كيف يجب أن ننظر إلى ذكرى المولد النبوي الشريف؟
الخبر:
يحتفل المسلمون في معظم دول العالم بذكرى المولد النبوي الشريف الذي يصادف الثلاثاء 2018/11/20م.
التعليق:
الثاني عشر من ربيع الأول يوم تكرر في التاريخ الإسلامي ثلاث مرات، يوم ميلاد نبي الرحمة والهدى محمد r، ويوم إقامة دولة جمعت في ربوعها وتحت رعايتها كل من آمن برسالته، فرضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد r نبيا ورسولا، دولة انطلقت من بقعة صغيرة برعايا قليلي العدد والعدة عظيمي الشأن شديدي البأس، صاحَبوا نبيهم وحاكمهم على السراء والضراء، أطاعوه حق الطاعة وقدموا أرواحهم وأموالهم رخيصة في سبيل الله، لتكون دماؤهم التي سالت في الغزوات والمعارك هي التي تروي أراضيَ تُفتح وتُضم إلى الدولة الفتية، لتكبر وتكبر وتعظُم بعظم حاكمها وأمته المعطاءة المنصورة، إلى أن يشاء الله أن ينتهي أجل الحبيب ويحين موعد رحيله فيكون يوم رحيله يوم “ذكرى ميلاده وذكرى ميلاد دولته”، فيكمل صحابته الراشدون الطريق على هداه حتى يتجاوز عمر الدولة الإسلامية الثلاثة عشر قرنا، كانت هي الدولة الأولى في العالم بلا منازع، وإنها وإن اعتدي عليها وأوذيت، لكنها كانت لا تلبث أن تنتصر وتعود إليها عزتها وعظمتها، إلى أن خلف العهد من أساء وضيّع، وسمح لأفكار دخيلة أن تنفذ، فضعف الفكر الإسلامي وقل حنان الأبناء على أمهم، ولم يحافظوا عليها ويرعوها حق الرعاية، مرضت ولم تجد من يداويها حتى أسقطت وكبت!
نعم، وها هي اليوم قد مرّ على إسقاطها ما يقارب القرن من الزمان، لاقى فيه أبناؤها كل أشكال وأنواع الذل والمهانة، اعتدي عليهم وعلى أعراضهم وسلبت ثرواتهم وتكالبت عليهم الأمم كما تتكالب الأكلة على قصعتها، وصل بهم الحال إلى أبعد ما يمكن أن يتصوره أحد، إلا أن هذه الأمة لم تمت ولله الحمد، وما كان لها أن تموت، فالله وعد بأن تعود لها دولتها وتعود لها عزتها وعظمتها، وأن يكون أبناؤها الجدد تماما كأبنائها الأوائل الراشدين، يحفظونها ويرعونها حق الرعاية وينطلقون لنشر الهداية لبقية أجزاء العالم إلى أن تتحقق بشرى نبيها وحاكمها الأول محمد r فيبلغ ملكها جميع بقاع الأرض ولا يبقى حكم غير حكم الإسلام.
هذا هو يوم الثاني عشر من ربيع الأول وهذا ما يجب أن يستذكره المسلمون ويعلموه لأبنائهم؛ يذكروهم بالخلفاء الراشدين ومن سار على دربهم، يذكروهم بالأبطال الفاتحين، يوجدوا عندهم الدافعية ليكونوا في صفوف أبناء الأمة الفاتحين المكملين لمسيرة حمل دعوة نبيهم وحبيبهم r، علهم يحظون بأن يكونوا من أحبابه المستحقين لشفاعته يوم القيامة والذين يشتاق للقائهم فيستقبلهم حين يَرِدون مع أسلافهم المؤمنين حوضه ويشربون من يده الشريفة شربة ماء لا يظمأون بعدها أبدا. نسأل الله أن نكون جميعنا وأبناؤنا منهم.
اللهم أنت أعلم بما في نفوسنا وشوقنا إلى عودة تحكيم شرعك، فعجل لنا بنصرك وعفوك ومغفرتك إنك نعم المعين ونعم الناصر.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
راضية عبد الله