجها النساء غالبا ما تجد منافسة عالية في الأسواق، وهناك نسبة عالية من النساء تعمل في القطاع غير المنظم وهذا يعني أنها لا تستفيد من قوانين العمل التي يتشدق بها مدّعو المطالبة بحقوق المرأة مما يقلل فرص الدعم والتمويل والتدريب في هذا القطاع.
بالإضافة إلى الظروف المعيشية الصعبة، والفقر المدقع، والمشاكل الأسرية الناتجة عن الحروب، والتي هي بعض الأسباب التي ترغمهن على امتهان مهن بظروف صعبة “بائعات أطعمة” خصوصاً بعد أن ازداد عددهن، والتي تؤكد دراسة رسمية أنه وصل إلى أكثر من 13 ألفا، 441 منهن يحملن مؤهلاً جامعياً، والأخطر أن بينهن فتيات قاصرات.
هذا هو واقع المرأة في السودان، فهل العلاج لهذا الواقع المرير هو تمكين المرأة والمطالبة بالحقوق السياسية للوصول لأعلى الهرم السياسي كرئيس دولة واتخاذ هذه المطالبة قضية؟!
نعم إن الدين الإسلامي أجاز عمل المرأة في كافة المهن بما يصون كرامتها ولا يسيء إلى أنوثتها. فالمرأة في الشريعة شقيقة الرجل، لها مثل حقوقه داخل الأسرة وخارجها، ولها مثل الذي عليها بالمعروف، فالمرأة في الإسلام راعية الأسرة وبالتالي المجتمع، فهي تؤثر في حياته وبنائه، وهي مدبرة البيت، وهي والدة وحاضنة ومربية الأجيال، وهي المؤثرة على الشباب ومؤازرة الرجال، نعم هذه هي المهنة الأصلية للمرأة ولا ضير أن تخرج للعمل بعد ذلك وفق ما فصله الشرع.
أما تولية المرأة واختيارها للرئاسة العامة للمسلمين فهذا لا يجوز، وقد اشترط الإسلام أن يكون الحاكم رجلاً. روي عن أبي بكرة قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» أخرجه البخاري، فإخبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بنفي الفلاح عمن يولون أمرهم امرأة نهي عن توليتها، إذ هو من صيغ الطلب. وكون هذا الإخبار جاء إخباراً بالذم فإنه يكون قرينة على أن النهي نهي جازم، فتكون تولية المرأة الحكم حراماً، ومن هنا كان شرطاً من شروط تولية الحاكم.
ونخلص في النهاية إلى أن حل مشاكل البشرية عامة والمرأة خاصة ليس في مفاهيم الحضارة الغربية التي تكتوي بنارها نساء الغرب فيقبلن على الإسلام ليجدن فيه الحل الرباني لأنهن توصلن إلى أن مشاكل المرأة لا يمكن أن تعالج ويقضى عليها من جذورها إلا بأحكام الإسلام التي أتت مواتية لما تحتاجه البشرية وتتطلع إليه من إشباعات، فضبطها رب المرأة عز وجل ووضع لها قواعد وحدوداً، حتى لا يكون هناك إفراط في الإشباع أو تفريط في الحدود.
وبما أن أحكام الإسلام لا بد لها من كيان تنفيذي يقوم على تنفيذها بسلطة وقوة الدولة، نقول هذا ما تفتقده المرأة اليوم وتظل تتطلع إليه حتى يتم الله نوره فتعم شريعة الإسلام العظيم.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار – أم أواب