Take a fresh look at your lifestyle.

معاناة المرأة المغاربية في ظل حكم الرأسمالية

 

معاناة المرأة المغاربية في ظل حكم الرأسمالية

 

المرأة هي المدرسة وحاضنة الأجيال، فهي التي ستوجد في الأمة من يحمل مشعل القيادة، فيخرجها من ضنك العيش وينهض بها ويعيد لها مجدها وعزها.

 

لذلك ما انفك الغرب الكافر من توجيه سهام الغدر نحو المرأة المسلمة عامة وفي المغرب الكبير خاصة لسلخها من عقديتها بدعوى تحريرها.

 

فالمرأة المسلمة مثال في القوة والصمود والثبات على الحق، فهي السيدة خديجة رضي الله عنها حامية بيضة الإسلام، وسمية أول شهيدة في الإسلام، والخنساء التي أرسلت فلذة كبدها للجهاد في سبيل الله فبشرت باستشهادهم… تاريخ مضيء بأمجاد وبطولات. كذلك كان للمرأة المغاربية العديد من البطولات خاصة خلال فترة الاستعمار العسكري التي تعتبر من أصعب المراحل التي عاشتها، مرحلة وضعتها بين مطرقة الغزو الثقافي الذي جعلها وما زال من أولويات مخططاته وبين سندان الغزو العسكري. فكانت توقد النار فوق قمم الجبال منذرة من زحف جيش العدو وتقوم بدحرجة الأحجار الضخمة في طريق جنود العدو وإرغامهم على التراجع، وكانت ناقلة للسلاح والمعلومات وصانعة للقنابل ومسعفة للجرحى وموفرة المؤونة مساهمة بمالها وحيالها وفعالة ونشيطة في الميدان، واستطاعت ابتكار أساليب ووسائل جديدة في مقاومة المستعمر، ورغم كل هذا لم تشتك ولم يصبها الوهن بل ظلت واقفة في المواجهة غير مبالية بالأخطار والأهوال التي تحيط بها.

 

فسليمة المقوس التي أطلق عليها أجانب “جان دارك العرب” شاركت المجاهدين في ليبيا في حربهم ضد المستعمر الإيطالي، وقد قدمت من جنوب ليبيا ومن مسافات بعيدة وكان سلاحها عصا طويلة تنتقل بها بين المجاهدين تصب فيهم الشجاعة.

 

فقد نقل الكولونيل “كباص” فيما رواه في المحاضرة التي ألقاها بنادي المراقبين بنطلون المغربية سنة ١٩٣٥م تحت عنوان نوادر حربنا التهديئية بخصوص المرأة في المغرب: “ويل للرجل الذي كان يتقاعس عن الذهاب إلى الجهاد حيث كانت المرأة له بالمرصاد، فسواء تعلق الأمر بزوجها أو بغير زوجها فكانت تلبسه لباس النساء وتنكل به وتسبه وتنتف لحيته وتحرمه الطعام والشراب لمدة يومين أو ثلاث”.

 

كما كان للشعر دور مهم في الكفاح ضد المستعمر ونقل المعاناة داخل المعتقلات وبيان جور وظلم المغتصب.

 

من بين الشاعرات اللاتي برزن في هذه الفترة وتركن بصمتهن نذكر أم الخير عبد الدايم من الشاعرات الليبيات وقد اعتقلت على يد المستعمر الإيطالي بسبب دعمها المجاهدين بالمؤن والعتاد.

 

ومن قصائدها في المعتقل “حكمك جاير يا (باريلا)”، تقول فيها:

 

فنى المال ورق العيلة

وتحارب في ناس رعية

ماسكنا في بو مختار

إلي كاد أركان الحربية

 

فإلى جانب الاعتقال تعرضت النساء لشتى أساليب التعذيب والإهانات وجربت عليها أنواع من التجارب البيولوجية والحيوانية، قاست وتحملت وصبرت على الشدائد والمحن.

 

رغم خروج المستعمر من بلاد المغرب وانتهاء حقبة الاستعمار العسكري المباشر إلا أن معاناة الأمة عامة والمرأة المغاربية لم تنتهِ في ظل تحكم الغرب الكافر في هاته الدول وفي ظل تطبيق نظام فاسد جعلنا في تبعية دائمة. فأضحت المرأة المغاربية تعاني الأمرين وذلك نتيجة الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي تتخبط فيها. فعندما فرض النظام الرأسمالي خروج المرأة للعمل تحت مسميات واهية ومخادعة من تحرر الذات وغيرها… كبّدها مذاقا مضاعفة؛ فمن ناحية أكدت وزيرة المرأة بأنه حسب دراسة فإن المرأة تعمل ثماني مرات قدر الرجل وما لذلك من تأثير على الأسرة وتربية الأبناء.

