Take a fresh look at your lifestyle.

الحكومة الجديدة تتوعد أهل السودان بمزيد من الصدمات والأزمات

 

الحكومة الجديدة تتوعد أهل السودان بمزيد من الصدمات والأزمات

 

 

 

الخبر:

 

أكد نائب رئيس الجمهورية عثمان محمد يوسف كبر أن المرحلة المقبلة تتطلب تضحيات كبيرة للوصول إلى بر الأمان، وأضاف أن المرحلة القادمة صعبة وتعتريها مشاكل عديدة، كما أنها بحاجة إلى حصافة وصبر وجرأة وتتطلب تضحيات كثيرة. (الراكوبة نيوز، 2018/9/15)

 

التعليق:

 

إن المشاهد للأوضاع التي تمر بها البلاد يتعجب من تصريحات منسوبي الحكومة، فأي تضحيات هذه التي يتحدث عنها الرجل؟! والناس لا زالوا يقفون في صفوف الخبز وصفوف الغاز وصفوف البنوك يطلبون ودائعهم التي استودعوها لدى البنوك لكنهم لا يستطيعون الحصول عليها لأن عباقرة النظام يحاولون السيطرة على الجنية السوداني الذي يتهاوى أمام الدولار الأمريكي من خلال حجرهم على أموال الناس في البنوك.. فهل بعد هذه المعاناة والتعاسة تطالبنا الحكومة الجديدة بمزيد من التضحيات؟! ترى أي نوع من التضحيات يعنيها الرجل؟!!

 

الجدير بالذكر أن منسوبي الحكومة الجديدة قد توافقوا على مثل هذه التصريحات؛ فقد صرح رئيس الوزراء الجديد معتز موسى الأربعاء الماضي، قائلا: (إن أولويات حكومته الجديدة، تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي وهيكلي شامل يبدأ ببرنامج (صدمة) قصير الأجل لمعالجة الاختلالات في التضخم وسعر الصرف للجنيه ولخلق أرضية صلبة لمعالجة واستدامة فك الاختناقات الهيكلية والتشوهات التي لحقت بالقطاع الاقتصادي، تمهيداً لدعم العرض الكلي والإنتاج).

 

    إن المدقق في تصريحات رئيس الوزراء يستطيع أن يدرك أن الرجل أشرب النظام الاقتصادي الرأسمالي لدرجة أنه لا يستطيع التفوه بكلمة إلا بما قاله منظرو الرأسمالية الغربية، ولا يستطيع التفكير إلا من داخل الصندوق الرأسمالي، وسنقف في هذا التعليق على مصطلح “الصدمة” الذي استخدمه رئيس الوزراء ووزير المالية في الحكومة الجديدة، فماذا تعني نظرية الصدمة؟

 

نظرية الصدمة أو عقيدة الصدمة هي تلك الفكرة الرأسمالية الشيطانية التي جاء بها (فريدمان) المستشار الاقتصادي للرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ريغان، وهي نظرية رأسمالية تقوم علي استغلال الكوارث في الدول، وفي حالة عدم وجود كوارث فيجب صناعة أزمة أو كارثة مفتعلة ثم استغلال نتائجها، لتمرير وتنفيذ سياسات اقتصادية يرفضها السكان في الحالات الطبيعية.

 

وهذا ما يحدث في السودان منذ فترة ليست بالقصيرة؛ فالدولة هي التي تستورد القمح وتحتكر توزيع الدقيق عبر جهاز الأمن والمخابرات الوطني، فكيف تحدث أزمة في الخبز، إن لم تكن بمباركة ورعاية مباشرة من الدولة؟! وكذلك الغاز يخضع لإشراف مباشر من قبل جهاز الأمن.. وهكذا نستطيع القول إن الدولة تخلق الأزمات المتتالية لأجل تمرير حزمة من السياسات الفاشلة التي أمر بها منظرو ومخربو صندوق النقد الدولي.. وكل ذلك وهي تتبع سنن فريدمان شبراً بشبر حتى أدخلت أهل السودان في جحر الرأسمالية.

 

أما إصرار الدولة على المضي قدماً في تبني سياسات صندوق النقد الدولي الذي زار وفده البلاد منتصف آب/أغسطس الماضي فهذا ما سيفضي إلى مزيد من ضنك العيش وسوء الأوضاع في البلاد، وهذا ما أكده القيادي بالمؤتمر الوطني نائب رئيس القطاع السياسي بقوله: (لا أستغرب ولست مندهشاً من استخدام رئيس مجلس الوزراء لمفردة صدمة حتى يتخوّف منها الناس، وحتى يتعافى الجسد الاقتصادي ربما نحتاج إلى عمليات جراحية أو تجرّع بعض الأدوية المرة، وأرى أنه لا بد أن يكون هناك استعداد لمثل هذه المعالجات). (صحيفة السودان اليوم الإلكترونية 2018/9/16م).

