Take a fresh look at your lifestyle.

الاستثمارات الأجنبية لن تجلب أي نهضة إلى بلاد الحرمين

 

الاستثمارات الأجنبية لن تجلب أي نهضة إلى بلاد الحرمين

 

 

 

الخبر:

 

أكد نظمي النصر، الرئيس التنفيذي لمشروع مدينة نيوم السعودي العملاق، أن أشهراً قليلة، تفصل فريق عمل مشروع “نيوم”، عن الانتقال لموقع المشروع، والبدء بوضع أولى لبناته الإنشائية، مضيفا “نيوم رحلة طويلة تحتاج إلى التخطيط الدقيق والعمل الدؤوب”.

 

وتبلغ كلفة المشروع 500 مليار دولار، ويقع على البحر الأحمر وخليج العقبة بمساحة إجمالية تصل إلى 26500 كيلومتر مربع، ويمتد من شمال غربي المملكة، ويشتمل على أراض داخل الحدود المصرية والأردنية. موقع سي إن إن 2019/4/14م

 

التعليق:

 

منذ الإعلان عن المشروع في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2017م، أي قبل سنة ونصف من الآن، والحكومة السعودية تعمل وبمختلف الوسائل على تسويق المشروع العملاق على المستثمرين العالميين، وذلك بهدف جمع هذه الأموال والمباشرة بهذا المشروع وبمشاريع أخرى مشابهة قامت الحكومة بالإعلان عنها في أوقات سابقة، ولكن على الرغم من ذلك، فإن شيئا من هذا لم يحدث حتى الآن، بل إن الخبر أعلاه جاء ليرمي الأمر – بما يخص مدينة نيوم – لبضعة أشهر قادمة لعل الحكومة تتمكن خلال هذه المدة من جمع الأموال كيفما أمكن، من المستثمرين أو من غيرهم.

 

إن الملاحظ للمراقبين والمتابعين بشكل دقيق لما تقوم به الحكومة من خطط ومشاريع، أنها وحتى الآن تعاني وبشكل كبير في تنفيذها على أرض الواقع، بل إن المشاهد المحسوس لدى الناس في بلاد الحرمين، أن الأمور على أرض الواقع وفي أمور المعاش والحياة اليومية منذ تولي سلمان قبل أربع سنوات وحتى هذا اليوم، هي في تراجع بطيء ومستمر، وذلك على الرغم من ترقيعات الحكومة في أكثر من موقف وخروجها عن خطتها التي رسمتها لنفسها أكثر من مرة، وذلك حين أحست بخطر الفشل الكبير.

 

إن علامات الفشل والتخبط أكثر من أن تذكر بتفصيلاتها في تعليق مقتضب كهذا، غير أن جميع المؤشرات العامة تؤكد على ذلك، بل إن إجابات الأسئلة البسيطة تؤكد على ذلك، فالخطط مثل 2030 و2020 بدأت منذ أربع سنوات تقريبا، وحتى الآن لا نجد شيئا مما وعدت به، فأين الصناعات العسكرية المحلية التي وعدت بها؟ وأين المشاريع العملاقة التي أطلقت عناوينها في عنان السماء؟ وأين النهضة التعليمية والصحية والمعيشية التي خططت لها؟ وأين الاستثمارات والمدخولات الفلكية التي صورتها تلك الخطط للناس وذلك في مجالات السياحة والضرائب والترفيه والرسوم الحكومية والاستثمارات التجارية الأجنبية؟

 

إن كل إجابات الأسئلة البديهية السابقة يمكن اختصارها بإجابة واحدة فقط وهي “لا شيء يذكر على أرض الواقع”.

 

ولكن، وعلى فرض أن تلك المشارع قد نجحت في جلب مستثمرين، ونجحت في عملية التنفيذ بحسب ما خطط لها، وحققت ما رسم لها من أهداف، فهل يمكن أن تحدث بعد ذلك أي نهضة في المجتمع وعلى أي مستوى كان؟

 

لقد جربت كثير من الدول حول العالم خطط جلب الاستثمارات الأجنبية والمبنية على السياسات الرأسمالية، وقد تعددت تلك التجارب وطالت، فما كان من أمرها إلا زيادة معاناة شعوب تلك الدول، وصعوبة العيش وشقاء الناس، فهل تعمل الحكومة السعودية على تجريب ما قد جرب من قبل وأثبت فشله؟! إن الاستثمارات الأجنبية تلك لا تكون في أحسن حالاتها إلا أداة في يد المستثمرين لسحب مكاسب الشعب وتعبهم لتحويلها إلى بلادهم والتمتع فيها هناك، أما أهل البلد وسكانه الأصليون فلا ينالهم من ذلك كله إلا شقاء العيش وضنكه، وهي في أسوأ أحوالها تكون أداة استعمارية بيد المتحكمين في هذه الاستثمارات من الدول العظمى، لزيادة التركيع والإخضاع والإذلال، والشواهد كثيرة ماثلة أمامنا.

 

إن المستثمرين العالميين حين يبحثون عن مكان يناسب استثماراتهم ويحقق لهم الأرباح الوفيرة والمخاطر القليلة، لا بد أن يكون هذا المكان يتوافق مع طبيعة ما يقتنعون به من أفكار ومفاهيم عن هذه الحياة، وبالتالي فإن المستثمرين في قطاع السياحة والترفيه مثلا، لا يتصورون أن استثماراتهم سوف تكون رابحة إلا إذا كانت النشاطات الترفيهية والسياحية تلك يخالطها الفسق والمجون والخمور والدعارة، وذلك حتى الآن لم يتوفر – كما يريدونه هم – في بلاد الحرمين، ولم يصل إلى الدرجة التي ترضيهم، ولذلك فإنهم لن يقوموا بضخ استثماراتهم ما لم يشاهدوا ذلك بأم أعينهم وأعين الناس جميعا.

 

إن سياسات الحكومة السعودية في بلاد الحرمين، لن تجلب للناس والمجتمع إلا مزيدا من التنازل عن دين الله وبُعدا عنه، وذلك طبعا بحجة الانفتاح والتسامح وجلب الاستثمارات والنهضة الزائفة… إن بلاداً كثيرة من حولنا قد جربت ذلك من قبلنا، فالسياحة والترفيه وفتح أبواب الاستثمار للأجانب، لم تكن نتيجتها على المسلمين يوما إلا الخسران في الدنيا قبل الآخرة، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.

 

إن دولة الخلافة الراشدة القائمة قريبا بإذن الله حين تقيم الإسلام منهاجا ودستورا للحياة، هي الوحيدة القادرة على توظيف مقدرات الأمة المالية والمادية والفكرية، فيما ينفع الناس وينهض بهم، أما ما سوى ذلك فإنه لن يزيد الناس إلا شقاء وضلالاً.

 

قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ﴾ [سورة طه: 124]

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ماجد الصالح – بلاد الحرمين الشريفين

2019_04_16_TLK_4_OK.pdf