 

فحسب بعض الإحصائيات فإن المرأة الريفية تعاني من التهميش وظلم كبير، فنجد ٦٤,٥٪ من الريفيات يشتغلن بالفلاحة دون عقود عمل وفي ظل ظروف قاسية. كذلك فالمرأة تكون معرضة لكل أنواع العنف والتعذيب، وأكبر دليل على ذلك الإحصائيات التي نشرها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة المتعلقة بنسب العنف ضد المرأة في الفضاء العام في تونس والتي وصلت إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة؛ فإن ٤٠٪ من النساء تعرضن للعنف الجسدي، و٧٥٪ منهن يتعرضن للعنف الجنسي سواء بالفعل أو القول أو الإيحاءات، و٧٨٪ كذلك منهن يتعرضن للعنف النفسي كالسب والشتم وأن الفتيات المتعلمات أكثر عرضة للعنف.

 

في المغرب نجد أكثر من ١٠ آلاف امرأة تعرضن للعنف سنة ٢٠١٧، وفي الجزائر هناك ٥٦٪ من النساء تعرضن للعنف وهناك ٧ آلاف حالة عنف سجلت سنة ٢٠١٨، كما أنها تكون معرضة لانتهاك عرضها والحط من قيمتها وهذا ما تؤكده ظاهرة الإنجاب خارج مؤسسة الزواج في تونس حيث وصلت حالات الولادات غير الشرعية إلى ما بين ١٢٠٠ و١٥٠٠ حالة سنوية أما في الجزائر فقد بلغت ٤٥ ألف حالة سنويا وفي المغرب ٥٠ ألف ولادة بما يقارب ١٠٠ طفل يولد يوميا خارج إطار الزواج، أي في الحرام.

 

كما أن نسبة البطالة في صفوف الإناث في تونس هي ضعفها لدى الذكور حسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء، وحسب تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص لسنة ٢٠١٨ هناك ٢٣٩ ضحية من النساء والفتيات (١٨٧ راشدة و٥٢ ضحية طفلة) من بين ٧٨٠ ضحية لجرائم الاتجار بالبشر.

 

واليوم يرفعون شعارا جديدا هو التمكين الاقتصادي للمرأة، وهو مصطلح استعمل بأسلوب خبيث ومكر كبير فكلمة “تمكين” مذكورة في العديد من الآيات القرآنية وتعني عند عامة المسلمين إعطاء المرأة جميع حقوقها التي منحتها إياها الشريعة الإسلامية.

 

فيدعون زورا وبهتانا أن هدفهم من مسألة التمكين الاقتصادي هو تقليل الفجوة بين المرأة والرجل وزيادة فرص العمل للنساء وإزالة جميع الحواجز التي تقف أمام تقدم المرأة، ولكن غايتهم الحقيقية وراء التمكين الاقتصادي هو استغلالها، فالأمومة لديهم “وظيفة اجتماعية” يمكن لكل من هب ودب أن يقوم بها، وقوامة الرجل للأسرة هو إذلال للمرأة لذلك على المرأة أن تقضي على كل تلك القيود وتخرج للعمل! فتأنيث سوق الشغل استغلالٌ للمرأة ماديا ونفسيا وجنسيا، وهذا ما يخدم مصالح الرأسمالية الجشعة التي هدفها الوحيد هو تكديس الأموال، وتبقى قضايا المرأة مجرد شعارات براقة ترفع في المؤتمرات والمناسبات.

 

إن معاناة المرأة هي نتيجة طبيعية لنظام فاشل لا يرى في المرأة سوى أنها جسد وعرض للبيع والشراء ويقومون باستغلالها أبشع استغلال… هذا واقع المرأة المغاربية الذي بين زيف المفاهيم العلمانية التي يرددونها وكذب حامليها، ولم يعد خافيا على أحد أن العدل في الإسلام وما دونه فهو الظلام والضلال. ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

زينب بن رحومة

 

 

2019_04_16_Art_The_suffering_of_Maghreb_women_under_capitalism_AR_OK.pdf