 

وتأتي تصريحات نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الاستثمار المقال مبارك الفاضل المهدي لتؤكد للأمة جمعاء أن الدولة تمشي على خطا الكافرين ولا حظ لمنسوبيها في وضع السياسات الاقتصادية للبلاد، فقد قال: (إن الحكومة استعانت بخبراء من روسيا لإعداد ميزانية 2018م، وبغض الطرف عن إمكانيات الروس في وضع الميزانيات، أو إلمامهم بتفاصيل الاقتصاد السوداني، فإنه ليس مقبولاً من حزب حكم البلاد 29 عاماً أن تتقاصر إمكانياته عن وضع ميزانية، ودون تردد نقول إن الميزانية التي وضعها الروس تعد من أسوأ الميزانيات في تاريخ الإنقاذ). (شبكة الشروق الإخبارية 2018/9/17م).

 

لم تتوقف مساعي الحكومة في تسول المعالجات من مزبلة الحضارة الغربية لوضع الميزانية فحسب بل أيضاً تستعين بخبراء من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي لأجل إيجاد معالجات للسيطرة على الآثار المدمرة التي أنتجتها ميزانية 2018م.

 

فقد قالت الدكتورة سعاد عبد الرازق، رئيس اللجنة الفنية لتقييم الاستراتيجية الكلية لمكافحة الفقر بالسودان: (إن البنك الدولي والاتحاد الأوروبي سيقدمان العون الفني لتوفير الخبراء لإعداد الاستراتيجية الكلية لمكافحة الفقر، مؤكدة أنها سوف تمكن السودان من إعفاء ديونه عبر مبادرة الهبيك، لافتة إلى ورقتين مهمتين يجرى إعدادهما في الاستراتيجية، الأولى ورقة الاقتصاد الكلي والثانية ورقة مسح ميزانية الأسرة). (اليوم السابع 2018/9/6م).

 

وعليه فإننا نقول إن التعديلات بل (التعويجات) الوزارية التي أجرتها الدولة لا علاقة لها بصلب القضية البتة فالدولة فعلاً تتبنى سياسة صندوق النقد الدولي منذ بداية العام مما ترتب عليه نتائج كارثية ولا زال الحبل على الجرار… أما تقليص الوزارات من 31 وزارة إلى 21 وزارة وتقليص وزراء الدولة بنسبة 50% فهذه إجراءات أمنية من الدرجة الأولى لامتصاص غضب الجماهير ومحاولة السيطرة على المد الثوري الذي يتأجج تحت بركان الأزمات المتكررة، مما يعطي الدولة قوة دفع ذاتي للاستمرار في السياسات المدمرة التي تتبناها نيابة عن خبراء وقراصنة صندوق النقد الدولي.

 

والسؤال الآن مقدم للأهل في السودان ما حاجتكم لدولة يضع ميزانيتها خبراء أجانب؟! أين الذين صدعوا رؤسنا بالتغني بالوطنية؟! أم إن الوطنية تتعايش مع فكرة الاستعانة بالأجنبي المستعمر لوضع رؤية حضارية لمعالجة مشكلات الداخل ولا ترى في ذلك حرجاً أو عمالةً؟!

 

ما حاجتنا لدولة تستعين بخبراء البنك الدولي والاتحاد الأوروبي ليعلموا أمة محمد r كيف تعالج مشكلة الفقر الناتجة عن تطبيق سياسات الصندوق؟!

 

ما حاجتنا لدولة تجعل من النظريات الغربية الفاشلة الناقصة نصاً مقدساً تسعى لتنفيذه بحذافيره على البلاد تطلب من خلاله سراب المعالجات ولن تجدها في نهاية المطاف وستجد الله عندها؟!

 

لقد آن الأوان لكي ينعتق الأهل في السودان من الحضارة الغربية ونظرياتها الاقتصادية العرجاء العوجاء، وتقديم معالجات الإسلام بوصفها مخرجاً صادقاً ومنطبقاً على واقعها، فالإسلام وحده هو الذي يستطيع معالجة حالة الانهيار المدمر التي يمر بها الاقتصاد في السودان، وهذه المعالجات تحتاج لرجال أصحاب شكيمة وعزيمة، لذلك فإن الخطاب موجه لأبناء الأمة في القوات المسلحة ألا تريدون أن تكونوا أنصار هذا الزمان، لقد حان الوقت لتتقدموا وتسلموا الأمة سلطانها المغتصب حتى تستطيع مبايعة رجل منها على كتاب الله وسنة رسوله r فيقيم فيها النظام الاقتصادي الإسلامي وسائر أنظمة الحياة… هذا هو الطريق الصحيح للتغيير وأي طريق سواه سيقودنا مجدداً إلى جحر الرأسمالية الذي اتخذته الحكومة سكناً لها.

 

أخرج الأمام أحمد في مسنده عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ r، قَالَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَن؟».

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عصام أتيم

مندوب المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير في ولاية السودان

2018_09_19_TLK_3_OK.pdf