Take a fresh look at your lifestyle.

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح127) الوَسِيلَةُ إِلَى الحَرَامِ مُحَرَّمَةٌ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا تُوصِلُ إِلَى الحَرَامِ

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 

الحَلْقَةُ السَّابِعَةُ وَالعِشْرونَ بَعدَ المِائَة

 

(ح127) الوَسِيلَةُ إِلَى الحَرَامِ مُحَرَّمَةٌ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا تُوصِلُ إِلَى الحَرَامِ

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا “بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام” وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّابِعَةِ وَالعِشْرِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: “الوَسِيلَةُ إِلَى الحَرَامِ مُحَرَّمَةٌ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا تُوصِلُ إِلَى الحَرَامِ”. نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الخَامِسَةِ وَالتِّسعِينَ مِنْ كِتَابِ “نظامُ الإسلام” لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادةُ الخامسةَ عشْرَةَ 15-الوَسِيلَةُ إِلَى الحَرَامِ مُحَرَّمَةٌ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا تُوصِلُ إِلَى الحَرَامِ، فَإِنْ كَانَ يُخْشَى أَنْ تُوصِلَ فَلَا تَكُونُ حَرَامًا.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ حَتَّى يَدرُسَهُ الـمُسلِمُونَ وَهُمْ يَعْمَلُونَ لإِقَامَتِهَا, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيهِمْ, وَهَذِهِ هي الـمَادَّةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ, وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

دَلِيلُهَا قَولُهُ تَعَالَى: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ). (الأنعام 108)  فَمَسَبَّةُ الكُفَّارِ مِنَ الـمُبَاحَاتِ, وَقَدْ سَبَّهُمُ اللهُ فِي القُرآنِ. إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الـمَسَبَّةَ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا تُوصِلُ إِلَى أَنْ يَسُبُّوا اللهَ كَانَتْ حَرَامًا؛ لِأَنَّ سَبَّ اللهِ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ حَرَامٌ وَفَوقَ الحَرَامِ، وَمِنْ هُنَا استُنبِطَتِ القَاعِدَةُ الشَّرعِيَّةُ (الوَسِيلَةُ إِلَى الحَرَامِ حَرَامٌ) إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الوَسِيلَةَ حَتَّى تَكُونَ حَرَامًا، فَيَجِبُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا تُوصِلُ إِلَى الحَرَامِ؛ لِأَنَّ تَحرِيمَ سَبِّ أَصنَامِهِمْ هُوَ بِسَبَبِ أَنَّهُ يُؤَدِّي لِسَبِّ اللهِ سُبحَانَهُ، وَذَلِكَ بِاستِعْمَالِ (فَاءِ السَّبَبَيَّةِ) وَإِذَا لَـمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُ سَبِّ اللهِ بِسَبَبِ سَبِّ أَصنَامِهِمْ كَغَلَبَةِ الظَّنِّ فِي أَيِّ حُكْمٍ شَرعِيٍّ، فَلَا يَكُونُ لاستِعْمَالِ (الفَاءِ) دَلَالَةٌ عَلَى السَّبَبِيَّةِ وَبِالتَّالِي عَلَى التَّحرِيمِ … فَإِذَا كَانَ لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ تِلْكَ الوَسِيلَةَ تُوصِلُ إِلَى الحَرَامِ، كَأَنْ كَانَ فَقَطْ يُخشَى مِنهَا أَنْ تُوصِلَ إِلَى الحَرَامِ، كَخُرُوجِ الـمَرأَةِ مِنْ غَيرِ نِقَابٍ (أي وَجْهُهَا ظَاهِرٌ) يُخشَى مِنهُ أَنْ يُوصِلَ إِلَى الفِتْنَةِ، فَإِنَّ الوَسِيلَةَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الحَالِ لَا تَكُونُ حَرَامًا؛ لِأَنَّ الخَشْيَةَ مِنَ التَّوصِيلِ لَا تَكْفِي لِلتَّحرِيمِ. وَهَذَا هُوَ دَلِيلُ هَذِهِ الـمَادَّةِ.

 

وَمِثْلُ هَذِهِ القَاعِدَةِ قَاعِدَةُ: (الشَّيءُ الـمُبَاحُ إِذَا أَوصَلَ فَردٌ مِنْ أَفرَادِهِ إِلَى ضَرَرٍ، حُرِّمَ ذَلِكَ الفَردُ وَحْدَهُ وَبِقَي الشَّيءُ مُبَاحًا)؛ وَذَلِكَ لِـمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ حِينَ مَرَّ باِلحِجْرِ، نَزَلَهَا وَاستَقَى النَّاسَ مِنْ بِئْرِهَا، فَلَمَّا رَاحُوا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا، وَلاَ تَتَوَضَّئوا مِنْهُ لِلْصَّلاَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ عَجَنْتُمُوهُ فَاعْلِفُوهُ الإِبِلَ, وَلاَ تَأْكُلُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَلاَ يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ إِلاَّ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ». رَوَاهُ ابنُ هِشَامٍ فِي السِّيرَةِ وَابنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.

 

فَشُرْبُ الـمَاءِ مُبَاحٌ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ الفَردَ مِنْ أَفرَادِ الـمَاءِ – وَهُوَ بِئْرُ ثَمُودَ – قَدْ حَرَّمَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ يُوصِلُ إِلَى أَذَىً، وَلَكِنْ ظَلَّ الـمَاءُ مُبَاحًا. وَخُرُوجُ الشَّخْصِ فِي اللَّيلِ دُونَ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ صَاحِبٌ مُبَاحُ، وَلَكِنَّ خُرُوجَ أَحَدٍ مِنْ ذَلِكَ الجَيشِ فِي تِلْكَ اللَّيلَةِ فِي ذَلِكَ الـمَكَانِ قَدْ حَرَّمَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهُ يُوصِلُ إِلَى أَذَى، وَمَا عَدَا ذَلِكَ ظَلَّ خُرُوجُ الشَّخْصِ لَيلًا دُونَ صَاحِبٍ مُبَاحًا. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الفَرْدَ الوَاحِدَ مِنَ الـمُبَاحِ إِذَا أَوْصَلَ إِلَى أَذَىً صَارَ ذَلِكَ الفَرْدُ وَحْدَهُ حَرَامًا, وَظَلَّ الشَّيءُ نَفسُهُ مُبَاحًا.  

 

bloogh 7 5

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

boloogh-almaraam-nedham-aleslaam-annaadee-127.pdf