Take a fresh look at your lifestyle.

تجمع المهنيين واستخدام قداس النصارى لكسب سياسي!!

تجمع المهنيين واستخدام قداس النصارى لكسب سياسي!!

 

تجمع المهنيين على صفحته على الفيس بوك، دعا لإقامة قداس أمام القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة في المنصة رقم واحد، غرب النفق، وذلك في تمام الساعة الرابعة عصراً، وكان من ضمن الدعوة ورود عبارات (يا أبناء الله)!

 

أن يقيم النصارى قداسا يوم الأحد في كنائسهم، ويقدسوا، بل ويشركوا مع الله أحداً، فهذا أمر يخصهم لا يستطيع أحد أن يتدخل فيه، ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾، لكن أن تأتي الدعوة للقداس من تجمع المهنيين، فالأمر فيه نظر، وهو لا يعدو أن يكون استخداما سياسيا للنصارى، ليكون التجمع مقبولاً لدى الغرب، وهو عمل سياسي مرتجل، لخطب ود النصارى، وود الغرب الصليبي، وإظهار التزام التجمع بحرية التدين، التي التزمها نظام البشير قبلهم، وأوغل فيها بحضور أعياد النصارى، ومشاركتهم في كنائسهم، ومع ذلك عاش النصارى، كما المسلمين، تحت الظلم والطغيان والمعيشة الضنكا، جراء تطبيق نظام الحكم الرأسمالي نفسه الذي يدعو إليه تجمع المهنيين والذي لا يقيم وزناً للإنسان، كائنا من كان، بل يستبيح الأموال بالأتاوات، ويوقف الإنتاج ويعرض البلاد لأزمات اقتصادية طاحنة.

 

فقد النصارى، كما المسلمون على السواء، العيش في رحاب دولة إسلامية، تطبق أحكام الشرع الحنيف، فتحسن التعامل مع النصارى، بما وصى به النبي الخاتم  ﷺ  يعيشون بيننا آمنين، تكفل حقوقهم بشرع الله الذي لا يظلم أحداً من الرعية، فقد عاش النصارى في ظل الخلافة ووجدوا العدل والإنصاف، شهد عليه العدو قبل الصديق، يقول المفكر الفرنسي المعروف غوسـتاف لوبون: “إنَّ مسـامحة محمَّد لليهود والنصارى كانت عظيمـة للغاية”، ويقول روبرتسون: “إنَّ المسـلمين وحدهم جمعوا بين الغيرة لدِينهم، وروح التسـامح نحو أتباع الديانات الأخرى فلكلِّ ذي دِين دِينه ومذهبه: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، وقد اشتمل عهد النبي  ﷺ  إلى أهل نجران، أنَّ لهم جوار الله وذمَّة رسول الله على أموالهم وملَّتهم وبيعهم.. وصان الإسلام لهم معابدهم وشعائرهم.

 

ولأهل الكتاب، من بين غير المسلمين الآخرين، منْزلة خاصة في المعاملة، فالقرآن ينهى عن مجادلتهم إلا بالحسنى، ويبيح مؤاكلتهم ومصاهرتهم، وهذا هو أصل التسامح، قال رسـول  ﷺ : «وَلِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي دَارِ الإِسْلامِ حَقُّ الْحِمَايَةِ مِنْ كُلِّ عُدْوَانٍ خَارِجِيٍّ، وَمِنْ كُلِّ ظُلْمٍ دَاخِلِيٍّ» رواه أحمد في مسنده، أمّا ما كان مِن شؤونهم الدّينية، وأحكامهم الشّخصيَّة، كالزّواج والطّلاق، ومأكولاتهم ومشروباتهم، ونحو ذلك، فلا يُتعرّضُ لهم فيها، قال النبي  ﷺ : «مَنْ آذَى ذِمِّياً فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ» وفي عهد النبي  ﷺ : «لِأَهْلِ نَجْرَانَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ رَجُلٌ بِظُلْمِ آخَرَ» رواه الطبراني، ودماء أهل الذِّمة وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم معصومة، ولأهل الذِّمة الحقّ في تولّي وظائف الدولة كالمسـلمين، إلا ما غلب عليه الصبغة الدينية، إذا تحققت فيهم شروط الكفاية والأمانة والإخلاص.

 

وتتجلَّى سماحة الإسلام في معاملة الرسول  ﷺ  لأهل الكتاب يهوداً كانوا أو نصارى، فقد كان  ﷺ  يزورهم ويكرمهم، ويعود مرضاهم، ويأخذ منهم ويعطيهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ النَّبيّ  ﷺ  عاد يهودياً، وعرض عليه الإسلام فأسلم، فخرج وهو يقول: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنَ النَّارِ» (رواه البخاري). ومرَّت به  ﷺ  جنازة، فوقف لها، فقيل له: إنَّها جنازة يهودي، فقال  ﷺ : «أَلَيْسَتْ نَفْساً» (رواه البخاري). وقد أخرج أبو عبيد في كتاب “الأموال”: أنّ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه وجد شيخاً مِن اليهود يسأل النّاس، فقال: “ما أنصفناك، إنْ كنا أخذنا مِنك الجزيةَ في شبيبتك، ثمّ ضيّعناك في كبرك”! ثمّ أجرى عليه مِن بيت المال ما يُصلحه، وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: “أُوصي الخليفةَ مِن بعدي بالمهاجرين الأوّلين خيراً، وأوصيه بذمّة الله وذمّة رسوله  ﷺ : أنْ يوفي لهم بعهدهم، وأنْ يُقاتلَ مِن ورائهم، وأنْ لا يُكلّفوا فوقَ طاقتِهم” رواه البخاري.

 

نعم إن عقد الذمة يوجب مراعاة أنهم في جوارنا، وفي خفارتنا وذمة الله وذمة الرسول  ﷺ ، فيتعين علينا أن نبرهم بكل أمر لا يكون ظاهره يدل على تعظيم الشعائر، التي منها هذا القداس الذي أقيم بين ظهرانينا، متخذا المسيح ربنا من دون الله، ليبارك الاعتصام! ولكن ماذا بعد ذلك، العلمانية التي حكمت طوال تاريخ السودان صريحها على خفيّها، لا تختلف عن العلمانية المطروحة اليوم كحل، فكلهم يظلمون الإنسان بالأنظمة الوضعية التي لا تقيم وزناً لأي دين.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذة/ غادة عبد الجبار (أم أواب) – الخرطوم

 

2019_04_18_Art_The_use_of_the_Mass_of_Christians_to_gain_political_success_AR_OK.pdf