Take a fresh look at your lifestyle.

نموذج الأمم المتحدة: هل هي تجربة تعليمية بسيطة أم سلاح غربي خطير؟

 

 

نموذج الأمم المتحدة: هل هي تجربة تعليمية بسيطة أم سلاح غربي خطير؟

 

(مترجم)

 

يُنظر إلى نموذج الأمم المتحدة في باكستان على أنه أكبر حدث يتعلق بالمدارس. حيث إن الانتساب إليه يُعد جزءا لا يتجزأ من التجربة التعليمية، حيث تجمع المدارس المحلية فرقها وتدفع بتلاميذها إلى الانتساب بهذا الحدث. وكل مدرسة لها فريق يشترك في فعاليات عدة تتعلق بنموذج الأمم المتحدة سواء داخل باكستان أم خارجها، حيث تتم مناقشة الأحداث التي تجري حاليا وكيف يمكن أن يتعاملوا مع أزمات عدة تحصل حول العالم من سوريا إلى السودان.

 

وبالنسبة للتلاميذ، فإنها قضية مكانة؛ فأن يكونوا جزءا من فريق نموذج الأمم المتحدة يعطيهم مصداقية فورية. وهي دليل على إمكانيتك على المناظرة ويُنظر إليها على أنها “مورد مبتكر لتهيئة التلاميذ للنجاح الوظيفي والجامعي”. وهذه النظرة تدفعها المدارس التي تشجع تلاميذها على المشاركة كفرصة للسفر إلى الخارج ووسيلة لإثبات أن مؤسستك التعليمية تساعد التلاميذ على الإعداد لمستقبلهم.

 

ويحاكي التلميذ “المفوض” عمل الأمم المتحدة؛ قائمين على الهيئات متعددة الأطراف وممثلين لحاجات وتطلعات والقرارات السياسية الخارجية المتعلقة ببلدهم التي تم اختيارها لهم. حيث يتم إعطاؤهم الوقت لإجراء بحث حول القضايا ومواقف السياسة الخارجية للدولة، ومن ثم يُطلب منهم التخطيط لاستراتيجية وحل صراعات تظهر على أجندة الأمم المتحدة.

 

فعلى سبيل المثال، كان موضوع سنة 2018 للأمم المتحدة النموذجية اليابانية “إنهاء المجاعة، وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة” وكان موضوع مؤتمر 2018 في غانا “التقدم نحو التحول”. وموضوع نموذج الأمم المتحدة العالمي القادم في بانكوك هو “الوحدة الخارجية: دمج العقول المتنوعة في مجال دولي”. وفي كل من هذه المؤتمرات يتم تعيين دول للتلاميذ وإعطاؤهم مواضيع يتعين عليهم المناظرة فيها، آخذين بعين الاعتبار قضايا كالدبلوماسية و(الإرهاب) والسلام ومستقبل الأمة.

 

وعند النظر إلى ذلك سطحيا، نجد أن هذه فرصة رائعة. والمشكلة هي أنها تدفع بالشباب إلى النظر إلى الأشياء بوجهة نظر معينة؛ وجهة نظر غربية. حيث إن الحدث يخلق وضعا يُسمح فيه للتلاميذ بالتعبير عن أفكارهم وآرائهم في بوتقة غربية.

 

إن الهدف وراء المحاكاة هو الحد من تفكير التلميذ الناقد ومهارات حل المشاكل بشكل معين سابقا، حيث إنها طريقة للتأكد من رجوع الأجيال القادمة من بلادنا إلى الأمم المتحدة وإطار العمل الغربي عند حلنا للمشاكل التي تواجهنا اليوم. حيث إنهم يُدفعون ليأخذوا بعين الاعتبار فيما إذا كانت مواقفهم ستخرق سيادة الدول الضحية، وفيما إذا كانوا مقبولين حسب النظام الليبرالي. فالقضية هي استخدام نموذج الأمم المتحدة كأداة لدفع الثقافة الغربية وتلقين الشباب فكرة أن النظام الغربي هو المتفوق.

 

ونموذج الأمم المتحدة هو حدث شديد التنافسية، حيث يتم تدريب أفراد الفريق في حصص بعد المدرسة. ويتم تعليمهم كيف يتناقشون بخصوص المشاكل التي تواجه رعايا الدول حول العالم مع أخذهم بالاعتبار مفاهيم كتدخل الدولة، والتأثير الإنساني، والرد الدبلوماسي باستخدام تعريفات ليبرالية غربية.

