Take a fresh look at your lifestyle.

  بين الحقيقة والسراب ح18   العنوان في الخبر الصحفيّ

 

عند الحديث عن الأخبار فإننا نعلم تماماً أن لكل خبرٍ أجزاء كل جزء له أهمية متعلقة بالأخرى لا يمكن فصلها عنها، وكل خبرٍ لا بد له من عنوانٍ ينبه المتلقي عما يحوي الخبر من مضمون، والعنوان في الإعلام يجب أن يكون لافتاً مظهراً لمحتوى النص، وهنا تكمن حذاقة الإعلاميّ في اختيار العنوان الأنسب للخبر.

 

وعنوان أي خبرٍ صحفيّ يجب أن تكون له سمات معينة حتى يكون ناجحاً، من هذه السمات:

  1. أن يكون متطابقاً مع المضمون دالاً عليه.
  2. الإيجاز فلابد أن يكون العنوان مركزاً مختصراً لا يحوي كلماتٍ يمكن حذفها دون أن تخل بالمعنى.
  3. الابتعاد عن الغموض في اختيار كلمات العنوان.
  4. أن تشمل العناوين أهمَّ الحقائقِ في الخبر وأكثرَها تشويقاً.
  5. أن يكون متطابقاً مع مضمون الخبر وأن يكون دالاً عليه معبراً عنه.
  6. سلامة اللغة المستخدمة في كتابة العنوان، وغيرها من السمات.

 

وكما نعلم أن العنوان الصحفي يستمد خصائصه من ظروف نشأته وتطوره، ويرتبط بطبيعة المجتمع الجماهيري الذي ينطوي على كتل بشرية غير متجانسة فيما بينها، ومع تطور صناعة الصحافة أصبحت الحاجةُ ملحةً إلى وجود العناوين لتساعد القارئ على اختيار الموضوعات التى تهمه، وتلبية حاجات القارئ وإشباع رغبته فى المعرفة السريعة لطبيعة الأحداث التي تجري من حوله، حيث أن صفة الجاذبية في العنوان تساعد على كسر جمود مادة النصِّ الصحفيِّ المصاحب له العنوان.

 

وللعنوان أنواعٌ مختلفة، منها:

  1. العنوان الإخباري: ويعني العنوان الذى يحمل معلومات عن الموضوع المصاحب له ويقدم معلومات جديدة تتصل بالخبر الأساسي.
  2. العنوان المقارِن: ويقوم هذا العنوان على أساس المفاضلة بين الأفكار والآراء وإبراز جوانب التفاصيل، ويعتمد على عنصر المقابلة بين حقيقتين أو أكثر من الحقائق المتصلة بالخبر.
  3. العنوان الوصفي: ويقوم على رسم صورة وصفية للموضوع فى ذهن المتلقي، بحيث تجذبه هذه الصورة لقراءة الموضوع، وهذا العنوان يستخدم الألفاظ القوية التي تدعو المتلقي إلى الاطلاع.
  4. العنوان النقديّ: وهو العنوان الذي يتخذ موقف من الأحداث وبالتالى فهو يستخدم بكثرة فى الأحاديث الصحفيةة والمقالات والتحقيقات.
  5. وغيرها من أنواع العناوين كالطريفة والمقتبسة.

 

طبعاً ومما لا شك فيه بعد هذا العرض البسيط عن العنوان الصحفيّ وأهميته، وما له من أهمية في زيادة رغبة المتلقي للاطلاع وقراءة ما بين السطور، فإن وسائل الإعلام تستغل كل منها هذا الجزء البسيط بحجمه الكبير بتأثيره لإيصال رسالة ما بطرائق مختلفة.

 

فمثلاً عندما ترغب وسائل الإعلام أياً كان نوعها أن تجعل الخبر بأهميةٍ عالية، فإنها تعمد إلى إعطاء الخبر عناوين عدة تثير رغبةً لدى المتلقي لمعرفة المزيد حول الأمر، ولأدلل فالدليل ليس عنا ببعيد عندما أرادت المصالح الإنجليزية إشعال فتيل انتفاضةٍ ثالثة في فلسطن، رأينا الجزيرة على مدار أربعٍ وعشرين ساعة تلقي بأخبار عدة وعناوينها تختلف بين إذكاء روح القتال وأخرى استفزازٌ بما يقوم به اليهود من أعمال في الأقصى وغيره من المناطق، حتى أننا شعرنا من خلال هذه العناوين أن الجزيرة تشد اليد على ضرورة الانتفاضة.

 

وعندما تريد وسائل الإعلام أن تفهم الجمهور بأن أمراً ما يسير على ما يرام، فإنها تعنون له بما يدلُّ على أن مجرى الأمور يسير حسبما تريده الحكومات، فعلى وكالة معاً نرى صورةً عُنوِنت على أنها صورة لإمرأة من نابلس بغلت المئة عام تسجل للمشاركة في الانتخابات، طبعاً العنوان يدل على أن هناك إقبالاً على عملية الانتخابات في الضفة ويعمل على حثِّ الناس للإقبال أيضاً عليها.

 

وفي الخبر الذي نشرته معاً قبل مدة عن الرغبة في تخصيص تاكسي للنساء في منطقة الخليل كان عنوان الخبر ” تكسي للنساء فقط بمدينة الخليل والسائقات جامعيات ” وقد بدأ العنوان بأن السائقات جامعيات حيث أُريد الإخبار بأنهن مثقفات (بمعنى آخر يطلب الخبر من المتلقي الرضى بالأمر فالسائقات جامعيات).
ومما تقوم به وسائل الإعلام من محاولات التضليل المستمرة هو التعدي حتى على حجم العنوان الذي من المفترض أن يكون قصيراً، فنراه أحياناً يطول ويقصُر حسب المهمة المطلوبة منه، ففي أحد الأخبار التي نُشِرَت على صفحة الأهرام الرئيسية عام 2007 كان طول العنوان قد وصل الخمسة أسطر ، وكان العنوان كالتالي: ” مقتل ‏68‏ وإصابة ‏400‏ في عودة جديدة للعمليات الإرهابية الكبرى بالجزائر انفجار سيارتين ملغومتين استهدفتا المجلس الدستوري ومفوضية اللاجئين انهيار كامل لمبنىً تابع للأمم المتحدة ومقتل‏10‏ أجانب بداخله تنظيم القاعدة يعلن مسؤوليته‏..‏ والحكومة الجزائرية تشدد حالة الطوارئ وزير الداخلية يتحدث عن‏22‏ قتيلا فقط و‏3‏ مصابين من الأمم المتحدة “.

 

من يكتب عنواناً بهذا الطول ويصدر به صفحات جريدته هو يريد أن ينقل حتى التفاصيل في العنوان حتى لا تضيع منه الفرصة من نقل هذه التفاصيل التي يريدها في ثنايا الموضوع، ولا يقرؤها القراء طبعاً لعلم واضع العنوان أن معظم القراء يقرؤون العناوين فقط.
ومما لا شكَّ فيه هناك أدلة كثيرة على ما يمكن أن يخفيه العنوان الصحفيّ من نوايا، لا يراد منها إلا تطبيق سياساتٍ إعلاميةٍ مارقة، أمرهم بها حكامهم العملاء.

 

إعداد: الخنساء