Take a fresh look at your lifestyle.

انفصال بريطانيا عن أوروبا

 

انفصال بريطانيا عن أوروبا

 

 

 

الخبر:

 

تمر بريطانيا بفترة مفاوضات صعبة مع أوروبا بعدما قررت الانفصال عن أوروبا بعد الاستفتاء الذي أجرته سنة 2016. عند اختيار أي دولة أوروبية الانفصال عن أوروبا فإن المادة 50 من القانون الأوروبي تنص على أن الحد الأقصى لتأمين اتفاق بين الدولة المنفصلة وباقي الاتحاد هو سنتان. أما بريطانيا وبعد اختيارها الانفصال وبعد انقضاء معظم السنتين، فإنها ما زالت منقسمة داخليا، متناحرة خارجيا مع أوروبا وغيرها ولم تصل إلى أي اتفاق إلى الآن.

 

تنص المادة 50 أيضا على أنه في حين لم يتمكن الطرفان من التوصل لاتفاق خلال السنتين، فإن هذه المدة لا يمكن تمديدها إلا إن أجمعت دول الاتحاد، وإلا فإن كل الاتفاقيات مع هذه الدولة تصبح منقوضة.

 

يذكر أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قد تغلبت البارحة على خصومها في حزب المحافظين في تصويت سحب الثقة، والذي أتى بعيد تأجيل ماي التصويت في البرلمان على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي كانت تعمل عليه منذ توليها رئاسة الوزراء والذي توقعت عدم تمريره من البرلمان ما يعطل الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي.

 

التعليق:

 

على عادتها بريطانيا تعمل جاهدة لاستغلال أوروبا لتحصل على أكبر منافع سواء منفصلة عنها أو جزءا منها. حينما أرادت أوروبا وفرنسا تحديدا أن تتوحد لتقف في وجه القوى العظمى حينها أمريكا والاتحاد والسوفياتي، علمت فرنسا أن بريطانيا لم ولن تسعى لتوحيد أوروبا، وإنما ستبقى تعمل لمصلحتها الأنانية باستخدام أوروبا وإبقاء القربة مع أمريكا. ولذلك عملت على إبقاء بريطانيا خارج الاتحاد منذ تأسيسه عام 1957. ولكن وبعد استقالة الرئيس ديغول 1969 بدأت بريطانيا مرة أخرى تحث الخطا لتنضم للاتحاد، ليتكلل جهدها بالنجاح عام 1973.

 

بقيت بريطانيا داخل وخارج الاتحاد الأوروبي، فرغم انضمامها له أبقت على قربها من أمريكا، الدولة التي سعت دوما ضد توحد أوروبا على الصعيد الاقتصادي والسياسي والعسكري. فبريطانيا على عكس فرنسا وألمانيا لا تحمل همّ وحدة أوروبا وتصاعدها كقوة عالمية بل تخشى ذلك حيث قيادة الاتحاد ما زالت بيد فرنسا وألمانيا على وجه الخصوص.

 

وها هي بريطانيا اليوم قررت الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولكنها تحاول بشتى الوسائل والأساليب أن تبتز أوروبا لتخرج منها باتفاق يوافق تطلعاتها المستقبلية، أو أنها تبقى ولكن بامتيازات جديدة تؤهلها من قيادة الاتحاد. وما استقالة رئيس الوزراء ديفيد كامرون، وإشعال الإعلام ووسائل التواصل بأخبار الانفصال عن الاتحاد، وتحريك الساسة من مختلف الأحزاب لتعميق الانشقاق من مريد للانفصال إلى رافض له، وأخيرا سحب تيريزا ماي التصويت في البرلمان، كلها وغيرها طرق تحاول بها بريطانيا إشغال الرأي العام الداخلي والأوروبي كأداة ضغط على القادة الأوروبيين للوصول إلى اتفاق يناسب بريطانيا.

 

أيضا قد يُنظر في خروج بريطانيا من الاتحاد على أنه سياسة جديدة لإيجاد أقطاب جديدة في العالم كألمانيا مثلا ما يُصعّبُ الأمر على أمريكا في المضي في مخططاتها التي تضر بالاتحاد الأوروبي وبريطانيا تحديدا. فما احتلال أمريكا لمستعمرات بريطانيا القديمة كالعراق واليمن عنا ببعيد، وليس بعيدا عنا ضغطها المستمر على باقي الدول التي أعطتها بريطانيا استقلالا شكليا بعد الاستعمار الفعلي لها لسنوات طويلة.

 

نسأل الله تعالى أن يشغل الكافرين ببعضهم، وأن يعز المسلمين بدولة الإسلام لتعيد الأمن والسلام الحقيقي للعالم أجمع، اللهم آمين.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الرحمن الأيوبي

2018_12_16_TLK_3_OK.pdf