 

وفي قضايا كأزمة سوريا، يبلّغ التلاميذ أن يأخذوا بعين الاعتبار مدى قدرتهم على مساعدة الحكومة الطاغية، دون توجيه أي اتهامات للدولة على أساس عدم التدخل؛ فهل ستكون أمريكا أكثر استعدادا لإرسال مساعدات عسكرية واقتصادية؟ وإلى متى يمكن لبريطانيا تبرير مساعدة مدنيي سوريا الذين يُقتلون بأبشع الطرق؟ فالنقطة هنا أنه يتم تعليم التلاميذ أن ينظروا إلى الأزمات المريعة كالتي تحدث في سوريا بشكل يُرضي دول العالم ولا يتعارض مع الطريقة التي تتجاوب بها الأمم المتحدة.

 

وهنا يتم استخدام التعليم لزراعة الأفكار والثقافة الغربية في الشباب، لضمان السيطرة عليهم. وهذا الأمر هو تكتيك استخدم منذ قرون. حيث استخدم المستعمر الغربي النظام التعليمي كوسيلة لنشر ثقافته. فقد قال اللورد ماكولي في خطاب له أمام البرلمان البريطاني سنة 1835: “لا أعتقد أنه يمكننا أبدا احتلال هذا البلد (الهند)، إلا في حال قمنا بكسر شوكة الأمة، وهنا أعني موروثها الروحي والثقافي ولهذا أقترح أن نستبدل نظامها التعليمي وثقافتها القديمة، حيث إذا ظن الهنود أن كل ذلك غريب وأن الإنجليزية جيدة وأعظم منهم، فسيفقدون احترامهم لذاتهم، وثقافتهم الذاتية الأصلية، وسيصبحون ما نريد لهم أن يكونوا، أمة مُسيطَر عليها فعلا”.

 

وهنا برهان أنه في هذه المرحلة ما بعد الاحتلال، فإن التأثير الغربي أصبح محدودا أو تلاشى كليا. إلا أن فعاليات كهذه، والتي أُعطيت كمّاً كبيرا من المصداقية وربطت برغبة التلميذ بالنجاح في الحياة، سمحت ببقاء التأثير الغربي. فكما قال اللورد ماكولي، فإن التعليم وسيلة لنشر الثقافة وزراعة الأفكار في الشباب. والاعتقاد لا يزال موجودا حول العالم، فدول كفرنسا والسويد تستخدم التعليم وسيلة لقولبة هوية التلاميذ وضمان أن النقطة المرجعية لتصرفاتهم هي الفكر الغربي وليس الإسلام.

 

إن نموذج الأمم المتحدة لا يعطي التلاميذ مساحة تتيح لهم أن يصبحوا مفكرين مستقلين، بل إنه يستغل نظام التعليم لخلق وضع يعطون فيه النظام الغربي الأفضلية على الله عز وجل وعلى الإسلام.

 

وكمسلمين فإننا نأخذ قراراتنا بناء على الدليل الشرعي، فنحن ندرس القضية ونرجع إلى القرآن والسنة لفهم ما أمرنا الله به ونتصرف بناء عليه.

 

وفي نموذج الأمم المتحدة يتم تعليم التلاميذ أن تكون مرجعيتهم قوانين البشر، وهذا يعطي السيادة للشعب وهذا ما يتناقض تماما مع الإسلام. وبهذا فإن منظور التلاميذ ينحرف وتُسيطر عليه الأفكار الغربية بشكل كامل.

 

وفي مثال سوريا، فإن المسلمين يتصرفون حسب الإسلام، حيث لا نعترف بشرعية حكومة بشار الأسد، ولا نعترف أساسا بشرعية الأمم المتحدة أو محاولاتهم حل الاستبداد الذي يتعرض له مسلمو سوريا. وهذا أساس النقاش الذي يجري ضد الأمم المتحدة والنظام الذي تحميه؛ ولهذا لا يجب السماح بنموذج الأمم المتحدة أن يتحقق بأي حال من الأحوال.

 

﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلام المركزي لحزب التحرير

فاطمة مصعب

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

2018_11_13_Art_Model_UN_A_simple_learning_experience_or_a_dangerous_western_weapon_AR_OK.pdf