الإضراب العام في تونس بين تبرير الممنوع واحتواء التحركات
قبل ليلة من الإضراب تم اللقاء بين الشاهد والحكومة، وصرح الاتحاد بأنه لم يتوصل إلى اتفاق معها، حيث قال الشاهد: “أتموا إضرابكم ثم نتفاوض…”، ولكن ما بينه الطبوبي أن صندوق النقد الدولي كان على الخط عند التفاوض، والمعلوم أن الوضع السياسي بما فيه الاقتصادي يشكو أزمة خانقة، فضلا عن أوضاع أخرى تنبئ بعملية انفجار للواقع نتيجة كره الناس للسياسيين بعد أن اكتشفوا كذبهم وعجزهم عن إيجاد حلول لمشاكلهم، وكون الناس تأكدوا من ارتباط النخبة الحاكمة في تونس بالأجنبي، وكان رد الحكومة عبر وزيرها زياد العذاري: “نحن من ذهبنا إلى صندوق النقد الدولي للاقتراض…”، وكأن صندوق النقد الدولي تحت إمرتهم! بينما المعلوم أن صندوق النقد الدولي يعمل بإيعاز من الغرب وسيلة للاستعمار، لأجل عدم التفات هذه الدول إلى ثرواتها الطبيعية التي يعتبرونها “غرفة تمويلهم الخاصة” وخطاً أحمر لا يجوز للأمة أن تخوض فيه كما قالها في أحد الأيام السفير البريطاني الأسبق في تونس، ولا تعتبر حتى في حسابات ميزانية الدولة، لذا فإنه من المنتظر أن يخرج الاتحاد منتصرا غانما في دور الأبطال، ويشتغل عليه الإعلام المأجور لتسويق أنه قوة فاعلة في البلاد يمكن التعويل عليها، ورغم أن حزب النهضة يفوقهم انتخابيا، إلا أنه يتبين أنه غير قادر على تهدئة الأوضاع لأن الأجنحة الأخرى من يسار وما شابهها مدعمة إعلاميا ومتمكنة من الكثير من الأجهزة النقابية، وبعد أن تشتت حزب النداء حزب الرئيس وابنه وعاد غير قادر على إحداث التوازن وفي بعض النقابات كنقابات التعليم التي شكلت أزمة لم تحل إلى هذا اليوم، حيث عطلت الدروس في بعض الأحيان، والآن تعطل الامتحانات وبدأت بعض المعاهد تشكل قلقا لاندلاع تحركات أقوى… ويبدو أن رئيس الدولة قد حذر من الإضراب العام خوفا من الانزلاق إلى ما يسمى بإضراب 26 كانون الثاني/يناير 1978. كما أن دور النهضة في المشهد السياسي يشكل أيضا توترا مقلقا وغير قادر على السيطرة على الأوضاع، وبالتالي لا بد من العمل على تنظيم قطب آخر من شأنه إحداث التوازن، وما يبين أن الاتحاد يلعب ازدواجية الخطاب أنه اليوم يلوم الحكومة على تعاملها مع صندوق النقد الدولي كخطاب تسويقي للاستهلاك المحلي، علما أنه في وقت مضى كان له السبق في التفاوض مباشرة منذ 1 آب/أغسطس 2017، حيث التقى أمينه العام “الطبوبي” مع الصندوق وكان من مجمل الحديث القسط الثالث المتبقي من القرض…
وجاء في موقع المصدر الإلكتروني بتاريخ 2018/12/28 أن “الاتحاد معني بالانتخابات القادمة وسيخرج من موقف الحياد…” داعيا كل هياكل الاتحاد إلى التعبئة لإنجاح الإضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية يوم 17 كانون الثاني/يناير، مذكرا بأن الأمين العام لاتحاد الشغل والقيادة النقابية تسعى بجدية للوصول إلى حل لمطالب قطاع التعليم الثانوي، وبين أن الاتحاد يساند كل التحركات السلمية “شرط عدم الانزلاق في الفوضى التي تخدم الحيتان الكبيرة والمتخفين وراء الستار”، وأشار إلى أن الاتحاد “وحده يتصدى الآن لأجندات حكومة اليمين المتوحش”، في إشارة إلى تحالف النهضة مع الشاهد، وبالتالي فإنه من المنتظر أن يكون للاتحاد الفضل في توفير المطالب العمالية ثم سيكون هناك مبرر لبعض المسائل المتوقفة كخصخصة بعض الشركات وزيادة تمكين الأجانب من مصالح عدة تحت غطاء الاستثمار وبيع أو رهن بعض المرافق العامة، مع محاولة إتمام بعض الاتفاقات كاتفاقية “الأليكا” وغيرها، ولم يعد هناك احتجاج أو رفض للاقتراض من صندوق النقد الدولي.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سليم صميدة – تونس